تغطي ثلوج الشتاء الكثيفة مساحات شاسعة من غابات الأرز والصنوبر فوق قمم جبال الأطلس المتوسط في إقليمافران، الذي يجذب في هذه الفترة من السنة الآلاف من السياح الراغبين في ممارسة الرياضات الشتوية. لكن تأمين الغذاء الكافي وسبل مقاومة البرد القارس تشكّل تحدياً كبيراً بالنسبة للفقراء من سكان القرى المجاورة. فالقوانين المعتمدة في الإقليم تضع ضوابط متشددة في البناء للحفاظ على جمالية المدينة التي يسكنها نحو 15 ألفاً. ويعتقد محافظ الإقليم جلول صمصم، في تصريح إلى «الحياة»، أن «جامعة الأخوين» التي أقيمت في نهاية تسعينات القرن الماضي لتكون نسخة عربية من منتجع «دافوس» السويسري، أضفت على افران طابعاً أكاديمياً ودولياً، وجعلت المدينة تحظى باستضافة مؤتمرات عالمية. وساهمت الطبيعة والسياحة في جذب استثمارات مهمة إلى الإقليم باعتباره يضم أكثر الغابات كثافة في شمال إفريقيا، حيث تغطي الأشجار المثمرة ثلث المساحة المقدرة بنحو 330 ألف هكتار. ويتميز الإقليم أيضا بوفرة المياه العذبة ما شجع شركات مغربية ودولية على الاستثمار في تعبئة المياه المعدنية وتسويقها. يذكر أن إفران شُيدت في ثلاثينيات القرن الماضي من مهندسين فرنسيين، وحافظت على تراثها باعتبارها منتجعاً للسياح والأثرياء ومكاناً للهدوء والاستشفاء، يشهد عليه أسد صخري ضخم أقيم قبل 70 عاماً وينسب إليه اسم «أسود أطلس». لكن الإقليم على رغم مظاهره الباذخة، يخفي مشاكل فئات فقيرة ومهمّشة تعيش في سفوح الجبال أو في البلدات المنتشرة على طول سلسلة جبال أطلس، التي تعتبر المصدر الأساس للري والمياه في وسط المغرب. ويضم الإقليم نحو 60 في المئة من سكان الجبال القرويين، ويقل الدخل الفردي بنحو 50 في المئة عن مثيله في المدن الأخرى، وتمثل الطبيعة أهم الموارد من خشب ورعي ومياه لكنها ليست كافية لتأمين سبل العيش، خصوصاً في فصل الشتاء حين تنخفض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر. وتبقى الزراعة المصدر الأساس لتأمين العيش وأهم النشاطات الاقتصادية لسكّان الإقليم، بعد أن غادره الشباب إلى المدن طلباً للعمل وتحسين فرص العيش. وأنفق الإقليم نحو 105 ملايين درهم (12.4 مليون دولار) لمحاربة الفقر في إطار «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية» التي أطلقها الملك محمد السادس عام 2005 للقضاء على الفقر في المناطق النائية بكلفة إجمالية تقدر ب35 بليون درهم تمتد حتى عام 2015. وقال محافظ الإقليم إن «المبادرة مكّنت من خفض الفقر في الإقليم من 51 في المئة إلى 21 في المئة، وأتاحت الدراسة لكل الأطفال ومكّنت الفتيات من مواصلة الدراسة الثانوية بالإقامة في دار الطالبة، التي تأوي الفتيات القرويات»