في عام 2007، وجد عباس الفاسي، الأمين العام لحزب الاستقلال، والوزير الأول المعين، نفسه في وضع عسير لإخراج حكومته إلى حيز الوجود. وفجأة، في ليلة القدر من رمضان ذلك العام، ستتشكل الحكومة وينتهي صدع رأس الفاسي. لكن ما حدث بالضبط في تلك الليلة، سيعكس حجم نفوذ وحركة الديوان الملكي في التدخل لتصميم الحكومات، فقد راج على نطاق واسع، أن مزيان بلفقيه ومحمد المعتصم، مستشاري الملك آنذاك، هما من سلما لعباس الفاسي قائمة بوزراء حكومته، وكانت تلك ضربة كبيرة لمحاولات تقوية الوزير الأول السياسي، لاسيما أن عباس الفاسي بنفسه أعلن في تصريح مسرب عن اجتماع للجنة التنفيذية لحزب الاستقلال قائلا: "هذه هي لائحة الوزراء التي سُلمت لي، ولا تسألوني عن التفاصيل". ستفرض هذه الحادثة على المستشارين الملكيين الخروج إلى العلن لتوضيح موقفهما بشأن التدخل في تشكيل حكومة عباس الفاسي، وهي من المرات القليلة لدرجة الندرة حيث يحدث أن يخرج مستشار ملكي لاسيما مزيان بلفقيه، في حوار صحفي. وقد أجري الحوار حينها، أي في نونبر 2007، مع صحيفة "الأحداث المغربية" و"أوجوردوي لوماروك". في جواب له عما إن كان الملك قد رفض أو قبل أسماء معينة كان قد اقترحها عباس الفاسي، قال محمد المعتصم: "لا يمكن لا من الناحية القانونية ولا من الناحية العملية، اختزال هاته الاختصاصات في مجرد إجراء شكلي يتم الاكتفاء فيه بوضع الطابع الشريف على ظهير تعيين الحكومة أو ترتيبات بروتوكولية تنحصر في استقبال جلالة الملك لأعضاء الحكومة وأخذ صور تذكارية". أما مزيان بلفقيه، فإن لخص موقفه عندما سئل عما يتردد في الأوساط السياسية بشأن تدخله في تشكيل تلك الحكومة بالقول: "إن المستشار ليس مأرا إلزاميا في أي تواصل بين جلالة الملك ووزيره الأول، ولقد اقتصر دور المستشارين خلال مسلسل تشكيل الحكومة كما تم تكليفهم بذلك من طرف جلالة الملك، على دور المبلغ الأمين لدى الوزير الأول المعين بعيدا عن أية محاولة للتأثير أو التوجيه أو التقرير بشأن المرشحين أو الأحزاب". المعتصم أيضا أعلن أن "واجب التحفظ يفرض علينا عدم التدخل في فرض الأسماء".