أعلن وزير المال والاقتصاد المغربي محمد بوسعيد أن «برنامج براءة الذمة لاسترداد الأموال المحولة إلى الخارج بطرق غير قانونية، والذي تعتزم الحكومة تنفيذه مطلع الشهر المقبل، سيتيح للخزينة العامة في مرحلة أولى تحصيل نحو خمسة بلايين درهم (نحو 600 مليون دولار)، ستساعد في معالجة خلل ميزان المدفوعات الخارجية وتحسين احتياط النقد لدى المصرف المركزي، عبر إعادة توطين أموال تسربت من المغرب في فترات وظروف مختلفة». وكشف في حديث إلى جريدة «الحياة» أن «الأموال المستعادة ستبقى في ملكية أصحابها وبإمكانهم فتح حسابات بالعملات الصعبة في مصارف مغربية بسقف تصل نسبته إلى 75 في المئة من القيمة المحولة، في مقابل تسديد 10 في المئة من الرسوم للذين يملكون ثروات عينية أو عقارات خارج المغرب، بينما تصل النسبة إلى خمسة في المئة للراغبين في إبقاء ثرواتهم بالعملات الصعبة، واثنين في المئة للذين يحولونها إلى الدرهم المغربي». ونفى الوزير «وجود أي لائحة معدة سلفاً في شأن الأشخاص الذاتيين الذين يملكون ثروات خارج البلد، إن لوائح مكتوبة أو تقديرات عن القيمة المالية المهربة، بل ستتم العملية بسرية تامة بين المعنيين ومصارفهم الخاصة، ولن يتم الإخبار بها أو متابعة أي شخص أو مجموعة أعادت استثمار أموالها في المغرب». واعتبر أن «عنصر الثقة هو العامل الأساس لإنجاح العملية، وإقناع هؤلاء الأشخاص بإعادة أموالهم إلى المغرب، الذي يعاني نقصاً في العملات الأجنبية وعجزاً في الميزان التجاري». وتوقعت مصادر وزارة المال والاقتصاد تحصيل الجزء الأكبر من التحويلات المرتقبة من الخطة من دول في الاتحاد الأوروبي، اعتمدت سابقاً برامج مشابهة لاسترداد الأموال، ومنها إسبانيا وفرنسا والبرتغال وإيطاليا، التي بلغت فيها قيمة الأموال المستعادة من الخارج نحو 25 بليون دولار. وتوقع أن تلاقي العملية انخراطاً كبيراً من الأشخاص المعنيين بهذا الإجراء، بسبب التضييق الذي باتت تلاقيه الحسابات الأجنبية غير المقيمة في كثير من الدول الأوروبية التي ترفع السرية عن الأنشطة المالية والنقدية. وأضاف: «سنقدم لهم أفضل ما يحصلون عليه هناك وبإمكانهم إبقاء حساباتهم بالعملة التي يريدون». وكانت مصادر وزارة المال أشارت إلى إمكان استرداد ما بين 2 و4 بلايين دولار هذه السنة من الأموال المهربة، قبل أن يخفض الوزير سقف الطموح إلى مئات ملايين الدولارات. وكانت جهات سياسية وإعلامية وحقوقية انتقدت قرار الحكومة إدراج برنامج «براءة الذمة» في موازنة 2014، معتبرة مبدأ التسامح «تشجيعاً على الفساد والتهريب»، وحماية للذين نهبوا الثروات على مدى عقود وراكموها في الخارج بطرق غير شرعية وبات بإمكانهم اليوم إعادتها بطرق قانونية. وتبادلت الحكومة والمعارضة الاتهامات حول من يملك حسابات وثروات في الخارج ومصدرها وتاريخها وملابساتها. ورفع «حزب الاستقلال» دعوى قضائية ضد رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران الذي لمح في البرلمان الأسبوع الماضي إلى أن بعض أعضاء الحزب قد يملكون حسابات وثروات في الخارج، في إشارة غير مباشرة إلى وزيرة الصحة السابقة التي تتهمها الصحافة باقتناء شقتين في باريس قيمتهما مليونا يورو.