يواجه المغرب صعوبات حقيقية بشأن إحتياطاته من العملة الأجنبية، التي لم تعد تغطي سوى خمسة أشهر من الواردات فقط، ووصل حجم تراجع الإحتياطي من العملة الصعبة إلى ما يعادل 21 مليار درهم خلال سنة. فقد ذكر بنك المغرب أن الموجودات من العملة الأجنبية بلغت، إلى حدود نهاية كانون الأول (ديسمبر) من السنة الماضية، 166.4 مليار درهم، أي بإنخفاض بنسبة 11.82 في المائة، مقارنة مع 2010، ما يعني تراجعاً كبيراً في الرصيد، أو الإيرادات الكافية من العملة الصعبة، لتمويل مصاريف المشتريات من الخارج. وقال عبد اللطيف العطروز، أستاذ المالية العامة بكلية الحقوق بمراكش، أن إحتياطي المغرب من العملة الصعبة في تراجع مستمر، منذ سنة 2007، مشيراً إلى أن "2011، التي تعتبر سنة كارثية بكل المقاييس، شهدت نسبة تراجع كبرى في الاحتياطات، إذ انخفضت بمقدار 12.5 في المائة". وأرجع عبد اللطيف عطروز، في تصريح ل "إيلاف"، أسباب هذا التراجع بالأساس إلى "تفاقم العجز التجاري. فهذا العجز هيكلي بنيوي"، وزاد موضحا "نحن نعلم جميعا أن صادرات المغرب لا تغطي وارداته، إذ في الماضي كانت أكثر من النصف، أما الآن فهناك تراجع خطير في معدل تغطية الواردات بالصادرات". وذكر المحلل المغربي أن "الواردات، في سنة 2011، تفاقمت بشكل كبير نتيجة ارتفاع فاتورة الطاقة، وارتفاع أثمان المواد الأساسية في السوق الدولية، في حين أن الصادرات المغربية، بالرغم من الارتفاع الذي عرفته، فهي طفيفة، بالمقارنة مع التزايد الذي عرفته الواردات". وأوضح أستاذ المالية العامة بكلية الحقوق بمراكش أن "ارتفاع الصادرات المغربية راجع أساسا إلى تحسن آداء المكتب الشريف للفوسفاط، إذ أن صادراته عرفت ارتفاعا ملحوظا". وأكد عبد اللطيف عطروز أنه، بالرغم من تزايد تحويلات المغاربة القاطنين بالخارج سنة 2011، وتحسن صادرات الفوسفاط، إلا أن "وتيرة ارتفاع الصادرات لم تواكب الارتفاع المهول للواردات، ما فاقم بشكل خطير العجز التجاري، وهذا له أثار على احتياطي المغرب من العملات الصعبة". وأشار أستاذ المالية العامة بكلية الحقوق بمراكش إلى وجود عامل أخرى لتراجع هذا الاحتياطي، ومنها نقص تنافسية الاقتصاد المغربي، إذ أن "المنتوجات المغربية لا تستطيع تحقيق اختراقات كبرى على المستوى الدولي، وكذلك تراجع الاستثمارات الخارجية المباشرة، خاصة مع ما يعرفه العملاء الأوروبيين المتعاملين مع المغرب، كإسبانيا وفرنسا وغيرها، من أزمة عالمية، وما له من تأثير سلبي على الاقتصاد الوطني. كما أن السياحة لم تحقق اختراقات مهمة من شأنها رافع احتياطات المغرب من العملة الصعبة". ويلقي ارتفاع سعر النفط بثقله على الميزان التجاري الذي سجل، في شباط (فبراير)، عجزا قيمته ثلاثة مليارات يورو، أي بارتفاع قدره 27.6 في المائة، مقارنة بالسنة الماضية. وكان تقرير صدر، مؤخراً توقع أن يرتفع استيراد الحبوب إلى الضعف خلال سنة 2012-2013، نتيجة موسم زراعي سيء بسبب الجفاف.