بخلاف بعض القراءات التي ذهبت إليها بعض النخب القانونية والإعلامية، بخصوص سيناريوهات المشهد السياسي في حال فشل رئيس الحكومة المعين، عبد الاله بنكيران، في جمع أغلبيته الحكومية، أكد المتخصص في العلوم الإدارية والمالية، عبد اللطيف بروحو، أن هناك ثلاث آليات دستورية للخروج من الأزمة السياسية لتشكيل الحكومة إذا وُجدت. وأوضح أنه إذا استحال على بنكيران تشكيل حكومته، فإنه سيكون عليه دستورياً تقديم استقالته للملك، واللجوء لإحدى الآليات الثلاث، وهي إما حل مجلس النواب والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، أو تعيين شخص آخر من نفس الحزب المتصدر لنتائج الانتخابات، وذلك في إطار صيانة الاختيار الديمقراطي الذي يخوله الدستور للملك، أو إعادة تعيين بنكيران مرة أخرى رئيساً للحكومة، وتكليفه بتشكيل أغلبية برلمانية وحكومية تقوم على أسس جديدة، لم تكن مطروحة. ولفت المتحدث ل " الْيَوْمَ 24″، إلى أن الدستور يمنح هذه الخيارات الثلاثة فقط، وليس ما ذهب إليه البعض، الذين أشاروا إلى أن الدستور يعطي الحق للملك بتعيين شخص من الحزب الذي حصل على الرتبة الثانية في الانتخابات لتشكيل الحكومة. وقال بروحو، إن "الخيارات الدستورية، إذا ما فشل بنكيران في تشكيل ائتلاف حكومي، متعددة، وليست مقتصرة على حالة واحدة بعينها، كما يتوهم البعض". واعتبر أن اللجوء لإحدى هذه الخيارات مسألة تتعلق بالتقدير السياسي، وهذا الأخير مخول للملك بصفته رئيس الدولة والساهر على صيانة الاختيار الديمقراطي. وأضاف أنه يمكن للفاعل الحزبي أن تكون له مواقف سياسية من هذا الخيار أو ذاك، دون أن يؤدي ذلك "للفوضى الدستورية". ورفض الباحث فكرة تشكيل الحكومة بأقلية عددية. واعتبر أن من يدعو إلى هذه الفكرة يجهل بالأسس القانونية والدستورية لاشتغال الحكومة والبرلمان. من جانب آخر، أبرز بروحو أنه في إذ لم تحصل الحكومة على ثقة البرلمان، فإن الدستور يفتح الباب أمام اللجوء إلى الآليات الدستورية الثلاث السالفة الذكر. وأوضح المتخصص في العلوم الإدارية والمالية، أن الحكومة يجب أن تنال ثقة البرلمان المعبر عنها، بتصويت الأغلبية المطلقة لأعضائه على البرنامج الحكومي، وليس أقلية عددية أو أغلبية نسبية، وهو نفس النصاب الدستوري المطلوب أثناء اشتغال الحكومة، إذ ستحتاج لأغلبية مطلقة عند التصويت على مشاريع القوانين التنظيمية، ولا يمكن بالتالي أيضاً تصور حكومة تشتغل بدون هذا النصاب الدستوري المتطلب عند التصويت على البرنامج الحكومي. حسب بروحو. وأكد المتحدث ذاته، أن عدم الحصول على هذا النصاب الدستوري في التصويت على البرنامج الحكومي، يعيد الحكومة المعنية لنقطة الصفر، ولا يجعل لها أساساً دستورياً لممارسة السلطة التنفيذية، ويجعلها في هذه الحالة أيضاً في موقع حكومة تصريف الأعمال، وذلك طبقاً لأحكام الفصل 87 من الدستور ومقتضيات المادة 36 من القانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة. وتابع بروحو، أنه "حتى لو امتنعت المعارضة عن التصويت على البرنامج الحكومي، فإن الحكومة المشكلة يتعين أن تحوز على الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب وليس فقط الأغلبية النسبية". وأوضح المتحدث، أنه "لو افترضنا مثلاً أن البرنامج الحكومي نال 190 صوتاً بمجلس النواب، وصوت ضده فقط عشرة نواب أو عشرين أو مئة، فإن ذلك يعتبر رفضاً للبرنامج الحكومي، ولا تعتبر الحكومة عندها منصبة، بل تتحول إلى حكومة تصريف الأعمال". وشدد على أن المطلوب في هذه الحالة، "الحصول على أصوات الأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس النواب لصالح البرنامج الحكومي، وهو ما يتطلب بالضرورة وجود أغلبية برلمانية واضحة للحكومة عند تشكيلها".