ارتفعت أسعار النفط، الإثنين، غداة القرار المفاجئ الذي اتخذه عدد من كبار مصدري النفط بخفض الإنتاج اعتبارا من ماي بهدف رفع الأسعار بعد تدهورها أخيرا. والأحد، قادت السعودية خفضا منسقا للإنتاج اليومي لعدد من كبرى الدول النفطية رغم ضغوط الولاياتالمتحدة لزيادة الإنتاج، في خطوة اعتبرت "إجراء احترازيا" لتحقيق "الاستقرار والتوازن" في أسواق الخام. وقررت السعودية والإمارات والكويت وسلطنة عمان والجزائر بشكل منسق خفض إنتاجها اليومي بأكثر من مليون برميل يوميا بالإجمال، بدءا من ماي المقبل وحتى نهاية العام الجاري، في أكبر خفض للإنتاج منذ قرار منظمة الدول المصدرة للنفط وشركائها في تحالف "أوبك بلاس" في أكتوبر 2022 خفض مليوني برميل يوميا. وبالمثل، أعلنت روسيا المنضوية في تحالف أوبك بلاس أنها ستمدد خفض إنتاجها من النفط الخام بمقدار 500 ألف برميل يوميا حتى نهاية العام 2023، مشيرة إلى "إجراء مسؤول ووقائي". لكن بالنسبة للمحللين فإن هذه الخطوة تهدف خصوصا إلى جني "عائدات" إضافية كما قال خورخي ليون من رايستاد إنرجي في مذكرة. وقال إن هذه الاقتطاعات تظهر أن تحالف أوبك بلاس سيقوم بكل ما بوسعه "للدفاع عن سعر أدنى يبقى أعلى بكثير من 80 دولارا للبرميل" رغم انتقادات الولاياتالمتحدة ودول أخرى مستهلكة قلقة من التضخم المتزايد. وأشار الخبير في مجال الطاقة المقيم في أبوظبي إبراهيم الغيطاني إلى أن التخفيضات الطوعية "تأتي بعدما وصلت أسعار خام برنت إلى أدنى مستوياتها في عامين في مارس الماضي، بسبب أزمة بعض المصارف الأمريكية". وأفاد وكالة فرانس برس بأن "انخفاض سعر برنت إلى أقل من 80 دولارا هو مستوى غير مقبول لدى أعضاء أوبك بلاس"، لافتا إلى أن "الدول المنتجة تتمسك بمستوى توازني يدعم موازناتها المالية الكبيرة في هذا العام، وخططها الاقتصادية المقبلة". وبعد هذا العمل المنسق من كبار منتجي النفط، كان رد فعل السوق فوريا، فارتفع سعر النفطين المرجعيين في العالم بحوالى 8% في مستهل التداولات ليعودا إلى مستواهما الذي كانا عليه قبل اضطرابات القطاع المصرفي في الولاياتالمتحدة. وقرابة الساعة 15,00 ت غ ارتفع سعر نفط برنت، مرجعية بحر الشمال الأوربية، بحوالى 5,31% ليصل إلى 84,13 دولارا للبرميل ونفط غرب تكساس الوسيط بحوالى 5,38% ليصل إلى 79,74 دولارا للبرميل. وعلى جانبي الأطلسي، كانت الأسعار في طريقها لتسجيل أكبر زيادة يومية لها منذ الارتفاع الحاد الذي سجل في الأسابيع الأولى من الغزو الروسي لأوكرانيا في مارس 2022. وستخفض السعودية إنتاجها بمقدار 500 ألف برميل يوميا والعراق 211 ألف برميل، والإمارات 144 ألف برميل، والكويت 128 ألف برميل والجزائر 48 ألف برميل وسلطنة عمان 48 ألف برميل، على ما أعلنت كل دولة. وأعلنت أوبك بلاس أن إجمالي التخفيضات سيكون "حوالى 1,66 مليون برميل يوميا". وأكد محللو "دي ان بي" أن "غالبية التخفيضات ستتم من قبل دول تنتج بمستوى أو فوق مستوى حصصها" المحددة ما يعني "تخفيضات فعلية للعرض". وقال نائب رئيس الوزراء الروسي المكلف بشؤون الطاقة الكسندر نوفا ردا على أسئلة روسيا24 إن دولا أخرى يمكن أن تعلن أيضا "عن اقتطاعات في حال رأت أن الأمر ضروري". وخلافا لإجراءات مماثلة اتخذتها أوبك بلاس في السابق مع انتشار وباء كوفيد-19 أو إزاء مخاوف الركود، فإن قرار خفض الإنتاج صدر هذه المرة في ظل ارتفاع الطلب العالمي على النفط. فالصين، الدولة التي تستهلك النفط بكميات كبرى، أعادت فتح اقتصادها بعد اعتماد سياسة مشددة لمكافحة الوباء. يأتي هذا الإعلان ليضاف إلى قرار اتخذ في أكتوبر بخفض الإنتاج بمعدل مليوني برميل في اليوم. وكان ذلك أكبر خفض منذ تفشي وباء كوفيد-19. وهذه نكسة جديدة لواشنطن التي تدعو إلى رفع الإنتاج من أجل احتواء الأسعار، كما تقول كارولين باين من كابيتال إيكونوميكس. من وجهة النظر الجيوسياسية، تظهر هذه التخفيضات "دعم المجموعة لروسيا" التي ستستفيد هكذا من أفضل الأسعار لتعويض أثر العقوبات الغربية عليها. ودافع الكرملين، الاثنين، عن القرار قائلا إنه يصب في "مصلحة" الأسواق العالمية. وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن "من مصلحة أسواق الطاقة العالمية أن تبقى أسعار النفط العالمية في مستوى جيد" مضيفا "سواء كانت الدول الأخرى مسرورة بذلك أم لا هو شأنها هي".