برحيل الفنان محمد البسطاوي، تكون الساحة الفنية المغربية قد فقدت واحدا من أبرز ممثليها بفضل القدرات العالية التي تملكها في تجسيد أدوار هائلة ومعقدة، ما جعله يلقى إعجاب وحب العديد من متابعي السينما والدراما المغربية. رأى ابن مدينة خريبكة النور سنة 1954، وهناك أمضى طفولته وجزءا من شبابه، قبل أن يختار طريقه لتحقيق ذاته في في عالم الهجرة، شأنه في ذلك شأن الشباب المغربي الحالم بالجنة الأوروبية، لتمخر بذلك سفينة حياته نحو الجنة الأوروبية وتحديدا نحو إيطاليا. رحل البسطاوي بداية الثمانينات، لهذا البلد الأوروبي ليتعلم لغة دانتي من الروايات المصورة وتعامله مع الإيطاليين، حيث عمل كبائع متجول، لكنه بعد خمس سنوات قرر العودة إلى المغرب، ليبدأ في البحث عن نحث مسار فني واعد، بعدما اختار أن يدخل ميدان التمثيل عن طريق العصامية، حيث شرع في وضع خطواته الأولى انطلاقا من "مسرح اليوم" نهاية الثمانينات. وبعد مرور سنوات من هذا التاريخ، بدأ الفنان المنحدر من عاصمة الفوسفاط، حياته الفنية الاحترافية في عام 1997 من خلال عدد من الأدوار التي أداها خلال تلك السنة , والتي كان أشهرها دوره في فيلم "كنوز الأطلس". البداية الحقيقية للبسطاوي كانت في 2004، من باب مسلسل "وجه التراب"، حيث جسد دور أحد أبطال المسلسل المقتبس عن الرواية الفرنسية "الأرض" لأميل زولا، والذي ترتكز فكرتها الأساسية حول علاقة الإنسان والأرض. غير أن هذا نجاح هذا المسلسل لا يخفي أعمال سينمائية وتلفزية قام بها الراحل، وساهمت هي الأخرى في بروز اسم محمد البسطاوي على الساحة الفنية المغربية، كفيلم "علال القلدة" سنة 2003، وفيلم "الطيور على أشكالها تقع" سنة 2005، بالإضافة إلى فيلم "الصالحة" سنة 2009، كما كانت له مجموعة من الإسهامات في مسلسلات عديدة كان أبرزها "دواير الزمان" سنة 2000، و"صقر قريش" بعد ذلك بسنتين، و"المجذوب" سنة 2009. ويرجع نجاح البسطاوي في الأدوار المعقدة التي قام بتجسيدها، إلى تمرسه وتمكنه منها، كأدوار من قبيل البدوي والعربيد والمتسلط، وهذا ما جعله يحظى بإعجاب وحب العديد متابعي السينما المغربية. بعد عرضه لفيلم "علال القلدة"، حصل البسطاوي على النجمة الذهبية في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون، سنة 2013، كما تم تكريمه في مهرجان مراكش الدولي، والذي كان آخر مناسبة عرفت اطلالة الفنان الراحل على جمهوره من خلال فيلم "جوق العميين"، الذي قام ببطولته، لكن المرض لم يمهل البسطاوي لحضور العرض، لكن الجمهور وبعد نهاية الفيلم تأكد ان الفنان الذي غاب جسديا، كان حاضرا فنيا بقوة، من خلال الدور الذي قدمه، والذي اكد مساره الابداعي الذي سيتذكره دائما معجبوه.