قال مصطفى الرميد، وزير العدل السابق، اليوم السبت، إن العالم يعيش أسبوعا فارقا في تاريخ القضية الفلسطينية، مؤكدا على أنه بفضل « دبلوماسية الدماء الزكية للشعب الفلسطيني تغيرت الموازين ». وتحدث الرميد في ندوة لمنتدى الريسوني للحوار العلمي، عن « دبلوماسية الدماء الزكية للشعب الفلسطيني »، وقال إن « دبلوماسية الدم المسفوحة على أرض غزة هي التي قلبت الموازين، وحركت الشارع الغربي في أمريكا وأوربا، وأيضا في الجامعات، طلابا وأساتذة ». وشدد المتحدث على أنه بالنظر لأن « الصورة والصوت المباشرين لا يحابيان أحدا، فإن الضغط الذي مارسته بعض القنوات ثم وسائل التواصل الاجتماعي، جعل العالم يقف على حقيقة الجرائم المنكرة والخطيرة التي تقع تحت طائلة اتفاقية روما ». ووفق الرميد، « يظهر بأن الأمر يتجه نحو مساءلة معنوية يمكن أن تتطور إلى مساءلة حقيقية للكيان الصهيوني »، مشيرا إلى أننا « نعيش أسبوعا فارقا في تاريخ القضية الفلسطينية وأيضا في تاريخ الكيان الصهيوني وفي تاريخ الإنسانية، خاصة بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية ». وقال الوزير السابق أيضا، « في سنة 2015، زرت مقر محكمة لاهاي، والتقيت برئيسة المحكمة الجنائية الدولية، ثم بالنائبة العامة للمحكمة الجنائية الدولية بصفتي وزيرا للعدل، حاولوا إقناعنا بالانضمام إلى اتفاقية روما، وأنا كنت أقول بأنه ليست هناك عدالة جنائية دولية حقيقية، وإنما صورية تسعى إلى تمكين الكبار من رقاب الصغار، خاصة بإفريقيا، وقد وجدوا حرجا فيما طرحته عليهم ». وأضاف السياسي المغربي، « اليوم لدينا معطيات جديدة، الأولى أن كريم خان وبعد تردد كبير، وبعد ضغط دبلوماسية الدم الفلسطيني، استطاع أن ينفلت من المربع الذي أريد وضعه فيه من طرف أمريكا وإسرائيل وحلفائهما، خاصة أن أعضاء في الكونغريس هددوا النائب العام أنه في حالة ما إذا اتجهت إرادته لمتابعة إسرائيل، سيكون محل عقاب، مع ذلك كانت له الشجاعة، بالرغم من أن قراراه لم يكن منحصرا على إسرائيل، وشمل قراره ثلاثة أعضاء من حماس ». وعبر الرميد عن تفهمه لما ذهب إليه النائب العام بالمحكمة الجنائية الدولية، وقال، « أتفهم ذلك وإن كنت لا أوافق عليه، لأنه لم يكن له أن يسير في اتجاه واحد، لذلك حاول أن يأخذ العصا من الوسط »، مشيرا إلى أن « المرحلة الجديدة قد لا تؤدي إلى اعتقال الجناة في الجانب الصهيوني، لكن صورة إسرائيل الآن لطخت وأصبحت القيادة الإسرائيلية محل متابعة دولية، ولا شك أن هذا سيفتح آفاقا أمام القضية الفلسطينية لتعرف تحولات نوعية، خاصة لدى الغرب الذي كان يؤيد الكيان الصهيوني بدون تحفظ ولا شرط، والآن الأمور تتجه في الاتجاه المعاكس، وأعتقد أنها بداية مسار طويل من النضال الذي ينبغي أن يكون على جميع المستويات وفي جميع الساحات ». وأوضح الرميد أن « مجرد صدور مذكرة لاعتقال الصهاينة، يجعل منهم عوض أن يكونوا مثل الملائكة في أعين الغرب، الذي يدعمهم ويغض الطرف عن جرائمهم، يصبحوا مجرمين يفرون من العدالة ». وأضاف، « كنت أعتقد أن الكيان الصهيوني محصن من المتابعة، لكن اليوم الطريق معبدة نحو إعادة ترتيب الأوراق الدولية بما في ذلك وضع الكيان الصهيوني، ومستوى تأثير الولاياتالمتحدة في القرار الدولي ». وأفاد القيادي السابق في العدالة والتنمية، بأن « الحرب العالمية الثانية شهدت انتصار الحلفاء، فقاموا بتأسيس محاكم للنازيين، وشهدت طوكيو محاكمة أخرى لفلول النظام الذي كان قائما في اليابان قبل الحرب، وبعد ذلك توالت محاكمات جنائية خاصة، منها محاكمة ليوغسلافيا في التسعينات »، يضيف المتحدث، إلا أن المنتظم الدولي قرر أن يقيم محكمة دائمة هي المحكمة الجنائية الدولية، والتي تتميز عن محكمة العدل الدولية بكون هذه الأخيرة محكمة دول تابعة للأمم المتحدة، تعطي الفتاوى والآراء في ما يمكن أن يطلب منها، ثم تقوم بالفصل في النزاعات بين الدول، وبالتالي فهي لا تحاكم الأشخاص ولا تصدر العقوبات ». وشدد الرميد على أن « الحروب ويلاتها لا يمكن حلها بالقرارات السياسية ذات الطبيعة المدنية، وبالتالي المحكمة الجنائية الدولية اختصاصها لا يشمل الدول، وإنما ينصب حول الأفراد الذين يمكن أن يرتكبوا جرائم الحرب والإبادة والجرائم ضد الإنسانية »، مشيرا إلى أن « المحكمة الجنائية الدولية قامت سنة 1998 وبدأت تمارس اختصاصها سنة 2002، وشاركت في تأسيسها جل الدول ». ويرى الرميد، أنه، « بالنظر لطبيعة المحكمة الجنائية الدولية المنفلتة من سيطرة الأممالمتحدة من خلال مجلس الأمن، الذي تسيطر عليه خمس دول، فإن الدول الكبرى للأسف الشديد بعد أن وقعت بالحروف الأولى على اتفاقية روما لسنة 1998 لم تصادق عليها، الأمر يتعلق بروسيا والصين وأمريكا والهند وأيضا إسرائيل، لأن هذه الدول تريد أن تكون هناك عدالة دولية مسيطرة عليها، ولا يمكن أن تنفلت لدرجة مساءلتها ». ولاحظ الرميد أن « فلسطين بعد مشاكل كثيرة، استطاعت سنة 2014، أن تكون عضوا في اتفاقية روما، وبالتالي أصبح بإمكانها أن تقدم بما تراه مناسبا ضد إسرائيل، وهو ما حصل فعلا وواجه عراقيل كثيرة ».