الاغتصاب يمثل 18 في المائة من حالات العنف في المدارس وينتشر بقوة في المجال الحضري بنسبة 77 في المائة توصل تقرير حديث أنجزته وزارة التربية الوطنية حول العنف داخل المؤسسات التعليمية ومحيطها إلى أن ممارسة التلاميذ للعنف أصبحت أمرا مقلقا، حيث تشير المعطيات إلى أن نسبة العنف داخل المدرسة تمثل 52 في المائة من الحالات المسجلة، فيما تبلغ نسبة العنف الممارس في محيط المدارس 48 في المائة. وتتوزع حالات العنف بين الجسدي واللفظي، وتصل إلى الاغتصاب الذي يمثل 18 في المائة من مجموع حالات العنف المسجل في المدارس. وسجل التقرير 203 حالات عنف خلال الفترة الممتدة من 10 شتنبر 2012 إلى فاتح يونيو 2013، ويقدم صورة توضيحية، بالأرقام والإحصائيات، عن أصناف وأسباب وأطراف العنف في المؤسسات التعليمية وفي محيطها المباشر، وكذا التوزيع الكمي للحالات المرصودة خلال كل شهر من أشهر السنة الدراسية، والتوزيع الجغرافي حسب الوسطين الحضري والقروي وحسب الجهات. وأكدت خلاصات التقرير أن المحيط الخارجي المباشر للمؤسسات التعليمية، خاصة الإعداديات والثانويات، إن لم يكن هو المسرح الأول لأعمال العنف التي تحدث، فإنه على الأقل يشكل الفضاء الذي تتفاعل فيه معظم التوترات، وترتفع درجة الاحتقانات ليتم تصريفها بعد ذلك داخل المؤسسة وفي فصولها الدراسية. وعزا التقرير ارتفاع حالات العنف المسجلة في هذا المحيط إلى تحوله إلى فضاء جاذب للدخلاء والغرباء، ولكل أشكال الممارسات التي تعرقل وتشوش على العملية التربوية التعليمية، مشيرا إلى أن هناك أطرافا تحوم بمحيط المدارس وتروج عدة أنشطة، منها إدمان وتجارة المخدرات، واستغلال التلاميذ في ترويج عقاقير الهلوسة والسرقة والسلب بالقوة والتحرش الجنسي... وهي كلها ممارسات تقود أصحابها إلى اقتراف فعل العنف. وأكد التقرير أن نسبة العنف في المجال الحضري مرتفعة، حيث تمثل 77 في المائة من مجموع الحالات، مقابل 23 في المائة بالوسط القروي. وتبعا لذلك، أكدت خلاصات التقرير أن العنف المدرسي حالة حضرية بامتياز، فحالات العنف المدرسي في المدن أكثر من حيث العدد، وذلك لدواع مرتبطة بالبيئة الاجتماعية وبمحددات أخرى كالبنية الديموغرافية ودرجة كثافتها، والظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لكن حالات العنف المدرسي بالمجال القروي تهيمن عليها الحالات الأكثر خطورة، لذلك فالنتيجة في النهاية يحكمها اتجاهان: فالحالات المسجلة بالمدن تتميز بارتفاع عددها ووتيرة تكرارها، فيما تتميز حالات العنف المسجلة في القرى والبوادي بالخطورة، ودرجة العنف التي تصل إلى الاختطاف والاغتصاب. وتحتل المؤسسات التعليمية بجهة الدارالبيضاء الصدارة من حيث نسب العنف المسجلة، وهي 14 في المائة، تليها جهة دكالة-عبدة بنسبة 11 في المائة، والشاوية-ورديغة ب10 في المائة. ويعزى هذا التفاوت إلى الكثافة الديموغرافية للجهة، والمستوى الاقتصادي والمعيشي للسكان، وعدد المؤسسات التعليمية بكل جهة، وعدد التلاميذ بالمؤسسات، ومستوى الأداء الأمني والتغطية الأمنية المتوفرة بالجهة. إلى ذلك، تشكل حالات العنف التي يمارسها الدخلاء على التلاميذ والأساتذة أغلبية الحالات بنسبة 54 في المائة، متبوعة بالعنف الذي يمارسه التلاميذ في حق الأساتذة بنسبة 21 في المائة، ثم العنف بين التلاميذ، ويمثل 12 في المائة، والعنف الذي يمارسه التلاميذ على الإداريين بنسبة 8 في المائة. وخلص التقرير إلى هيمنة العنف الممارس من قبل الدخلاء على الفضاء المدرسي ضد المدرسة ومرافقها ومرتاديها، وذلك بسبب ضعف أو غياب الأمن في محيط المؤسسات التعليمية، ما يجعلها عرضة للاختراق، بالإضافة إلى الموقع غير المناسب، أحيانا، للمؤسسة التعليمية، وهو ما يسهل استهدافها، فضلا عن تراجع المكانة الاعتبارية والقيمة الرمزية التي كانت تحظى بها المدرسة في وجدان ووعي المجتمع. ويعتبر ارتفاع حالات العنف المتبادل بين التلميذ والأستاذ مؤشرا على تسرب بعض عوامل الخلل إلى العلاقة التربوية السليمة المبنية على الاحترام والتقدير، وتحولها إلى علاقة متوترة. ويجد ارتفاع حالات العنف المسجل بين التلاميذ، بعضهم ضد بعض، تفسيره في العوامل النفسية والاجتماعية والاقتصادية، كما تفسره أسباب أخرى مستجدة كانتشار المخدرات والأسلحة البيضاء في الوسط المدرسي، وتفشي ثقافة العنف التي تروج لها وسائل الإعلام الحديثة، من قنوات فضائية وأنترنت. وأكد التقرير أيضا أن حالات العنف التي يمارسها الذكور تصل إلى نسبة 57 في المائة، مقابل 41 في المائة للإناث. وتبدو نسبة عنف الإناث قليلة بينما، وصل عدد هذه الحالات بين الذكور والإناث إلى 62 حالة، كانت الإناث فيها ضحايا، فيما تصل النسبة إلى 57 بين الذكور بعضهم البعض. وهذا التفاوت الواضح يعني أن العنف المدرسي، من حيث المؤشرات المرتبطة بالنوع، يعتبر ظاهرة ذكورية بالمطلق، وينطبق عليه ما ينطبق على العنف في المجتمع عموما، بصرف النظر عن الفئة التي نتكلم عنها إن كانت فئة التلاميذ أو الأساتذة أو الإداريين أو الدخلاء. أما أنواع العنف، فتتوزع بين العنف الجسدي ويمثل 119 حالة، بنسبة 59 في المائة، والاغتصاب: 35 حالة بنسبة 18 في المائة، والتحرش الجنسي: 31 حالة بنسبة 15 في المائة، والعنف اللفظي: 18 حالة بنسبة 9 في المائة. كما أن 74 في المائة من حالات العنف خطيرة، و23 متوسطة، و3 في المائة فقط بسيطة.