تتوالى الإجراءات والقرارات التي تتخذها الحكومة الهولندية لتشديد الخناق على المهاجرين الأجانب المقيمين على ترابها وبخاصة المغاربة. ورغم أن الهجرة المغربية إلى هولندا قديمة، وأن المهاجرين المغاربة يشكلون ثاني جالية أجنبية فيها بعد الأتراك وقبل العراقيين، إذ يبلغ عددهم حوالي 400 ألف مهاجر، وتتوقع دراسة أنجزها المركز العربي للأبحاث ودراسة «سياسات الهجرة مؤخرا حول الهجرة من المغرب إلى أوربا: هولندا نموذجا»، أن يرتفع عدد المهاجرين المغاربة في أفق 2030 إلى أكثر من 460 ألف مهاجر، غير أن تداعيات الأزمة الاقتصادية وتنامي كراهية الأجانب التي تغذيها سياسة حزب الحرية المتطرف، جعلت سوق العمل يضيق على طالبي العمل من الجيل الثاني والثالث من مغاربة هولندا، والذين يواجهون صعوبات في الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، وبخاصة الذين تقل أعمارهم عن 34سنة وذوي المؤهلات العلمية والمهنية العالية والذين تقل أجورهم داخل سوق الشغل الهولندي بنسبة 30 بالمائة مقارنة مع نظرائهم الهولنديين. وحتى بالنسبة لمغاربة هولندا الذين تلقوا تعليما هولنديا بجودة عالية، فإن القيود المفروضة على تشغيل الأجانب في هولندا والتي تفرض منح الأسبقية في التشغيل لطالبي الشغل الهولنديين والمنحدرين من دول الإتحاد الأوربي ومن دول أوربا الشرقية، تحرم الأجانب والمغاربة على الخصوص من فرص قليلة للعمل وذات مدخول ضعيف، بات يتنافس عليها أكثر من 65 ألف عاطل مغربي في هولندا أو يزاولون أعمال مؤقتة. وينخرط كل هذا في سياسات وزير الهجرة واللجوء الهولندي»خيرد ليزر» ومن ورائه رئيس حزب الحرية العنصري» خيرد فيلدرز»، والتي تقول إن هولندا تجاوزت طاقة استيعابها من المهاجرين الأجانب، وأن سياسة إدماج المغاربة في المجتمع الهولندي تكلف خزينة الدولة 2،7 مليون أورو سنويا. وهي دعوات مدروسة قصد تحميل المهاجرين المغاربة والأجانب عبئا ثقيلا من أجل التخلص منهم بطردهم إلى موطنهم الأصلي. وقد أظهر استطلاع للرأي أنجز مؤخرا في هولندا، أن 37 بالمائة من الشباب المغربي من الجيل الثاني والثالث المقيمين في هولندا ومن أصحاب الكفاءات المهنية، يفكرون في مغادرة هولندا بسبب الضغوط التي يعانون منها، من قبيل التهديد بتجريد المهاجر المغربي من جنسيته الهولندية والطرد والترحيل، وأيضا بسبب التمييز داخل سوق العمل على مستوى المداخيل وعلى مستوى عروض الشغل. وفي الأسبوع الماضي، توصلت هيئة دفاع أرامل وأيتام المهاجرين المغاربة في هولندا، من محكمة أمستردام، بمراسلة تفيد أن بنك الضمان الاجتماعي قد استأنف باسم الحكومة الهولندية، قرار المحكمة القاضي بعدم قانونية تخفيض التعويضات الاجتماعية المستحقة لأرامل وأيتام المغاربة الذين اختاروا الإقامة في بلدهم الأصلي بنسبة 40 بالمائة، مما يتعارض مع الاتفاقية المغربية الهولندية بشأن الضمان الاجتماعي. ويشار إلى أن البرلمان الهولندي أدرج مشروع قانون تعليق صرف التعويضات خارج الإتحاد الأوربي في جلسة يوم الثلاثاء 17شتنبر الجاري، بعد أن أضافت السلطات الهولندية في السنة الماضية في الاتفاقية المغربية الهولندية بشأن الضمان الاجتماعي مبدأ بلد الإقامة بدل بلد العمل لتحديد قيمة التعويضات العائلية. أي صرف التعويضات العائلية حسب مستوى المعيشة في بلد الإقامة وليس حسب ما ينص عليه القانون. وينخرط القرار الهولندي في سياق مذكرة وزارة الشغل الإسبانية بشأن مراقبة إقامة الأجانب الذين يستفيدون من التعويضات عن البطالة وعن فقدان الشغل والمطبق على المغاربة بشكل حصري، والتي تقيد حقهم في التنقل خارج إسبانيا بالحصول على موافقة السلطات الإسبانية مسبقا، ولمدة لا تفوق أسبوعا واحدا، كما تفرض على المخالفين غرامات مالية تصل إلى ألفي أورو، مع حرمانهم من الحق في الاستفادة من تعويضات البطالة.