قبل 38 يوما من الانتخابات الرئاسية الفرنسية وفي خضم الحرب الروسية على أوكرانيا، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رسميا مساء الخميس ترشحه لولاية ثانية. وانتظر الرئيس الفرنسي حتى اللحظة الأخيرة ليقدم طلب الترشيح الرسمي، إذ تنتهي مهلة تقديم الترشيحات إلى المجلس الدستوري الجمعة عند الساعة 17,00 بتوقيت غرينتش. ويصب ماكرون جهوده على الحرب في أوكرانيا، وقد أجرى محادثات جديدة عبر الهاتف مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين ومن ثم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وأكد ماكرون في "رسالة إلى الفرنسيين" نشرتها مواقع إلكترونية لوسائل إعلام عدة، "أنا مرشح" معربا في الوقت نفسه عن أسفه لعدم التمكن من "تنظيم حملة (انتخابية) كما كنت أتمنى بسبب الظروف" في إشارة إلى الحرب في أوكرانيا. وتعهد العمل على تعزيز فرنسا وأوربا في وجه "تراكم الأزمات". وكتب ماكرون في رسالته، "لهذا السبب أطلب منكم منحي ثقتكم لولاية ثانية كرئيس للجمهورية"، وأضاف "أنا مرشح لكي أستحدث معكم وسط تحديات هذا القرن، استجابة فرنسية وأوربية فريدة". وحدد ماكرون في رسالته المحاور الرئيسية لولايته المقبلة مؤكدا أنه "ينبغي العمل أكثر ومواصلة خفض الضرائب". وبعد ولاية من خمس سنوات طغت عليها قبل الجائحة، أزمات اجتماعية داخلية، وعد الرئيس الفرنسي باعتماد طريقة تعامل مختلفة. وأوضح "لم ننجح في كل شيء. وثمة خيارات كنت لأتخذها بشكل مختلف مع الخبرة التي اكتسبتها بجواركم". ودافع عن أدائه لا سيما في مواجهة جائحة كوفيد-19 مؤكدا أنه يريد "إعطاء الأولية للمدرسة وللمدرسين الذين سيتمتعون بحرية أكبر واحترام أكبر وبأجور أفضل" و"المحافظة على النموذج الاجتماعي الفرنسي وتحسينه". ووعد الرئيس المحب "للحداثة" والذي يريد أن يجعل من فرنسا "أمة الشركات الناشئة"، "الاستمرار في الاستثمار في الابتكار والبحث من أجل وضع فرنسا في الصدارة في قطاعات مثل مصادر الطاقة المتجددة والنووي والبطاريات والزراعة والتكنولوجيا الرقمية والفضاء التي تشكل المستقبل". وأكد أنه سعى إلى جعل فرنسا "أمة بيئية كبيرة ستكون أول من يخرج من الاعتماد" على مصادر الطاقة الأحفورية. ومع إعلان ترشحه للانتخابات المقررة التي تجري دورتها الأولى في العاشر من أبريل والثانية في الرابع والعشرين منه، أعطى ماكرون دفعا جديدا للحملة التي أعادت الحرب في أوكرانيا خلط أوراقها. ولم يسبق لأزمة دولية أن كان لها هذا الأثر على حملة انتخابية في ظل الجمهورية الخامسة في فرنسا القائمة منذ العام 1958، خصوصا أنها أتت بعد أزمة دولية أخرى في مالي حيث أنهى الرئيس الفرنسي توترات دامت شهورا مع العسكريين الحاكمين في مالي بإعلانه في 17 فبراير انسحاب القوات الفرنسية من هذا البلد. منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا قبل ثمانية أيام، تحسن تأييد الرئيس ماكرون في استطلاعات الرأي ليصل إلى 27-28 في المائة أي بتقدم عشر نقاط تقريبا عن منافسته من اليمين المتطرف مارين لوبن زعيمة "التجمع الوطني" التي وسعت الفرق مع مرشحة اليمين فاليري بيكريس (حزب الجمهوريين) وإريك زيمور اليميني المتطرف الآخر المثير للجدل. ومع أن الرئيس أكد سابقا أن الحملة ستسمح "بنقاش ديمقراطي واسع"، يعرب منافسوه الذين كانوا يستعدون للمواجهة، عن مخاوف متزايدة من أن الحكم على أداء ماكرون وهموم الفرنسيين الرئيسية من قدرة شرائية وصحة وأمن، لن تحظى بأولوية النقاش. وسبق لبيكريس التي تراجعت في استطلاعات الرأي أن صرحت "ليس لدينا مرشح أمامنا. لا يمكننا انتقاد أداءه. لا نستطيع اقتراح مشروع مضاد. ليس لدينا خصم اليوم. هذا أمر غير مسبوق في ظل الجمهورية الخامسة". أما مارين لوبن التي ألحق بها ماكرون هزيمة كبيرة في انتخابات 2017، فقالت "على ماكرون أن يعتمر قبعة المرشح الرئاسي، لأنه ينبغي أن يضع حصيلة ما أنجزه أمام الفرنسيين". وتظهر استطلاعات الرأي الأخيرة فوز إيمانويل ماكرون في الدورة الثانية أيضا مهما كان الخصم الذي سيواجهه حتى أفضلهم حظا مارين لوبن. وقال مصدر في الحزب الرئاسي لوكالة فرانس برس، "يجب أن نكون حذرين جدا بشأن نتيجة الانتخابات. قد تكون النتيجة في الدورة الثانية متقاربة أكثر مما نظن".