حالة استنفار قصوى وتطويق أمني غير مسبوق عاشته محكمة الاستئناف بفاس والشوارع المحيطة بها، بعد ظهر يوم الأربعاء، بسبب العثور على قنبلة يدوية بالحديقة الخلفية للمحكمة، على بعد أمتار قليلة من مقر المنطقة الأمنية الثانية بشارع محمد الخامس. وعلمت «اليوم24» من مصدر مطلع، أن بستاني الحديقة بالمحكمة هو من عثر على القنبلة اليدوية، عندما كان بصدد تنقية الأعشاب الزائدة، قبل أن يلفت انتباهه وجود نعل جلدي بركن من الحديقة، والذي تطل عليه مكاتب قضاة التحقيق، حيث قام البستاني بإزالة النعل ليفاجأ بوجود قنبلة تحت النعل، وضعت داخل حفرة صغيرة مرتفعة عن سطح أرض الرصيف المكسو بقشرة من أحجار الفسيفساء. وأضاف المصدر ذاتها، أن البستاني قام بإخطار رئيس كتابة الضبط بجناح رئيس محكمة الاستئناف، والذي سارع بدوره إلى إشعار نائب الوكيل العام عبد العزيز البقالي، ليتحول مقر محكمة الاستئناف بعد دقائق قليلة إلى محج لمختلف التشكيلات الأمنية يتقدمهم المسؤولون الكبار بجهاز الشرطة والدرك والحامية العسكرية الجهوية بفاس، فيما أغلقت كل المنافذ المؤدية إلى مقر المحكمة، حيث فرضت السلطات الأمنية طوقا أمنيا على المنطقة. واستغرقت عملية إزالة القنبلة من الحفرة التي وجدت بداخلها، أزيد من ست ساعات، بعد أن تطلبت إجراءات أخذ الإذن من المصالح المعنية بالقيادة العليا للقوات المسلحة الملكية بالرباط وقتا طويلا، قبل إن يباشر خبراء من الحامية العسكرية بفاس والدرك الملكي، مستعينين في ذلك بأجهزة متطورة، وعلى رأسها «الروبوت» الذي يستعمل في إزالة القنابل ومعالجة المواد الخطرة، حيث تمكنوا حوالي الساعة الخامسة من يوم الأربعاء من إزالة القنبلة، والتي تبين بأنها يدوية. وكشفت مصادر متطابقة للجريدة، أن السلطات المعنية فتحت تحقيقا في الحادث، وأحالت القنبلة اليدوية على المختبر التابع للدرك الملكي بالرباط لمعالجتها وللتعرف على مكوناتها، فيما قامت فرقة الشرطة العلمية للدرك والشرطة بأخذ البصمات من على القنبلة اليدوية والنعل الجلدي الذي وجد بمكان وضع القنبلة، في محاولة من المحققين للوصول إلى هوية واضع القنبلة بالحديقة الخلفية لمحكمة الاستئناف. وفرضت مختلف المصالح الأمنية، خصوصا بالدرك الملكي والقوات المسلحة الملكية، والذين تكلفوا بعملية إزالة القنبلة، تكتما كبيرا وسرية تامة على التحقيقات المتواصلة في أمر القنبلة، حيث لم تصدر الجهات العليا حتى الآن أي بلاغ في الموضوع، باستثناء الخبر الذي نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء نقلا عمّا اعتبرته الوكالة مصدرا من السلطات المحلية بولاية فاس، والذي كشف بأن القنبلة اليدوية، قديمة ومبطلة المفعول وتعود لسنوات 1930، في إشارة من المصدر إلى الفترة الاستعمارية التي كان فيها المقر الحالي لمحكمة الاستئناف مخصصا لنادي الضباط الفرنسيين. واستبعد مصدر مقرب من التحقيقات أن تكون القنبلة قديمة وتعود إلى سنة 1930، على اعتبار أنها وجدت بسطح رصيف الحديقة الخلفية وعليها قشرة من أحجار الفسيفساء ونعل جلدي من اللون البني، مما يعني أن القنبلة وضعت حديثا بالمكان، ولا تعود إلى الفترة الاستعمارية، والتي يفترض أن تكون مخبأة في أعماق الأرض بحكم أشغال البناء التي جرت بالبناية التي تحولت منذ سنين طويلة إلى مقر لمحكمة الاستئناف، أضف إلى ذلك عمليات التهيئة التي شهدتها الحديقة الخلفية وترصيف جنباتها وتغطيتها بأحجار الفسيفساء. وخلف حادث العثور على القنبلة اليدوية بالحديقة الخلفية لمحكمة الاستئناف، والتي واكبها استنفار أمني، حالة من الذعر وسط ساكنة فاس وموظفي المحكمة، حيث جاء ذلك عشية الاحتفال الضخم الذي تخصصه رئاسة المحكمة بمقرها لذكرى عيد العرش، والتي يحضرها مسؤولون قضائيون وأمنيون وعسكريون كبار، مما جعل السلطات الأمنية وعناصر الشرطة العلمية تشن حملة تفتيش واسعة ودقيقة بكل جنبات المحكمة وداخلها، قبل السماح للمنظمين بتهيئة البهو الذي احتضن الحفل صبيحة أمس الخميس.