بعد مضي أكثر من سنة على إخراجه، سيعرض أخيرا فيلم "نصف السماء"، الذي يحكي عن مرحلة مهمة في تاريخ المغرب من خلال تناول سيرة الأديب المغربي والمعتقل السياسي السابق المغربي، أمام الجمهور المغربي، إذ سيقدم مخرج الفيلم عبد القادر لقطع عرضه الافتتاحي يوم الثالث من شتنبر المقبل، بإحدى قاعات المركب السينمائي"ميغاراما" بالدار البيضاء، يوما قبل خروجه في القاعات الوطنية. الفيلم المقتبس عن السيرة الذاتية للكاتب المغربي عبد اللطيف اللعبي، خلال فترة الاعتقال السياسي، اشتغل على مذكرات عبد اللطيف اللعبي التي تخص ظروف اعتقاله، بتهمة محاولة الإطاحة بالنظام، والمعاناة التي تكبدتها أسرته الصغيرة بسبب هذا الاعتقال التعسفي. ويلعب دور البطولة في "نصف السماء" الممثل أنس الباز (شخصية عبد اللطيف اللعبي)، إلى جانب الممثلة المتألقة صونيا عكاشة (في دور جوسلين اللعبي) وتشارك فيه أيضا قدس اللعبي، إبنة عبد اللطيف، وجوسلين ، (في دور إيفلين السرفاتي) وآخرين. وعن هذا الفيلم قال المخرج لقطع إنه لم يعمد عبره إلى المطابقة التاريخية، موضحا أن تركيزه الأساس في عمله الإبداعي، الذي كتب له السيناريو، الحكي عن الشخص، غير أن هذا الشخص شاعر ذو انتماء سياسي مستفَز. هذا الانتماء تجلى بوضوح في انتقاد السلطة ، دون أن يوجه أي نقد لتجربة اليسار الراديكالي، وهذا راجع بالأساس، يقول اللعبي، لكون الشخصية المحور (عبد اللطيف اللعبي) شارك أيضا في كتابة السيناريو. ويرى المخرج لقطع أنه ليس عيبا في السينما أن تلتزم بالأمانة التاريخية لأنه لا يمكننا أن نحجب عنها هذا الدور، إن قدم في قالب ابداعي، على اعتبار أن السينما أمر أساس بالنسبة للثقافة المغربية، تبعا للدور الذي تلعبه في بلورة فكر المشاهد وتخصيب مخيلته، يقول عبد القادر لقطع. وحسب الناقد السينمائي أحمد السجلماسي، فهذا الفيلم السابع في فيلموغرافيا لقطع السينمائية الروائية الطويلة، يندرج في إطار التوثيق للذاكرة الجماعية في فترة تاريخية عاشها المغرب ، وهو لا يروي مكابدات الشاعر والكاتب عبد اللطيف اللعبي خلال فترة اعتقاله في السبعينات من القرن الماضي بقدر ما يروي شجاعة رفيقة دربه وأم أطفاله الثلاثة إبان هذه الفترة. فمن خلال جوسلين ، المرأة الوديعة مدرسة اللغة الفرنسية ، التي استأسدت في الدفاع عن حق زوجها في معانقة الحرية، يتحدث الفيلم عن بطولات من خارج السجن جسدتها أمهات سجناء رأي وزوجاتهن وشقيقاتهن ورفيقاتهن اللواتي " يحملن نصف السماء " كما تقول الحكمة الصينية. كما يتحدث ، من خلال تركيزه على الجانب الإنساني في موضوع الإعتقال ، عن الثمن الغالي الذي قدمته هؤلاء النسوة من خلال تضحياتهن الجسيمة لتأمين الإفراج عن أحبائهن، مستذكرا بالمناسبة روحي سعيدة وإيفلين وغيرهما. وقد استوحى عبد القادر لقطع، الذي اشتغل إلى جانب عبد اللطيف اللعبي في كتابة السيناريو، وقائع فيلمه من كتاب جوسلين السير ذاتي، الصادر باللغة الفرنسية بعنوان دال هو "رحيق الصبر"