يصر الإعلام الجزائري منذ أيام على الترويج لمعطى مفاده أن نيجيريا قررت "التخلي" عن المشروع المشترك مع المغرب المتعلق بخط أنابيب الغاز الرابط بين إفريقيا وأوروبا، مستدلة على ذلك باتفاقها الأخير مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، الأمر الذي يعاكس مخرجات اجتماع لجنة الطاقة والمعادن بالمنظمة والذي نص بصريح العبارة على أن الأمر يتعلق بربط المشروع الغرب إفريقي بنظيره النيجيري المغربي. وأمس الاثنين كتبت صحيفة "الشروق" المقربة من القيادات العسكرية الجزائرية، في مقال بعنوان "كيف يروج المخزن لنصر وهمي في الصحراء الغربية؟" أن قضية الصحراء تشكل "كابوسا للمخزن" في الجانب الاقتصادي، على حد وصفها، "لتسببها في إبعاده عن صفقات عملاقة مع الدول الإفريقية التي تصدر الغاز الطبيعي إلى أوروبا، بسبب مرور الأنابيب عبر أراض متنازع عليها مثل الأراضي الصحراوي، وهو ما حصل عندما مسحت نيجيريا يدها من مشروع مغربي لإنجاز خط إقليمي لأنابيب الغاز مع عدة دول إفريقية أخرى". وللتحقق من مدى مصداقية هذا المعطى، عادت "الصحيفة" إلى البلاغ الصحفي الذي نشرته المجموعة الاقتصادية المذكورة بتاريخ 11 دجنبر 2020 عبر موقعها الرسمي، والذي تلا اجتماع لجنة الطاقة والمعادن الذي انعقد في واغادوغو عاصمة بوركينافاسو، حيث اتضح أن الأمر يتعلق بالفعل بدراسة مشروع الربط الطاقي لدول المنطقة بخط لأنابيب الغاز WAGPEP، وذلك عن طريق توحيده مع المشروع المغربي النيجيري NMGP. وشدد البلاغ على أن هذا المشروع الذي وصفه ب"الفريد من نوعه"، كان من بين توصيات المسؤولين عن القطاع الطاقي بدول غرب إفريقيا خلال اجتماعهم بواغادوغو بتاريخ 10 دجنبر 2020، موردا أن إنشاء خط أنابيب الغاز رابط بين أعضاء "سيدياو" يمثل "فرصة حقيقة للمنطقة"، لذلك أوصى المجتمعون بأخذ تلبية حاجيات جميع تلك الدول بعين الاعتبار أثناء عملية الدمج مع المشروع المغربي النيجيري. وعلى عكس ما يزعمه الإعلام الجزائري، فإن البلاغ أشار بشكل صريح إلى كون الاجتماع اعتمد على العرض التقديمي الذي قدمه المكتب الوطني للهيدروكربونات في المغرب، إلى جانب شركة النفط الوطنية النيجيرية، خالصا إلى أن الدراسات أظهرت أن المشروعين يحققان أهدافا مماثلة تتعلق أساسا بتنمية موارد الغاز في المنطقة وإمداد الدول بالطاقة النظيفة. والغريب أن التقرير الذي نشرته "الشروق" دون الاستناد إلى أي وثيقة أو مصدر معلوم، تجاهل الحديث عن مصير الاتفاق الجزائري مع نيجيريا الذي يعود إلى سنة 2009، والذي فشل وزير الخارجية صبري بوقادوم في إحيائه عندما سافر إلى أبوجا يوم 27 نونبر الماضي للقاء نظيره جيفري أونياما، وهي الرحلة التي هللت لها جريدة "الشروق" في حينها على اعتبار أنها تمثل ضربة للرباط، على اعتبار أن الجانب النيجيري تخلى بالفعل عن مشروعه مع المغرب بسبب مروره عبر الصحراء. وكان الاتفاق الخاص بالمشروع المغربي النيجيري قد رأى النور في 10 يونيو من سنة 2018، ليتم دمجه رسميا هذه السنة بمشروع دول غرب إفريقيا حيث سينطلق أنبوب الغاز من نيجيريا ويمر عبر 12 دولة من دول غرب القارة ويتفرع على الأقل إلى دولتين أخريين، قبل أن يصل إلى الصحراء المغربية ليمر من أقصى جنوب المملكة إلى أقصى شمالها، حيث سيجري ضخ الغاز الإفريقي على أوروبا بعد أن يقطع مسافة تصل إلى 5660 كيلومترا.