بعد أن اشتدت الاحتجاجات التلاميذية، خرج وزير التربية الوطنية رشيد بلمختار عن صمته ليعلن في ندوة صحافية أمس الأربعاء أن برنامج مسار ليس هو المشكل الحقيقي في التعليم المغربي بل يرى أن أزمة التعليم تكمن في تدهور المستوى الدراسي للتلاميذ. في الوقت الذي دعت الشبيبة المدرسية، المحسوبة على حزب الإستقلال، إلى مسيرة تلاميذية ضد برنامج مسار يوم 9 فبراير المقبل بالرباط، خرج رشيد بلمختار، وزير التربية الوطنية، في ندوة صحفية، أول أمس، بمقر وزارته، للقول إن المشكل «ليس في برنامج مسار، بل في تدهور المستوى الدراسي للتلاميذ»، مؤكدا أن هذا البرنامج الذي أثار احتجاجات واسعة، الهدف منه «تكريس الحكامة التربوية». تحرك الشبيبة المدرسية المحسوبة على حزب حميد شباط، يأتي بعد دعوات من بعض فروع الجمعية الوطنية لمديري الثانويات العمومية بالمغرب، التي يرأسها عبد الإله الزيداني المقرب من الإتحاد الاشتراكي، إلى مقاطعة تنزيل برنامج مسار في المكون المتعلق بتقويم التلاميذ(النقط، الامتحانات..). لكن رغم أن «الجهات السياسوية» التي أشارت إليها وزارة التربية الوطنية على أنها وراء تحريك التلاميذ للاحتجاج ضد «مسار» باتت معلومة، إلا أن الوزير بلمختار وكذا الكاتب العام للوزارة رفضا اتهام أي طرف علانية، والانخراط في أي جدل سياسي. الوزير قال ردّا على الشعارات التي طالبت برحيله: «أنا في آخر حياتي، وليست لدي طموحات سياسية، كما أني لا أنتمي لأي حزب سياسي»، مشيرا إلى أن «المشكل ليس في أن أرحل، بل في مسار هؤلاء التلاميذ، الذين يؤلمني تدهور مستواهم الدراسي». وتجنب الكاتب العام للوزارة بدوره توجيه الخطاب إلى الجمعيتين المذكورتين اللتين دعتا إلى مقاطعة البرنامج والغضب ضده. لكن من خلال الندوة تبين أن البرنامج الذي هو عبارة عن منظومة معلوماتية كاملة تهدف إلى إرساء «طرق عمل جديدة بالمؤسسات التعليمية»، تبدأ بمرحلة الدخول المدرسي(ضبط التسجيل وإعادة التسجيل، الإنتقالات، التوجيه، نتائج نهاية السنة، بطاقة التلميذ، عمليات التتبع..) إلى مرحلة تقييم التلميذ(التقييم، بيانات النقط، تدبير الامتحانات..)، إلى ضبط البنيات التحتية والموراد البشرية(تدبير استعمالات الزمن وقاعات الدرس، الإحصاء، التدبير التربوي للموارد من خلال ضبط الغيابات، التكليفات، الساعات الإضافية..)، ثم مرحلة رابعة تتعلق بضبط الحياة المدرسية، وتقييم التعلمات من خلال(تدبير الزمن المدرسي، الدفتر الإلكتروني، الصحة المدرسية، الرياضة، التوجيه والإعلام، الدعم الاجتماعي، وبرنامج تيسير..). إذ يهدف البرنامج إلى توفير قاعدة معطيات يمكن تتبعها بسهولة عبر الوزارة مركزيا، ومن قبل كل المسؤولين المعنيين، فإنه سيكشف عن كثير من مناطق الظل في المنظومة التعليمية، على مستوى التلميذ مثلا. سيُمكن الوزارة من التوفر على قاعدة معطيات خاصة بكل تلميذ يمكن تتبع مساره الدراسي من أول يوم حتى تخرجه، لكنه سيُمكن لأول مرة الآباء من تتبع أبنائهم عبر الأنترنيت سواء فيما يتعلق بالنقط التي يحصلون عليها، أو المعدلات، وأيضا غياباتهم المبررة وغير المبررة، وحتى سلوكهم داخل المدرسة، وكل الملاحظات التي يمكن أن تدخل إلى سجلهم الإلكتروني. أما بالنسبة للأستاذ، فإن البرنامج يوفر للوزارة مراقبة الأساتذة من بعيد؛ أداؤهم في القسم، الفروض والمراقبة المستمرة، أو التدريس في القطاع الخاص بدون رخصة، أو التلاعب بالساعات الإضافية، وأيضا منح نقط غير مستحقة لهذا التلميذ أو ذاك. فالبرنامج يهدف إلى تكريس الشفافية والنزاهة في المؤسسات التعليمية العمومية والخاصة على السواء. وهو الهدف نفسه الذي يسعى إلى تحقيقه على مستوى المدراء، الذين أصبحوا هم منسقوا البرنامج على مستوى مؤسساتهم، قد يضيف لهم أتعاب جديدة، لكن لصالح تكريس مبادئ الشفافية والمراقبة والمحاسبة. الوزير بلمختار كشف أن هذا البرنامج بدأ قبل مجيئه، لكنه رأى فيه برنامج جيد يستحق الدعم. وأبرز أن بداية إعداد البرنامج كانت في سنة 2010، وعلى يد خبراء مغاربة من الوزارة، حيث كلّف المشروع 4 ملايين درهم. وحسب مصدر مطلع، فإن التفكير في البرنامج بدأ سنة 2008، أي على عهد حكومة عباس الفاسي، إذ قبل ثلاث سنوات استطاعت الوزارة نشر نتائج البكالوريا –مثلا- على موقعها الإلكتروني، كما شارك رجال التعليم في الحركة الانتقالية عبر بوابة إلكترونية كذلك. وطبقا لوثيقة وزعتها الوزارة في الندوة الصحفية، فإن تنزيل البرنامج كان في أبريل 2013، أي على عهد الوزير محمد الوفا، بدأ تحيين المعلومات الخاصة ب6.5 مليون تلميذ، وتم ذلك بنسبة 100% خلال الدخول المدرسي الماضي، كما تم مسك أكثر من 96 مليون نقطة منذ انطلاق المكون الثاني الخاص بتقييم التلاميذ خلال منتصف دجنبر الماضي. بعدما بدأت الاحتجاجات التلاميذية ضد برنامج «مسار» في التراجع، خرج وزير التربية الوطنية، رشيد بلمختار، في ندوة صحفية أمس بالرباط، للقول: «إن المشكل ليس في برنامج مسار، بل في تدهور المستوى الدراسي للتلاميذ، وكيف يمكن تحسينه».