كل من قرأ مقال د. محمد عبد الرحمن يونس بعنوان:(منظومة الفساد والاستبداد) يستنتج أن الجامعة في الوطن العربي تعاني من الفساد بشكل ملف للنظر ، سواء تعلق الأمر بالفساد الاخلاقي او الفساد الإداري. ونفس الامر ذهب اليه د. أحمد محمود القاسم في مقاله بعنوان : ( أساتذة الجامعات، والفساد، في الجامعات العربية). فالدكتور محمد عبد الرحمن يونس يتحدث ، في مقاله ، عن الفساد والتخلف العلمي، الذي ترزح فيه جامعاتنا من المحيط الى الخليج، فكتب في مقاله عن بعض أساتذة بعض الجامعات: ( الأستاذ الجامعي هو عماد البحث العلمي والأكاديمي، وهو الركن الأساس، الذي تقوم عليه العملية التعليمية في الجامعات كلها، وإذا أصبح هذا الأستاذ عاجزا عن أداء مهمته على أكمل وجه، تدنّى مستوى التعليم تدنيا كبيرا في الجامعات ). كما يشير الدكتور في مقاله أيضا، إلى ( أن النظام الإداري المؤسساتي الجامعي، هو الذي يتحكم أيضا في بنية الجامعة وعلاقاتها وقيمها وسير التعليم فيها، وإنّ غياب الديمقراطية وروح الحوار الأكاديمي الخلاّق في جامعاتنا، هي من أهم أسباب تخلّف التعليم الجامعي العالي عندنا. ويبدو من الطبيعي أن يلجأ بعض أساتذة الجامعة ضعيفي النفوس- إلى قبض الرشاوى من الطلاب، لأن إدارة الجامعة هذه، أو تلك، حطمّت فيهم كل نبرة اعتزاز وكرامة وكبرياء نظيفة، فانهاروا وانحرفوا عن طريق المعرفة و الفضيلة، والبحث العلمي المبدع، إلى طريق الرشاوى والفساد، إضافة إلى انحرافات الأساتذة مع طلابهم، وبخاصة مع طالباتهم، إذ تدنّى مستوى الحس الأخلاقي عندهم أيضا، وضعف الوازع الديني ليتورطوا في علاقات جنسيّة أو شبه جنسيّة مع بعض الطالبات. كما أن هناك ظاهرة لجوء بعض أساتذة الجامعة إلى السرقات الأدبيّة، إذ يسطون على أبحاث غيرهم، وينشرونها بأسمائهم، ويجنون منها درجات وتقديرات معينة ) . وهذا الكلام ينطبق على جامعاتنا بالمغرب ، الأمر الذي أكدته تقارير لجان التفتيش والتدقيق لوزارة التعليم العالي أو المفتشية العامة لوزارة المالية ، وان كان مصيرها غير معروف لدي الراي العام لحد الان ، خصوصا وأننا نخشي أن توضع في الرفوف وتنسى كما نسيت العديد من التقارير. فبعض الكليات ، مثلا ،عرفت فسادا مستشريا في التسجيل في سلك الماستر. فقد وقفت إحدى لجان التفتيش علي ملفات طلبة مسجلين دون أن أن يمروا عبر مباراة الانتقاء أو أن تتوفر فيهم الشروط المطلوبة ، ومن بين هؤلاء الطلبة نجد مسؤولين في الإدارة وبرلمانيين استغلوا نفودهم للاستجابة لطلباتهم من أجل تسجيلهم في سلك الماستر، في الوقت الذي نجد مئات الطلبة لم تتاح لهم الفرصة للدراسة ، رغم ان البعض منهم حاصل على "ميزات" خلال سنوات الدراسة الجامعية. وحتى الطلبة المقبولين ، من أبناء الشعب ، فمنهم من اجتاز المباراة باستحقاق بعد جهد كبير ، ومنهم من قدم رشوة لأستاذ ما . ومما يثير الاستغراب ، أن بعض الوزراء أصبحوا ينافسون الطلبة في مباراة الانتقاء للتسجيل في الماستر أو الدكتوراه . علما بأنه ، من المتعارف عليه ، ما تعطى الأسبقية لهؤلاء. وإذا كان هذا النوع من الفساد ذا طبيعة إدارية يتعلق باختلالات وخروقات شملت عملية التسجيل ، فإن هناك فساد من نوع اخر ، إنه أخلاقي ، أشد خطورة على الأول ، يتعلق بتحرشات بعض الأساتذة ببعض الطالبات في الجامعة، بهدف إغوائهن وإسقاطهن بعلاقات جنسية معهن، مقابل أن ينجحهن في الامتحان ويرفع من معدلاتهن في مادتهم أيضا، بحيث يتفوقن على كافة زميلاتهن وزملائهن الطلبة. مع أن مثل هؤلاء الطالبات، لم يكن يتمتعن بالكفاءة والذكاء ولا الجدية بالدراسة. وعلى هذا الأساس فإن الجامعة المغربية تعاني من نوعين من الفساد : فساد إداري وفساد أخلاقي. ويحتاج الأمر الى جرأة من وزير التعليم العالي لاتخاذ اجراءات حازمة ضد الفساد على ضوء تقارير التفتيش . لأننا نريد جامعة مواطنة تضم أساتذة لهم كفاءة علمية و يقدرون المسؤولية الجسيمة الملقاة على عاتقهم في مجال التعليم والمعرفة، و لهم أخلاق عالية ، مترفعين عن الإغراءات المادية أو الشهوات الجنسية. فلا يكفي أن يعلن وزير التعليم العالي عن قرارات إجراء التفتيش أو التقارير المنجزة بخصوصه وأسماء الكليات التي سيقع فيها تفتيش في الأيام القادمة ، بل ننتظر منه جرأة حقيقية لتنقية الجامعة من الفساد من خلال الإجراءات الإدارية أو القضائية .