لم يلتفت عبد الإلاه بنكيران رئيس الحكومة المعين لتلك الأحزاب الصغيرة التي تشكلت في إطار تحالف نيابي لمساندة الحكومة المقبلة والمشكلة من أحزاب تحالف الوسط ومجموعة المستقبل، ومع أنها لن تكن تنتظر جزاء ولا شكورا من بنكيران، إلا أنها مع ذلك كانت تتمنى ولو مجرد التفاتة من القابض على جمرة الحكومة، لكي يطمئنها بأن زمن الحوت الكبير قد ولى، وأن حتى الأحزاب الصغيرة يمكن أن تمنح فرصة المشاركة في تدبير الشأن العام ولو من باب الاعتراف بالجميل. هذه الأحزاب لم تكن تنتظر حقائب وازنة، بل كانت ستقنع حتى بأقل من حقيبة، لو أن بنكيران أخذ بنوع من الجدية قرارها بالاصطفاف إلى جانب أغلبيته، مساندة عاملة تشد عضده وهو ما كان سيرفع بنكيران إلى مصاف الحكماء النبلاء الذين لا تغرهم المناصب، لكن الرجل وعكس ذلك فضل الاهتمام أكثر بأغلبيته الوازنة التي ضمنت له رئاسة الحكومة، أما الأحزاب الصغيرة فأملها خاب، وعادت بخفي حنين، وهي تجر أذيال الخيبة، وتنذب حظا عاثرا رماها في طريق رئيس حكومة لا يعرف معنى للتوافقات التي تأسست على أساس الأخلاق السياسية، وليس المصالح الحزبية الضيقة. إنها شكل من أشكال السياسة الرعناء التي لا تعترف إلا بلغة المصالح، ولو أن بنكيران اقتنع بأهمية هذه الأحزاب وقدرتها على خلخلة المشهد السياسي، لهرول هو طالبا مساندتها، لكنه فضل عكس ذلك إطلاق لسانه مادحا حلفاءه الجدد وفيهم كثيرون لا رابط بينه وبينهم، بل إنهم حتى وقت قريب رفعوا السيف لاستئصاله. مصادر متطابقة قالت، إن بنكيران لم يرد على رسالة التحالف النيابي، وهو ما جعلهم يشعرون بنوع من الإحباط، خصوصا أن مبادرتهم كانت أحادية الجانب، وكانوا ينتظرون على الأقل أن يعقد معهم بنكيران اجتماعا للتشاور، مضيفة أن بنكيران تعامل بنوع من البراغماتية السياسية مع تحالفاته التي أقصاها منها كثير من المكونات، موضحة أن موقف بنكيران أثبت فشله السياسي في تدبير حكومته المقبلة، خصوصا أنه رمى بكل بيضه في سلة واحدة يحملها بدلا عنه حزب الاستقلال، الذي يمكن اعتباره الرابح الأكبر من المفاوضات التي جرت لتشكيل الحكومة المقبلة، خصوصا أنه انتزع منصب رئاسة البرلمان الذي يمثل ثقلا سياسيا كبيرا، إلى جانب مجموعة من الحقائب الوازنة التي ستجعل منه قوة سياسية وازنة مستقبلا.