فقدت السعودية السبت ثاني ولي للعهد في المملكة الغنية بالنفط خلال فترة لا تتجاوز الثمانية اشهر مع وفاة الامير نايف بن عبد العزيز البالغ النفوذ ووزير الداخلية الذي اشرف على محاربة تنظيم القاعدة. وبوفاته، ستشغر ثلاثة مناصب هي ولاية العهد والنائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزارة الداخلية. واعلن الديوان الملكي وفاة الامير نايف في وقت سابق السبت في الخارج مشيرا الى ان "الصلاة على الفقيد ستقام بعد صلاة المغرب في المسجد الحرام في مكةالمكرمة الاحد". وقد اعلن مصدر رسمي قبل ايام ان الامير نايف استقبل في جنيف عددا من المسؤولين السعوديين. وكان الامير نايف غادر جدة في 26 ايار/مايو الماضي لاجراء فحوصات طبية، وذلك للمرة الثانية في غضون ثلاثة اشهر. واكدت المصادر الرسمية ان ولي العهد غادر في اجازة خاصة يجري خلالها بعض الفحوصات الطبية المجدولة، كما يقضي بعض الوقت للاستجمام. وكان الامير نايف توجه مطلع اذار/مارس الماضي الى مدينة كليفلاند الاميركية لاجراء فحوص طبية مجدولة توجه بعدها الى الجزائر في رحلة استجمام. ويشغل ولي العهد ايضا منصب النائب الاول لرئيس مجلس الوزراء. وتولى الامير نايف (79 عاما) اواخر تشرين الاول/اكتوبر 2011 منصب ولي العهد خلفا لاخيه الشقيق الامير سلطان الذي توفي عن 86 عاما في احد مستشفيات نيويورك. والامير نايف الذي واجه متاعب صحية هو من "الاشقاء السبعة" الذين انجبهم الملك المؤسس عبد العزيز من زوجته الاميرة حصة السديري، وابرزهم الملك فهد والامير سلطان الراحلين وامير منطقة الرياض الامير سلمان. وتولى الراحل وزارة الداخلية طوال 37 عاما. وكان العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز عين الامير نايف ولي عهد جديدا بعد اسبوع من وفاة الامير سلطان الذي توفي في نيويورك. وبدا حينذاك ان الامير نايف الاخ غير الشقيق للملك، هو الاوفر حظا لتولي المنصب خصوصا بعد تعيينه نائبا ثانيا لرئيس مجلس الوزراء في آذار/مارس 2009. وكان كثيرون يعتبرون الامير نايف اكثر صرامة من الملك عبد الله (88 عاما) الاصلاحي الحذر، لكنه في الواقع براغماتي رغب في وصف نفسه بانه في خدمة الملك. واحتفظ بوزارة الداخلية طويلا وكان يعتبره السعوديون الاكثر كفاءة في محاربة القاعدة، كما انه قادر على قمع اي حركة معارضة اخرى. واقام ولي العهد الراحل علاقات جيدة في معظم انحاء العالم العربي، لكنه اتخذ موقفا متشددا حيال ايران بسبب عدم ثقته بقادتها. وقال دبلوماسيون غربيون انه لعب دورا مهما في قرار المملكة استضافة الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير، وارسال جنود الى البحرين للمساعدة في ترسيخ الامن اثر تظاهرات قادها الشيعة في المملكة الصغيرة المجاورة. كما كانت لديه علاقات وثيقة مع الاوساط الدينية المحافظة التي تعارض انفتاحا اكبر في المجتمع السعودي. ولد الامير نايف،الولد الثالث والعشرين للملك المؤسس، العام 1933 في الطائف وتولى امارة الرياض عندما كان في العشرين من العمر قبل ان يعين نائبا لوزير الداخلية العام 1970 ومن ثم يتسلم الوزارة ذاتها العام 1975. وواجهت وزارته تحديات الصعود القوي للقاعدة مع تشعباتها في السعودية التي تعرضت لهجمات دامية ضمن موجة من الاعتداءات بين العامين 2003 و 2006. كما حلت اجهزة وزارة الداخلية الهيئات التي تجمع التبرعات لشبكة اسامة بن لادن. وتم تكليف نجله الامير محمد بن نايف برنامج المناصحة لتاهيل المتطرفين العائدين من غوانتانامو، وقد تعرض في اب/اغسطس 2009 لمحاولة اغتيال نفذها احد عناصر القاعدة قادما من اليمن. الا ان وزارة الداخلية قمعت كذلك ناشطين حقوقيين الامر الذي دفع بمنظمات حقوق الانسان الى انتقادها. وكان عدد كبير من السعوديين ابدوا اطمئنانهم تجاه الامير نايف بسبب قدرته على الامساك بالملف الامني بشكل جيد. ودليلا على نهجه المحافظ، كان الامير نايف اعلن للصحافة انه لا يرى فائدة من انتخاب اعضاء مجلس الشورى، وعددهم 150 يعينهم الملك، او من وجود النساء في المجلس. كما دافع احيانا عن رجال هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر المتهمين بسوء التصرف في بعض الاوقات. وفي الاشهر المنصرمة، حرصت اجهزة وزارة الداخلية على عدم انطلاق تظاهرات مماثلة لما يجري في بعض البلدان العربية. وتقدم الامير نايف بالشكر علنا للسعوديين نظرا لعدم تجاوبهم مع دعوات للتظاهر اطلقها ناشطون محليون. وتشرف وزارة الداخلية كذلك على الامن في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، حيث تعيش غالبية الاقلية الشيعية التي تشهد حراكا تعتبره الرياض بايعاز من ايران التي تتهمها بالتدخل في شؤونها الداخلية.