تستمر فصول المأساة التي يعيشها المئات من الشبان المغاربة في اليونان بعد تشديد هذه الأخيرة اجراءات محاربة الهجرة السرية، واستمرار تدفق المهاجرين الراغبين في الوصول الى ألمانيا عبر دول البلقان. فبعد اعلانها رسميا اعتقال حوالي مائة مغربي قبل بضعة أسابيع، على إثر اندلاع أعمال عنف في أحد المخيمات المؤقتة المقامة في الملاعب الرياضية لأثينا، انتقلت السلطات اليونانية الى مرحلة جديدة في التعاطي مع المهاجرين غير المنحدرين من سوريا، والذين يشكل المغاربة غالبيتهم، حيث تستعد لترحيلهم نحو تركيا باعتبارها المصدر الذي قدموا منه الى الجزر اليونانية في بحر ايجي. صحيفة "ايكاتيميريني" اليونانية للتي تصدرها مؤسسة "نيويورك تايمز" الأمريكية وتوزعها يوميا ضمن ملحقها الدولي، نقلت عن مسؤولين يونانيين قولهم إن 136 مهاجر غير قانوني، أغلبهم مغاربة، احتفظت بهم السلطات اليونانية في مخيمات بالجزر الواقعة في بحر ايجي وسيتم ترحيلهم الى تركيا. الصحيفة التابعة ل"نيويورك تايمز" الامريكية قالت إن سلطات أثينا تنتظر الضوء الأخضر من أنقرة من أجل الشروع في تنفيذ مسطرة الترحيل في حق المهاجرين الذين لا يتوفرون الى وضعية قانونية، بعد توقيفهم في الجزر اليونانية المقابلة للسواحل التركية في بحر ايجي. ووصفت الصحيفة المهاجرين المعنيين بهذا الاجراء باللاجئين الاقتصاديين المنحدرين أساسا من المغرب. وأصافت المصادر الامنية اليونانية، أن المهاجرين الذين ينتمي بعضهم الى كل من تونس والجزائر، لا يتمتعون بالحماية القانونية الخاصة باللاجئين السياسيين أو الفارين من مناطق الحروب والاضطرابات، وبالتالي "سيتم ترحيلهم في الأيام القليلة المقبلة". وفي انتظار تنفيذ هذا القرار الذي يُتبعد أن تقبل به تركيا لتستمر معاناة الشبان المغاربة العالقين، تتوالى الصرخات الصادرة من داخل بعض السجون اليونانية، لشبان مغاربة معتقلين منذ بضعة أسابيع، يقدمون الى تسجيل أشرطة فيديو ونشرها عبر الانترنيت، مطالبين بالتدخل لدى السلطات اليونانية لتوضيح وضعيتهم وإنهاء اعتقالهم. وفي الوقت الذي يستمر فيه الصمت المغربي تجاه هذه المآسي، قال مصدر دبلوماسي مغربي ل"اليوم24″ إن تحركات رسمية قام بها المغرب لدى كل من السلطات اليونانية والتركية، "خاصة بعد تصريحات وزير يوناني وصف فيها المغاربة بالمجرمين، حيت احتج السفير المغربي في اليونان رسميا لدى الخارجية اليونانية، وتوصّل بردّ يتضمن اعتذارا وتفسيرا للأمر بكونه يندرج في إطار ضغوط كبيرة على اليونان جراء تدفق المهاجرين غير الشرعيين عليها، والاتصالات متواصلة بهدف معالجة الأمر حالة بحالة ومساعدة المغاربة الرغبين في العودة على ذلك". المصدر المقرب من الملف، قال ل"24اليوم" إن الامر يتعلّق بحالة شددية التعقيد، "فيها من حاولوا الهجرة منتحلين هوية سورية، ومنهم من احتفظ بهويته المغربية لكنه ارتكب جرائم في اليونان، والجميع يقع في وضعية المهاجر غير الشرعي، وبالتالي يصعب القيام بأي تدخّل أو التعاطي مع هذه الحالات على أنها لمواطنين مغاربة مقيمين في الخارج أو يقعون في إطار القانون". المصدر نفسه شدّد على أن الحالات التي تصل إلى القنصية المغربية أو السفارة في اليونان أو تركيا يتم مساعدتها "قدر المستطار، من خلال المساعدة القانونية أو الاتصال بالعائلة من أجل الحصول على تذكرة الطائرة للعودة إلى المغرب". المصدر نفسه أوضح أن الأمر لا يقتصر على بضع عشرات المهاجرين المغاربة العالقين في اليونان، "بل هناك حالات كثيرة في تركيا نفسها، وهناك لا يمكنك أن تميّز حالات المتوجهين الى سوريا وداعش من الراغبين في الهجرة إلى اوربا". وكشف المصدر نفسه ل"اليوم24″ أن حالة الشبان الثمانية الذين كانت السلطات التركية قد اعتقلتهم وقامت بترحيلهم متهمة إياهم بالسعي للالتحاق بمعسكرات داعش، كانت موضوع اتصالات دبلوماسية "جادة" مع تركيا، "حيث تبيّن بعد تحقيقات أمنية أن الأمر يتعلّق بمسافرين عاديين لا علاقة لهم بداعش، وهو ما راسل السفير المغربي في أنقرة سلطات تركيا رسميا بشأنه كشكل من الاحتجاج بعد التعاطي الاعلامي التركي العنيف مع هذه الحالة، وردّت عليه السلطات التركية بتأكيد ثقتها الكاملة في المغرب وحرصها على العلاقات معه".