لايزال الغموض يلف موعد إعادة فتح الحدود البرية والجوية والبحرية بين المغرب وإسبانيا، بعد إغلاقها كليا يوم 13 مارس الماضي عقب مكالمة هاتفية بين الملك محمد السادس والعاهل الإسباني، فيليبي السادس، بهذا الخصوص، في إجراء وقائي لاحتواء أزمة فيروس كورونا المستجد. كما أن الغموض نفسه مازال يلف عملية «مرحبا 2020» في نسختها المغربية و«عملية عبور مضيق جبل طارق» في نسختها الإسبانية، مع ذلك تُطرح بقوة إمكانية فتح الحدود في وجه مغاربة أوروبا ابتداء من منتصف يوليوز المقبل، في حال استمر تحسن الحالة الوبائية في ضفتي المتوسط. فضلا عن ذلك، وجهت مطالب إلى الاتحاد الأوروبي للدخول على خط عملية «مرحبا 2020» عبر مساعدة المغرب وإسبانيا لإنجاحها في ظل الظروف الصعبة الراهنة، رغم أن البلدين لديهما ما يكفي من الخبرة المكتسبة على مدى 35 عاما من تدبير هذه العملية سنويا. وفي الوقت الذي كان يرجح فيه الجميع فرضية تعليق عملية مرحبا هذه الصيف، كشفت معطيات جديدة أن الحدود البحرية بين المغرب وإسبانيا قد تبدأ في العودة إلى وضعها الطبيعي تدريجيا ابتداء من 10 يوليوز المقبل، على إثر اجتماع بين الحكومة المغربية ونظيرتها الإسبانية بهذا الخصوص، حسب موقع «كادينا سير» الإسباني. واستندت هذه المعطيات إلى وثيقة صادرة عن الملاحة المغربية تحدد تفاصيل كيفية العودة التدريجية للخطوط البحرية بين البلدين، والتي ترتكز بشكل كبير على التزام المسافرين بالتدابير الصحية المعروفة، من قبيل النظافة والتعقيم ومسافة الأمان ووضع الكمامات، لكن يبقى الإجراء الجديد هو مطالبة كل مسافر بالإدلاء ب«باختبار سلبي» بخصوص فيروس كورونا، إلى جانب التركيز على «رقمنة» عملية العبور، مثل شراء التذاكر عبر الأنترنت. من جهتها، ستلتزم إدارات الموانئ في الضفتين بالإجراءات الصحية المتبعة، مثل قياس درجة حرارة المسافرين، وتعقيم الأماكن والسفن. وأي مسافر يشتبه في إصابته أو لم يستوف الشروط المطلوبة، لن يسمح له بالسفر. إضافة إلى ذلك، فإن سفن نقل المسافرين إلى المغرب ستستغل 50 في المائة فقط من قدرتها الاستيعابية، حفاظا على مسافة الأمان، ما يعني أنه لن يكون بوسع كل مغاربة أوروبا العودة إلى المملكة خلال فصل الصيف الجاري. بدوره، كشف حاكم مدينة مليلية عن الحزب الاشتراكي الحاكم بإسبانيا، إدواردو دي كاسترو، أن رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، أخبره، خلال الاجتماع الأخير له مع رؤساء الجهات المستقلة، بأن الحدود الإسبانية مع دول خارج المجال الأوروبي، مثل المغرب، سيعاد فتحها يوم فاتح يوليوز المقبل. وإذا كان من الصعب أن يتحدث رئيس الحكومة الإسبانية عن فتح الحدود مع دول خارج المجال الأوروبي دون أن يتواصل معها ودون الحصول منها على ضمانات، خاصة المغرب، فإن حاكم مليلية نفسه أوضح أن المغرب سيفتح حدوده مع إسبانيا في 15 يوليوز المقبل. ويعتقد حاكم مليلية أن «عملية مرحبا 2020» لن تكون في مهب الريح هذا الصيف، بل سيؤخرها المغرب إلى 15 يوليوز، وفق وثيقة أنجزتها وزارة التجهيز المغربية. ومن المعلوم أن عملية عبور مضيق جبل طارق، ذهابا وإيابا، من قبل 3.3 ملايين مغربي و800 ألف عربة كل صيف، تنطلق يوم 15 يونيو وتنتهي يوم 15 شتنبر، لكن الجائحة علقتها هذه السنة إلى أجل غير مسمى. ويبدو أن عملية «مرحبا 2020» ستكون عن طريق البحر فقط بين الجنوب الإسباني ومختلف موانئ المغرب، ولن تشمل المعابر الحدودية بين الثغريين المحتلين سبتة ومليلية. هذا المعطى رحب به ظاهريا مسؤولو الثغرين، لكنهم يتخوفون أن يكون قرارا دائما وليس مؤقتا، خاصة أنه يأتي بعد إنهاء المغرب التهريب المعيشي من سبتة، وتوجهه إلى وقفه من مليلية. ومن شأن تعليق عملية عودة نصف مليون مغربي مقيم بالخارج إلى المملكة عبر سبتة ومليلية في كل صيف، كما هو الحال سنة 2019، أن يحرم خزينة الثغرين من ملايير الدراهم، وهو ما يعترف به حاكم مليلية، كاسترو، لكنه يبرر ميله إلى تعليقها بالقول: «يقلقنا الخطر الصحي الذي قد يرافق هذا (عملية مرحبا) في الوقت الراهن»، وفق صحيفة «إلفارو ديجيتال»، وتابع: «لا نعرف كيف تجري الأمور. لقد صمت المغرب كليا حيال هذه القضية. لا مجال هنا للصدفة، وقد تكون هناك نوايا جانبية في عملية عبور مضيق جبل طارق (2020)»، في إشارة إلى الوثيقة المغربية التي تتحدث عن أن عملية مرحبا هذه السنة ستجرى بحرا فقط في حال سمح الوضع الصحي بذلك. في السياق نفسه، جاء في الجريدة الرسمية الإسبانية، أول أمس الاثنين، أن الحكومة الإسبانية قررت تمديد إغلاق الحدود بين سبتة ومليلية والداخل المغربي، والتي من المفروض أن تفتح أمس إلى غاية يوم 30 يونيو الجاري، تاريخ انتهاء حالة الطوارئ في الجارة الشمالية، ما يعني أن الحدود البرية مع المغرب لن تفتح من الجانب الإسباني يوم 21 يونيو الجاري، الذي من المنتظر أن يعاد فيه فتح الحدود الإسبانية مع كل دول الاتحاد الأوروبي، باستثناء البرتغال الذي طلب تأخير فتحها إلى غاية فاتح يوليوز المقبل، حيث سيعطي ملك إسبانيا ورئيس البرتغال انطلاقة فتح الحدود.