استقيظت صباحا على نحيب حارق يملأ جنبات الغرفة. بدا لي الأمر غريبا لما اكتشفت أن النحيب ينبعث من الدولاب. فتشت أكثر فوجدت شنطتي قد انزوت في أحدى زواياه و قد اختلطت دموعها بكفيها. اقتربت منها أكثر و سألتها: "ما بك يا شنطتي؟" فردت في حشرجة : " أريد أن أسافر...و بغيت نفوج ..." فلما قاطعتها و حاولت أن أهدأ من روعها, انتفضت في وجهي و بدأت تحشو أغراضي في بطنها و هي تصرخ : " و بغيت نفوج... و بغيت نتسطا.... و بغيت نديفولا.." أمسكت بها بقوة بين ذراعي أضمها قائلا:" أتفهم شعورك . صبري عليا نكمل غير الكريدي ديال رمضان... بالكاد أنهي جملتي هاته حتى شرعت تخبط على فخذيها في هسترية لم أعهدها منها من قبل. فلما مرت إلى خزنتي و لم تجد سوى دريهمات, بدأت تكسر دولابي بشراهة و ترمي أشيائي يمينا و شمالا. فأصابني منها ما أصاب و أدخلني في غيبوبة كانت كفيلة أن تحملني إلي أحد أسرة المستشفى. لما فتحت عيني وجدت شنطتي بجنبي بعينين مبللتين و هي تمدني مما امتلأ بطنها من فاكهة و شربة الخضر. اغرورقت عيناي و هي تحكي عن سعادتها حين اشتريتها و أعتقتها من سجن القيسارية. للاسف تقول أني حملتها من هذا السجن إلى سجن دولابي فيما صويحباتها يجلن في القطارات كما في المطارات. في بحر حديثها دخل علينا الطبيب يحمل وصفة دواء لم يكتب فيها شيء بعد. طمأنني الطبيب على حالتي و خربش بضعة كلمات على الورقة و أمدها إلى الشنطة. فتحت سلسلتها على عجل مطلقة بذلك زغرودة فرح عالية و راحت تقرأ: "خذ سفرا لمدة خمسة عشر يوما إلا بلاد غير بلادك و ستتعافى إن شاء, أما المصاريف فقد تكلفت الأم الحنينة...". قفزت من سريري لأضمها و أرميها إلى الأعلى و ألتقطها قبل أن تسقط و صرخت:" نمشيو نسافرو دابا...نمشيو بلاد البرطقيز حيث التسطية و الهبال و الشراب مدفڭين في الأرض ككرامة المغربي."