بالموازاة مع احتفالات الشغيلة بعيدها العالمي، الذي يعرف في مختلف المدن المغربية مسيرات وتظاهرات الطبقة العاملة، المنضوية تحت يافطات فعاليات نقابية مختلفة، يتوجه سكان مدينة طنجة إلى المنتزهات الطبيعية التي تزخر بها عاصمة البوغاز. وتعد غابة الرميلات، والسلوقية، وغابة الرهراه، والغابة الدبلوماسية، ومنطقة سيدي المناري، وشاطئ أشقار، أبرز الوجهات الطبيعية، التي تفضل الأسر الطنجاوية الخروج إليها للاستجمام بجمالها، وأخذ قسط من الراحة في رحابها الخلاب، بعيدا عن صخب المدينة وروتين العمل. بعدما تهدأ شوارع المدينة من ضوضاء احتجاجات فاتح ماي، في حدىد الساعة الثانية عشرة زوالا، تنطلق حركة الناس أفرادا وجماعات صوب وجهة معلومة، غالبا ما تكون إحدى المناطق الطبيعية التي حبا الله بها مدينة طنجة، حيث يقضي المصطافون اليوم كله بين أحضان الطبيعة الخلابة. غذاء في رحاب الطبيعة ولأن اليوم يتزامن مع منتصف فصل الربيع، حيث يصفو الجو ويعم دفئ لطيف، فإن البهجة لا تكتمل إلا بتناول وجبة الغذاء واللمجة المسائية في الهواء الطلق، إذ يصحب بعض الزوار معهم وجبات منزلية معدة سلفا، أو سندويشات الوجبات السريعة، غير أغلب العائلات تفضل طهي الغذاء فوق حطب الغابة، ولكي تكتمل المتعة بين أحضان الطبيعة لابد من إعداد الشاي بماء العيون الطبيعية المنتشرة بكثرة في غابات مدينة طنجة. وتشكل مناسبة فاتح ماي التي تتزامن ويوم العطلة الإدارية، إحدى المناسبات الرئيسية التي اعتاد الطنجاويون إحياءها بطقوسهم الخاصة، إذ تشكل فرصة لاجتماع العائلات والأسر لصلة الرحم فيما بينهم، في حين يختار الشباب تنظيم رحلات جماعية مستقلة، تضم جيران الحي، أو أصدقاء الدراسة، أو زملاء العمل. طقوس احتفالية على خلاف الأجواء الغاضبة للطبقة الشغيلة من الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، تتميز إحياء احتفالات فاتح ماي بمنطقة سيدي المناري، شرق مدينة طنجة، إحدى أهم الوجهات التي يقصدها سكان عاصمة البوغاز للترويح عن النفس، في مثل هذا اليوم من كل عام، بأجواء مرحة يغلب عليها طابع اللهو والبهجة والمرح. وتتميز هذه المنطقة الشاطئية التي تظافرت فيها كل أسباب الجمال، ما بين خضر الطبيعة وزرقة البحر، ويزداد جمالها أكثر كلما كانت أحوال الطقس صافية، مثل طقس أمس الاثنين فاتح ماي، بوجود قلعة "مالاباطا" التاريخية التي تعود إلى مخلفات الاستعمار الاسباني، إضافة إلى برج المنارة المتواجد على مرمى البحر، يبعث أضواءه في الأرجاء كلما حل الظلام. وبشكل استثنائي يقام مرة واحدة في السنة، سوق تجاري تعرض فيه منتوجات الألبسة العصرية، والمصنوعات التقليدية، وألعاب الأطفال، وأصناف مختلفة من الحلويات المحلية الصنع، أشهرها "النوكٓا" و "حلوة جبالا" المصنوعة من السكر والكاوكاو والزنجلان. طرب ورقص وغناء يستغل أبناء منطقة سيدي المناري مناسبة فاتح ماي، لترويج المصروف اليومي، حيث يتنافس أصحاب المحلات التجارية على حجز مساحات كبيرة من الشريط المطل على شاطئ البحر، لتقديم الشاي المنعنع لفائدة الزوار الذين يفضلون الاستمتاع بالنظر إلى مياه البحر، ومتابعة حركة مراكب الصيد في أعماق "البحر الأزرق المتوسط". على مقربة من برج المنارة، توجد حديقة فسيحة تمتلئ عن آخرها بالزوار، الشباب منهم يتحلقون فيما بينهم على إقاعات الموهوبين منهم في قرع "البندير" و "الدربوكة"، في حين يتحلق الكبار والأطفال حول مجموعة لفن العيطة العيساوية، يرقصون على أنغامها ويرددون مع إيقاعاتها أغاني شعبية محلية. تتكون المجموعة العيساوية المسماة "فرقة الديموس لفن العيطة العيساوية"، من عشرة أفراد جلعم من كبار السن، اعتادوا منذ أزيد من عشر سنوات مشاركة في احتفالات ماي بطريقتهم الخاصة. يقول عبد القادر بنقليعة، رئيس الفرقة العيساوية في تصريح لليوم 24، "هاد الحرفة هي خدمتنا منذ سنين، نحيي المناسبات الاجتماعية، والحفلات الدينية، ونشارك أفراح الشغيلة في فاتح ماي بطريقتها الخاصة، الناس كيفوجو على راسهم وحنا كنترزقو الله، شي كيعطي خمسة دراهم شي عشرة دراهم، والله يخلف على الجواد"، يردف المتحدث.