تسلمت الحكومة التونسية الائتلافية الجديدة مهامها الجمعة بعد أكثر من ثلاثة اشهر على الانتخابات التشريعية التي أجريت في السادس والعشرين من اكتوبر 2014. وأدى اعضاء الحكومة التي يرأسها الحبيب الصيد (65 عاما) اليمين الدستورية امام الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي, وتعهدوا "باحترام الدستور والقوانين" و"السهر على مصالح تونس". وكان البرلمان التونسي منح الخميس الثقة للحكومة الجديدة التي يهيمن عليها حزب نداء تونس المعارض للاسلاميين والفائز بالانتخابات التشريعية. وتضم الحكومة حركة النهضة الاسلامية الخصم السياسي الرئيسي لنداء تونس والتي حلت في المركز الثاني في الانتخابات التشريعية. وتتكون الحكومة الجديدة من 27 وزيرا و14 كاتب دولة (وزير دولة) بينهم ثماني نساء (ثلاث وزيرات بحقائب, وخمس كاتبات (وزيرات) دولة). وتضم الحكومة مستقلين ومنتمين الى خمسة أحزاب سياسية ممثلة في البرلمان هي نداء تونس (86 نائبا) وحركة النهضة (69 نائبا) والاتحاد الوطني الحر (16 نائبا) وBفاق تونس (8 نواب) والجبهة الوطنية للانقاذ (نائب واحد). وأسند الحبيب الصيد وزارات الداخلية والعدل والدفاع الى شخصيات ليست لها انتماءات سياسية معلنة, ووزارة الخارجية الى الطيب البكوش الامين العام لنداء تونس. وحصلت حركة النهضة على وزارة التشغيل وثلاثة كتابات (وزرات) دولة. وجرى الجمعة احتفال رسمي لتسليم السلطة التنفيذية بين الحبيب الصيد ومهدي جمعة رئيس الحكومة غير الحزبية التي قادت تونس منذ مطلع 2014. وعبر مهدي جمعة عن "فخره" لقيام تونس باجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في اجواء هادئة, وفي الانتقال من "مؤسسات (الحكم) المؤقتة الى (..) المؤسسات الدائمة". لكنه نبه الى أن "المخاطر (الأمنية) ما زالت موجودة" قائلا "نحن في مواجهة دائمة مع الارهاب". ومنذ الاطاحة في مطلع 2011 بنظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي, قتل نحو 70 من عناصر الأمن والجيش وأصيب نحو 200 Bخرين في هجمات نسبتها السلطات الى مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي. كما انضم بين 2000 و3000 تونسي الى اسلاميين متطرفين يقاتلون القوات النظامية في سوريا والعراق. من ناحيته قال الحبيب الصيد "ت قب ل بلادنا (اليوم) على مرحلة هامة في مسارها الجديد (..) إنها مرحلة استكمال البناء الديموقراطي". وأضاف "لا خيار لنا سوى الانقطاع الى العمل والكد ودعم الاستقرار السياسي والاجتماعي والانطلاق في إرساء اصلاحات كبرى في القطاعات الاستراتيجية لخلق الثروة والاستجابة لتطلعات شعبنا". وتزامن تسليم السلطة التنفيذية مع الذكرى الثانية لاغتيال اليساري شكري بلعيد الذي كان معارضا بارزا لحركة النهضة الاسلامية التي حكمت تونس من نهاية 2011 وحتى مطلع 2014. وقتل بلعيد بالرصاص امام منزله في السادس من شباط/فبراير 2013 في عملية نسبتها السلطات الى اسلاميين متطرفين. وفجرت عملية الاغتيال ازمة سياسية حادة في تونس ودفعت الاسلامي حمادي الجبالي رئيس أول حكومة منبثقة عن انتخابات المجلس الوطني التأسيسي التي أجريت يوم 23 أكتوبر/تشرين الاول ,2011 الى الاستقالة من منصبه. وقال الحبيب الصيد خلال حفل تسلم السلطة "أترحم على روح الشهيد شكري بلعيد, الذي يصادف اليوم الذكرى الثانية لاغتياله من قبل عصابة من المجرمين القتلة, اعداء الحرية والديموقراطية". وأضاف "أجدد التأكيد بأننا سنبذل قصارى الجهد لإماطة اللثام عن ملابسات عملية الاغتيال الجبانة التي استهدفت هذا المناضل الكبير". وشارك أكثر من 200 شخص الجمعة في الذكرى الثانية لاغتيال شكري بلعيد. وتجمع مواطنون وسياسيون ومثقفون وأفراد عائلة بلعيد الموسعة وأرملته بسمة الخلفاوي وابنتاه في المكان نفسه الذي قتل فيه المعارض مرددين "شكري حي, دائما حي". وقالت بسمة الخلفاوي لاذاعة "شمس إف إم" الخاصة "بعد عامين (من تاريخ الاغتيال) لم يتغير شيء. ما زلنا لا نعرف الحقيقة. سنقول ان الامور تغيرت عندما تأتي الذكرى الثالثة ويكون الناس (الذين قتلوه) عرفوا وحوكموا (..) وعرفنا السيناريو كاملا: من قر ر (الاغتيال) ومن خطط ومن مو ل ومن الذي حابى الارهابيين وغطى عليهم". وقتلت الشرطة مطلع فبراير 2014 خلال عملية لمكافحة الارهاب قرب العاصمة تونس, كمال القضقاضي الذي قالت وزارة الداخلية انه منف ذ عملية اغتيال بلعيد. وفي ديسمبر 2014 تبنى جهاديون تونسيون انضموا الى تنظيم الدولة الاسلامية اغتيال كل من شكري بلعيد, والنائب المعارض في البرلمان محمد البراهمي الذي قتل بالرصاص امام منزله في العاصمة تونس يوم 25 يوليوز 2013. وكانت عائلة بلعيد اتهمت في 2013 حركة النهضة الاسلامية التي كانت في الحكم, باغتياله بسبب انتقاده اللاذع والمستمر لها, وهجومه المباشر في وسائل الاعلام على رموزها, في حين نفت الحركة هذه الاتهامات ووصفتها بأنها "مجانية وكاذبة".