عصبة الأبطال الإفريقية للسيدات (المغرب 2024).. تي بي مازيمبي يعبر إلى النهائي على حساب إيدو كوينز (3-1)    جزائريون ومغاربة يتبرؤون من مخططات النظام الجزائري ويُشيدون بدور المغرب في تحرير الجزائر    أخنوش: المغرب المصنع الأول للسيارات في إفريقيا ونصدرها نحو 70 وجهة في العالم    بورصة البيضاء تنهي التداولات ب"الأخضر"    وضع الناشط المناهض للتطبيع إسماعيل الغزاوي رهن تدابير الحراسة النظرية    أخنوش يكشف نتائج الصناعة الوطنية ويبرز مواكبة الحكومة للاستثمارات    تألق دياز يلفت أنظار الإعلام الإسباني    أونشارتد: أحدث العروض التوضيحية المفقودة تراث عرض الكنز الصيد ديو في المزامنة    ليدي غاغا سحبت قبالة واحدة من أفضل عروض الوقت الحقيقي من أي وقت مضى    "اليونسكو" تدرس إدراج الحناء في قائمة التراث الثقافي غير المادي    انخفاض أسعار اللحوم الحمراء في المغرب بعد بدء عملية الاستيراد    درك أزمور يحبط محاولة للهجرة السرية    جدول أعمال مجلس الحكومة المقبل    حكيمي يبتغي اعتلاء العرش الإفريقي    لافروف يحذر الغرب من النووي الروسي    مقتل جندي إسرائيلي في معارك لبنان    الأمطار تعود إلى الريف وسط انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة    ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى منطقة الفيضانات بعد الغضب الشعبي    للا مريم تترأس حفلا في ذكرى برلمان الطفل    وزارة الصحة الروسية تطلق اختبارات سريرية لعلاج جديد لسرطان الدم    حادث مأساوي على طريق القصر الكبير – العرائش ينهي حياة طالب جامعي    جماعة الزوادة في قلب التنمية الاجتماعية و الاقتصادية الحقيقية بالإقليم    الذهب يلمع عند أعلى مستوى في أسبوع مع تراجع الدولار    محاولة اغتيال وزير العدل الكندي السابق الداعم لإسرائيل    مساء هذا الثلاثاء في برنامج "مدارات" : لمحات من السيرة الأدبية للكاتب والشاعر محمد الأشعري    النرويج.. القبض على ابن ولية العهد بتهمة الاغتصاب    الكاف يبعد رحيمي من قائمة ترشيحات جائزة أفضل لاعب أفريقي    من حزب إداري إلى حزب متغول    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    العرائش.. نزاع حول قطعة أرضية بين سيدة وشقيقها ينتهي بجريمة قتل    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    وزارة الداخلية تخصص 104 مليارات سنتيم لإحداث 130 مكتبًا لحفظ الصحة    ولي العهد السعودي يهنئ الملك بمناسبة عيد الاستقلال        الركراكي: الصبر والمثابرة أعطيا ثمارهما وتسجيل 26 هدفا لم يكن بالأمر السهل    حاتم عمور يصدر كليب «بسيكولوغ»    شبكة تسلط الضوء على ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب    أربع جهات مغربية تفوز بجائزة "سانوفي" للبحث الطبي 2024    الشاعرة الروائية الكندية آن مايكلز تظفر بجائزة "جيلر"    تسجيلات متداولة تضع اليوتيوبر "ولد الشينوية" في ورطة    اتهمتهم بمعاداة السامية.. عمدة أمستردام تعتذر عن تصريحات تمييزية بحق مسلمي هولندا    في تأبين السينوغرافيا    ما هي الطريقة الصحيحة لاستعمال "بخاخ الأنف" بنجاعة؟    فريق بحث علمي يربط "اضطراب التوحد" بتلوث الهواء    صحتك ناقشوها.. إضطراب النوم / الميلاتونين (فيديو)    إندرايف تغير مشهد النقل الذكي في المغرب: 30% من سائقيها كانوا يعملون بسيارات الأجرة    مجموعة ال20 تعلن وقوفها خلف قرار وقف إطلاق النار في غزة    جمعية الإمارات لطب وجراحة الصدر تضيء برج خليفة في حملة توعوية لمكافحة مرض الانسداد الرئوي المزمن    نشرة إنذارية: زخات رعدية ورياح عاصفية في عدد من أقاليم المملكة    زنيبر: الاضطرابات الناجمة عن كوفيد-19 زادت من تفاقم الآثار "المدمرة بالفعل" للفساد    شركة سوفيرين برو بارتنر جروب في قطر تعلن عن انضمام مدير عام جديد إلى فريقها، لقيادة مسيرة التوسع وتعزيز التعاون الاستراتيجي، في خطوة طموحة تنسجم مع رؤية قطر الوطنية 2030    عرض الفليم المغربي "راضية" لمخرجته خولة بنعمر في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التازي: التقيت العماري وهذه تفاصيل ما جرى بيننا حول انتخابات 7 أكتوبر
نشر في اليوم 24 يوم 02 - 11 - 2016

يكشف رجل الأعمال كريم التازي، في هذا الحوار، علاقة رجال الأعمال بالسياسة، ولقائه بإلياس العماري، ونوعية نشاطه داخل فيدرالية اليسار.
أصدر البنك الدولي الأسبوع الفائت تقريرا حول مؤشر مناخ الأعمال في المغرب، ومنحه سبع نقاط إضافية.. باعتبارك رجل أعمال، هل ترى أن مناخ الأعمال في البلاد تحسن كما يشير إلى ذلك البنك الدولي؟
التصنيف الذي يجريه البنك الدولي لا ينطوي على الدقة المطلوبة، وبعض النقاط المضافة لا تعني أي شيء، وبالنسبة إليّ، فإن موقع المغرب لم يتغير في التصنيف بغض النظر عن تلك النقاط السبع. أنا رجل أعمال، وأعرف أنني إن كنت أملك شركة كبيرة ومهيكلة لكن من دون أن يكون من بين خططي إطلاق مشاريع جديدة، فإن أعمالي ستسير بشكل عادي، لكن إن كانت لدي مشاريع جديدة تتطلب رخصا، فإنني سأتعرض إلى صعوبات. وفي السنين الأخيرة، فقد تزايدت العراقيل الإدارية بشكل أكبر، وأصبحت الرشوة متفشية أكثر بين الطبقات الدنيا والمتوسطة وفي صفوف الموظفين الإداريين. وما يهمنا بالأساس في المغرب هو المناخ الذي تبحث عنه الشركات الصغرى، لأننا في هذه الحالات نخضع كافة السياسات العامة في التشغيل وتطوير إمكانات وفرص الشباب للاختبار. إن أي شاب في عمرك مثلا، سيجد نفسه منهكا بوضع إداري سيئ، بل ويصبح مستحيلا بالنسبة إليه بغض النظر عن إمكاناته وحماسته، أن يخلق شركة جديدة. إذا كان لابد من الحديث عن مناخ الأعمال، فإني أقول إن ما يحدث في البلاد لا يسمح بفعل ذلك بتاتا. وحيثما تلتفت سواء نحو الإدارة أو الأبناك، فإنك ستجد نفسك أمام جدار منيع. لن يمنحوك حتى الرخص، وحتى أولئك الذين تفترض وظيفتهم أن يستقبلوك لشرح ما يقع لن تجدهم في مكاتبهم. يجب التمييز إذن بين حالات الشركات الكبيرة التي تواجه صعوبات زادت بعض الشيء عما كان عليه الأمر من قبل، لكنها تستطيع المقاومة إن لم تكن في حاجة إلى رخص أو لم تجد نفسها في دوامة المحاكم، وبين الشركات الصغيرة أو الجديدة. إن هذه الطبقة من الوحل البيروقراطي تعرقل الاقتصاد المغربي من دون شك، وتدفع بعدد من الناس إلى العمل في القطاع غير المهيكل، ونصبح إزاء دائرة مفرغة. إن ما تضمنه تقرير البنك الدولي لا يجد أي أدلة واقعية عليه، وهو على كل حال، مجرد تصنيف نظري يجري في المكاتب المكيفة، ولا يستند على بحث ولا على استطلاع رأي. ربما تحسن ترتيب المغرب فقط، لأن دولا أخرى هبطت أكثر في هذا التصنيف.
لكن السلطات تعلن باستمرار عن إطلاق وتنفيذ إجراءات لمكافحة الفساد وكل ما من شأنه إفساد مناخ الأعمال والاستثمار.. هل تعتقد أن فعالية كل تلك الإجراءات والتدابير كانت صفرا؟
فكرتي أن الإدارة في البلاد هي بمثابة (غول) لا يستطيع أحد أن يتحكم فيه. إنها (غول) يخدم مصالحه فقط. الحكومة لا تتحكم في الإدارة، والبيروقراطية الإدارية في المغرب لا تهتم بمن هو الوزير، كما أن الإداريين لا يشعرون بأي تغيير إن تبدل الوزير، فهم مثل بلاد لديها حكم ذاتي. تخيل معي أنهم لن يمنحوك الرخص مثلا، إلا إن كانت لديهم مصلحة فيك. أضف إلى ذلك، أن هناك جيشا من الموظفين لا يملكون الكفاءة المناسبة، وكثيرا ما تطرح عليهم حالات لا تتطابق تماما مع القانونية المتوفرة عندهم، لكنهم بدل أن يجتهدوا للبحث عن صيغ هدفها الحفاظ على الاستثمار، فإنهم يغلقون الملف ويطلبون منك المغادرة. لقد تكونت ثقافة في الإدارة مفادها أن الترخيص للمشاريع لا يولد سوى صداع الرأس، بينما قتلها في مرحلة المساطر، يكفيك من كل المشاكل.
هؤلاء الموظفون يخضعون لمسؤولين إداريين يملكون سلطة سياسية، ومعالجة بعض الملفات قد لا تكون مجرد أعمال بيروقراطية، بل قد تنطوي أحيانا على قرار أو تقدير سياسي يتملكه أو يوحى به إلى المسؤول الإداري..
المشكلة من وجهة نظر سياسية يمكن تلخيصها في أن المسؤولين السياسيين ليست لديهم أي سلطة على الجهاز الإداري. إن الأمر أشبه بقيادة شاحنة، لكن مقطورتها تسير في اتجاه غير ما يريده السائق. إن الأشخاص الذين يملكون النفوذ يمكنهم أن يتصلوا بوزير أو بشخصية مهمة ليفك عقدة مشاكلهم مع الإدارة، لكن من لا يملك القدرة على الوصول إلى هذه المستويات، فإن مشاريعه ستتعرض للضياع، وإذا كان بمقدوره منح رشاوى، فإنه يتعين أن يفعل ذلك، لكن في بعض الحالات، حتى الرشاوى لا تنفعك، لأن مشكلتك أكبر من عرقلة إدارية عادية.
بالفعل هناك رجال أعمال يشتكون من بعض الاختلالات والعراقيل، وقد رأينا رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM) مريم بنصالح، وهي تعلن قبيل يوم الاقتراع بأن مصالح رجال الأعمال تعرضت لكثير من الضرر في ولاية حكومة بنكيران.. كيف إذن، يمكن أن نحمل المسؤولية لحكومة فاقدة للسيطرة على الإدارة كما تقول أنت؟
تفاقم المشاكل يمكن ربطه بحكومة بنكيران، لكن الحالة العامة للأعمال وهي تتدهور غير مرتبطة بمن هو موجود في الحكومة. يمكن القول إن تدهور مناخ الأعمال مستمر، ولا فرق بين حكومة عباس الفاسي ومن جاء بعده. هناك استقلالية للإدارة عن الحكومة، وما أراه هو أن الأمور تسوء أكثر فأكثر، وليست هناك علاقة سببية بحكومة بنكيران. لكن ينبغي القول إن بنكيران وحكومته لم يقوما بأي إجراءات للتقليل من الصعوبات القائمة. لم نشعر كرجال أعمال بأن الحكومة تفعل شيئا. إن الناس الآن يتحدثون عن رخص البناء، وسواء أكان نبيل بنعبدالله أو توفيق حجيرة، فإن الواقع هو هو. لقد أصبح حصولنا على رخصة للبناء وكأننا فزنا في مسابقة "لوطو". إننا لا نصدق حصولنا عليها وكأنها معجزة تحققت. إننا نقوم بأعمالنا وكلنا خوف من أن يسقط شيء مفاجئ فوق رؤوسنا: لجنة أو تفتيش أو ضريبة ما.. إذا مر عليك يوم من دون أن يحدث لك شيء من هذا، فأنت محظوظ.
لكن لابد أن يكون هناك قرار سياسي..
لا أرغب في الحديث عن حالات محددة.. ربما يتعلق الأمر برجال أعمال "راسهم سخون" كما يُقال. لكن دعنا من هؤلاء، إنني أتحدث عن رجال أعمال لا يفتحون أفواههم بتاتا في الأمور السياسية. يحدث هذا في حوادث انهيار العمارات السكنية، بحيث إن الإدارة تغلق باب التراخيص بشكل نهائي خشية تعرضها لمحاسبة ما.
بعض رجال الأعمال كانت لديهم طريقة في التفكير لتجاوز هذه العقبات، واعتقد الكثير منهم أن الانضمام أو دعم حزب معين كحزب الأصالة والمعاصرة مثلا، قد ينفعهم في تجاوز الإشكالات المرتبطة بتدبير أعمالهم.. هل ينفعهم ذلك حقا؟
لم أر في حصول ذلك شيئا جديدا. ما تغير هو اسم الحزب فقط، فهذه ظاهرة قديمة في البلاد. في وقت مضى، كان رجال الأعمال يلجؤون إلى التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الدستوري، واليوم يتوجهون صوب حزب الأصالة والمعاصرة. لكني لا أرى أن ذلك بمثابة اكتشاف مذهل. وما يهمني في طرح هذه المسألة، ودعنا من الحديث عن قضية الشعبي، هو الوقوف عند ظاهرة الأعيان أنفسهم، لأن هؤلاء سواء كانوا في الحركة الشعبية أو "البام" أو التقدم والاشتراكية، فإنهم لا يمثلون سوى سرطان للحياة السياسية، فهم يتقدمون للانتخابات فقط، لخدمة مصالحهم الشخصية، الأمر الذي يجعل المواطن فاقدا الثقة في المؤسسات بصفة عامة. إن ظاهرة الأعيان تساهم بشكل رئيسي في هشاشة الدولة وليس رجال الأعمال الذين يتجهون إلى الأحزاب.
لكن السلطات في الوقت نفسه عارضت توجه بعض رجال الأعمال للترشح باسم حزب العدالة والتنمية، وقد رأينا ذلك في حالات في سيدي قاسم وتاونات، بمعنى أن السلطات كانت لديها موقف من انخراط رجال الأعمال في السياسة، وليس وكأن رجال الأعمال تحركوا من تلقاء أنفسهم؟
لقد قرأت عن مثل هذه الحالات في الصحف، لكن لنأخذ حالتي كنموذج لرجال الأعمال: لقد ساندت نبيلة منيب، ودعمت فيدرالية اليسار الديمقراطي.. لم يعارض أي أحد على ذلك، ولم يأت أحد ما ليكلمني في ذلك.
ألم يقترب منك أي أحد من المسؤولين السياسيين في البلاد كأولئك الذين يسيرون حزب الأصالة والمعاصرة طلبا لدعم أو تمويل؟
لا، لم يحدث ذلك. لا يمكن أن أكذب بخصوص هذا. لقد قالوا إني سأضخ أموالا هائلة في حملة منيب، وسأمنح أموالا لموقع "الأول" الذي يديره سليمان الريسوني لدعم حملة فيدرالية اليسار الديمقراطي، وكانت ضجة قد وقعت حول هذا الأمر. لقد دعمت حملة منيب، ودعمت على الأقل معنويا حملة عمر بلافريج ومحمد الساسي، ولم يأت أحد ليعترض على ذلك، بالرغم من أن خطاب منيب كان قويا وقاسيا. حالات رجال الأعمال الذين يقال إنهم كانوا سيترشحون باسم البيجيدي وجرى منعهم، فأنا لا أعرفهم. وعلى كل حال، فأنا فقدت الثقة في حزب العدالة والتنمية. لم أعد قادرا على تصديقهم بتاتا. لقد رأيتهم وسمعتهم وهم يطلقون الكذب ضدي. سيصعب عليّ إذن أن أصدقهم وهم يعرضون حالات لرجال أعمال يزعمون أنهم ممنوعون من الترشح باسمهم. ودعني أقول لك إني التقيت بإلياس العماري في فترة الانتخابات، وهو يعرف بأني أدعم منيب، وتحدثنا مطولا في موضوع الانتخابات، لكنه لم يعترض على موقفي.
لقاؤك بإلياس العماري كما قيل لي، ربما كان ينطوي على عرض لدور مفترض كان ينبغي أن تقوم به أنت في حملة حزب الأصالة والمعاصرة.. ماذا بالضبط كانت مضامين حديثكما؟
المقابلة كانت عادية.
وهل كانت بالصدفة؟
نعم، كانت بالصدفة. إلياس العماري وأنا لدينا أصدقاء مشتركين ينشطون بالمجتمع المدني، وسنحت إحدى المناسبات بأن نلتقي. لم تكن المحادثات حصرا على موضوع الانتخابات، بل كانت بخصوص المناخ السياسي في البلاد أيضا. وأخبرت إلياس بأني أدعم فيدرالية اليسار الديمقراطي.
هناك مشكلة في بعض العقول عندما تُحوِّل مثل هذه اللقاءات إلى نوع من التآمر أو التخطيط لفعل شيء ما. يصعب عليهم تصديق أن شخصين التقيا فقط، لتبادل الآراء. إني مستعد كي ألتقي أي طرف كيفما كان. والكثيرون يعيبون عليّ أن أستجيب لدعوات جماعة العدل والإحسان. إنني عندما التقيت بإلياس العماري، فقد اقتصر الأمر على تبادل الآراء، وفي نهاية المطاف، عدت أنا إلى فيدرالية اليسار الديمقراطي، وعاد هو إلى حزب الأصالة والمعاصرة.
ألم تناقشا رؤيتك بشأن مناخ الأعمال كما استعرضتها في هذا الحوار؟
لقد قلت له إن الحالة الاقتصادية سيئة للغاية. ولم أكن أقدم رأيا شخصيا، بل استندت في ذلك على معطيات المؤسسات الرسمية كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط. لقد أخبرته أن معدل النمو الذي لا يتجاوز 2 في المائة، يمكن أن يصبح سلبيا أكثر في قطاعات معينة، وستمس الأزمة الكثير من الناس. لم يكن ممكنا بالنسبة إليّ كرجل أعمال أن ألتقي بأمين عام حزب سياسي دون أن أناقش معه الحالة الاقتصادية للبلاد، وقد قضينا وقتا طويلا في مناقشة ذلك.
في تلك الفترة، كان إلياس العماري يسعى إلى دفع رجال الأعمال للترشح باسم حزبه أو تمويل حملاته. ألم يقترح عليك تمويل عملية معينة؟
كلا. إن إلياس يعرفني جيدا. ويعرف أن لديّ علاقاتي الخاصة، ولديّ تاريخ طويل يربطني ببعض الأشخاص مثل محمد الساسي ونبيلة منيب باعتبارهما شخصيتين جديرتين بالاحترام. إنه لن يستطيع أن يلمح لي بأي شيء في هذا الصدد، وهو يملك الذكاء الكافي للتفريق بين رجل أعمال وبين رجل أعمال. هناك رجال أعمال يرغبون في التقرب من السلطة لتسهيل مصالحهم وأعمالهم، وهناك من رجال أعمال من يؤمنون بقيم محددة. لذلك لم يطلب مني أي شيء.
ما زاد الشكوك حول مضامين ذلك اللقاء هو أنه جرى داخل فترة صمت طويلة قضيتها هذا العام، بعد ظهورك في برنامج بُث على قناة فرنسية حول ثروة الملك..
مرحلة صمتي – يصمت- يمكن القول إنه صمت نسبي. لماذا؟ لأن عددا من الناس النشيطين في اليسار راهنوا على تجربة فيدرالية اليسار الديمقراطي وعلى شخصية نبيلة منيب، وكنا نخطط بأن تبرز شخصية واحدة في عائلة اليسار الديمقراطي. وفي اعتقادي، فإن أي معركة يجب أن يكون لديها قائد واحد. إن مشكلة اليسار هي وجود عدد هائل من الجنرالات، وعدد قليل من الجنود، عكس ما يحدث في حزب العدالة والتنمية مثلا. لقد وضعنا آمالا كبيرة في شخصية منيب. وقد عملت لشهرين – غشت وشتنبر- بمعية طاقم منيب على تفاصيل حملتها. وأرى أنه من الأفضل للمرء أن يعمل في صمت. وقد ظهرت النتائج في ما بعد، لكن ما حدث أن الكثير من المتعاطفين مع نبيلة منيب لم يكونوا مسجلين في لوائح الانتخابات. من بين الأخطاء التي وقعنا فيها هي أننا شرعنا في الحملة متأخرين، كما كان علينا أن نقود حملة مبكرة ندعو فيها الناس إلى التسجيل في اللوائح، غير أننا تداركنا الأمر وأنجزنا وصلة أسبوعا قبل نهاية أجل التسجيل. وعلى كل حال، كانت بداية جيدة. وفي تلك الظروف، لم تكن هناك ضرورة كي أتحدث أنا.
لكن اسمك لم يظهر في قائمة الشخصيات ال100 التي وقعت على نداء دعم منيب..
لأني كنت موجودا ببلد إفريقي. لو اتصلوا بي لكنت وقعت على النداء بدون تردد.
ألم يتصلوا بك أو يستشيروك بخصوصه، فأنت في كل الأحوال شخصية بارزة في قائمة المساندين لفيدرالية اليسار الديمقراطي؟
ربما هي مشكلة تواصل فقط. لقد كنت في طاقم حملة منيب، وسيكون غريبا ألا أوقع على ذلك النداء. لقد نوقشت هذه المسألة، لكن في بعض المرات، تحدث أعطاب تقنية. وعلى كل حال، فإني دعمت منيب، كما ساندت كافة النقاط الواردة في النداء.
في تلك الفترة التي خرج فيها النداء مع خلوه من اسمك، وفترة الصمت التي كنت غارقا فيها.. ألم يحاول إلياس إغراءك بطريقة ما؟ ألم يعرض عليك ما يعتقد أنه سيحدث في 7 أكتوبر؟
في الواقع، عبر لي عن ثقته في أن حزب الأصالة والمعاصرة سيفوز بالانتخابات. وبطبيعة الحال، فقد كانت هناك حالة حرب بين "البام" و"البيجيدي"، ومن يخوضها كان يتحدث عنها بإسهاب. وقد تحدثَ معي بخصوص البرنامج الاقتصادي لحزبه، وقال لي إن هناك كفاءات كبيرة عملت على البرنامج الاقتصادي.. أمام كل هذا لازلت أستغرب لهذا التشكيك في لقائي مع إلياس العماري. ألا يمكن تصديق أن الأمر كان عبارة عن تبادل للآراء ليس إلا.
خطاب الشعبي خطير
– فوزي الشعبي، رجل أعمال من عائلة كانت تؤدي الثمن على مواقفها السياسية، لكنه هذه المرة ترشح باسم "البام"، وأعلن بشكل مثير، أن من حق الملك أن يكون لديه حزب خاص..
– هنا، وهذا سؤال مهم، ينبغي النظر إلى هذا التصريح بشكل آخر. إني أعتقد أن رجال الأعمال الذين يرغبون في تسهيل أعمالهم ومشاريعهم، يسعون إلى التقرب من الملك، وهم في الحقيقة لا يقومون بأعمال الخير والإحسان، إنهم لا يريدون مصلحة الملك. نحن نعرف أنه في نظام دستوري كالذي لدينا في المغرب، أن المؤسسة الملكية مؤسسة محايدة سواء سياسيا أو اقتصاديا، لكن ظاهرة رجال الأعمال الذين يسعون إلى التقرب من المؤسسة الملكية لخدمة مآربهم الخاصة موجودة. لكن هل نيتهم خدمة الملك؟ في خطابهم يعلنون دفاعهم عن المؤسسة الملكية بالرغم من أنها غير محتاجة إليهم، لكننا في الواقع، نرى أن ما يهمهم هو مصالحهم، وفي بعض الأحيان، فإن بعض رجال الأعمال أصحاب السمعة السيئة يضرون بالمؤسسة الملكية عندما يزعمون القرب منها. إن خطاب فوزي الشعبي خطير للغاية. فهو يظهر أنه مستعد لقول أي شيء لإرضاء السلطة على المدى القريب، حتى وإن كان ما يقوله أمرا خطيرا على السلطة في حد ذاتها. هذه تصريحات خطيرة.
– لكنه يعكس تغييرا متطرفا في خطاب آل الشعبي الذين كان أبوهم الراحل ميلود الشعبي ينتقد باستمرار السلطة السياسية..
– لكن هل ترى أن هذا التغيير ينطوي على معقولية أم مجرد تفاهة؟ هل فهمتَ ما أعنيه. إن رجل الأعمال الذي يعلن أنه يريد خدمة مصالح المؤسسة الملكية لا ينبغي عليه أن يربط بين مصالحه ومصالح المؤسسة الملكية. وعندما يظهر أنه لا يفعل ذلك إلا لربط تلك المصلحتين معا، فهو يسيء إلى صورة المؤسسة الملكية. إن الأمر واضح.
– على كل حال، قد يكون ذلك رد فعل رجل أعمال على فوز البيجيدي بالانتخابات. أنت أيضا غيرت مواقفك، فقد كنت مساندا لحزب العدالة والتنمية في 2011، لكنك في 2015 شرعت في تغيير موقفك..
– – مقاطعا – توقف هنا. عليك العودة إلى ما كُتب في صحيفتكم عام 2012، عندما أعلنت عن فقداني الثقة في تجربة "البيجيدي"، وفي 2013 حدثت المواجهة بيني وبين مصطفى الخلفي – وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة-.
– في 2012، شاركت في مؤتمر لشبيبة حزب العدالة والتنمية، وكل شيء موثق على أشرطة بثت على قناة "يوتوب"، قلت لممثلي شبيبة البيجيدي بأن الحالة الاقتصادية سيئة وإن حكومة بنكيران لا تبدو واعية بالمشكلة، لكنهم اعترضوا على ما قلت، وجاؤوا بإدريس الأزمي ليعلن لهم بأن عكس ما أقول هو الصحيح. ماذا حدث حينها؟ في ذلك المؤتمر، كان مقررا عقد حفل اختتامي في ساحة عمومية بطنجة، وكان بنكيران هو من سيلقي خطابا فيه، لكن والي طنجة منع عقد ذلك الحفل. ورأيت أن قبول رئيس حكومة بأن يتعرض للمنع من قبل مسؤول أقل منه رتبة ليس رئيس حكومة حقيقي. حينها فقدت الأمل. إنه رئيس، وعليه أن يكون واعيا بما تعنيه هذه الكلمة. ولقد ذكرت بنكيران بوعوده، ثم أخرج مفاتيحه من جيبه ولوح بها بيده وأعلن أنه إذا لم يستطع تنفيذ تعهداته سيضع المفاتيح ويغادر. إني أعيد التذكير بهذا كي يفهم الناس أن موقفي الحالي يعود إلى سنة 2012 وليس إلى 2015.
– في 2012، لم يكن بنكيران يتصرف كرئيس للحكومة. وفي 2013، أجريت حوارا في برنامج "نصف ساعة"، على موقع هيسبريس مع رشيد البلغيثي، أعطيت فيه تقييمي السلبي حول الأداء الاقتصادي. ولاحقا، واجهت مصطفى الخلفي عندما حاول إنكار أن تصنيف المغرب في حرية الصحافة يمثل تقييما موضوعيا. لقد رأيت الخلفي وهو يتحول إلى نسخة من خالد الناصري. إن الأشخاص الذين كانوا يعتبرون البيجيدي خصما لهم لم يعد بإمكانهم الشعور بالاحترام إزاءه، بمن في ذلك النظام نفسه. وهو أمر يمكن تلمسه وراء الخطاب الشعبوي لبنكيران، أما المواطنون العاديون فإنهم ينساقون وراءه.
– لكنه بالرغم مما قلت، حقق البيجيدي اكتساحا في انتخابات 7 أكتوبر..
– لست متفقا مع كلمة "اكتساح". ليس هناك أي اكتساح البتة. لقد كنت ألتقي بنكيران لمرات عندما عين رئيسا للحكومة في 2012، وكان يعجبني عندما يقول إن هدفه هو استعادة ثقة المواطنين في السياسة. كان ذلك هدفا نبيلا في سعينا جميعا إلى بناء المؤسسات. وإذا كان عليّ أن أجري تقييما لعمل بنكيران ووزرائه، فمن واجبي أن أضع أمامي الأهداف التي أعلنوها في بداية الأمر. وبنكيران عندما أعلن عن خطته لاستعادة ثقة المواطنين، فإنني ملزم بتقييم حصيلته على هذا الأساس أيضا. إن عدد المصوتين لصالح البيجيدي قليل للغاية مقارنة مع عدد المؤهلين للتصويت، ويكاد حجمهم لا يتجاوز قطرة ماء. لقد حصلوا على مليون و600 ألف صوت، من أصل أزيد من 24 مليون شخص مؤهل للتصويت.
– وهل تعتقد أن بنكيران هو وحده من يتحمل المسؤولية..
– عندما تسمع لخطاب بنكيران، فهو يوحي إليك بأنه هو المنقذ للتجربة الديمقراطية من أنياب التحكم، وإذا كان كذلك، فإنه في حاجة إلى تصديق الناس عليه عبر صناديق الاقتراع، لكن الناس لم تذهب إلى مكاتب التصويت. إذا نظرنا إلى كتلة المواطنين الذين بلغوا سن التصويت ولم يهتموا بالعملية الانتخابية، فإن النتيجة أن ما حدث كان فشلا ذريعا للهدف الرئيسي لبنكيران نفسه. ثم إن التقدم الحاصل في عدد الأصوات لم يكن سوى نتيجة للأخطاء المرتكبة من لدن خصومه وليس نتيجة أي حصيلة سياسية أو اقتصادية لحكومته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.