دخلت أزمة أصحاب المحلات التجارية، التي يزاول أصحابها أنشطة اقتصادية وخدماتية طالها الحظر خلال قانون الطوارئ الصحية، منعطفا صعبا، حيث بدأ المزاولون لهذا النشاط الاقتصادي يشعرون أكثر فأكثر بثقل الأزمة الاقتصادية على كاهلهم، ما جعلهم يطرقون أبواب السلطات المحلية والمسؤولين الحكوميين، من أجل رفع القيود جزئيا خلال العشرة أيام الأخيرة من شهر رمضان. وعلمت “اليوم 24” من مصادرها، أن جمعيات التجار المقفلة محلاتهم بسبب الجائحة، في مدينة طنجة، تقدموا خلال الأيام الماضية بملتمس مكتوب إلى والي جهة طنجةتطوانالحسيمة، محمد مهيدية، من أجل السماح لهم بفتح محلاتهم خلال الأيام المتبقية من شهر رمضان، لكنهم يخشون ألا تساعد الوضعية الوبائية غير المستقرة على الموافقة على طلبهم. ويتعلق الأمر بدكاكين بيع الملابس الجاهزة، ومنتوجات الصناعة التقليدية، ومحلات الأواني المنزلية، والآلات المنزلية الكهربائية، والمفروشات والأغطية، والأحذية والحقائب ومختلف المنتوجات الجلدية، المتواجدة في المدينة العتيقة، ومنطقة “كسبرطا”، وسوق “بني مكادة”، ومحلات القيسريات المنتشرة في عدة أحياء أشهرها “المصلى”، “الادريسية”، “بير الشيفا”، “بن ديبان”، “درادب”، والسواني. في هذا الصدد، كشف مصطفى بن عبد الغفور، رئيس منتدى التاجر بمدينة طنجة، أن مدينة طنجة يوجد بها أكثر من 57 ألف محل ودكان مهني مقيد بالسجل التجاري، يؤدي أصحابها رسوما جبائية سنوية في دار الضرائب، وغالبيتهم غير مسجل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، كما أنهم ليسوا من الفئات المعوزة التي تستحق المساعدة المالية للأسر المتضررة من جائحة فيروس كورونا، فهذه الفئة من أشد المتضررين من الظرفية الاستثنائية، لكن لحد الساعة لم تقدم الحكومة لها أية بدائل وحلول. ونبه مصطفى بن عبد الغفور الذي يشغل أيضا مهمة النائب الأول لرئيس الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات بطنجة، إلى أن هذه الفئة المتضررة من توقيف أنشطتها الاقتصادية طيلة مدة الطوارئ الصحية، التي ما زالت مستمرة إلى غاية 20 ماي، ولا يعرف ما إذا كان سيتم تمديدها بعد هذا التاريخ أم لا، لا تنتظر حاليا الدعم الإحساني، وإنما تنتظر قرارات جادة من لجنة اليقظة الاقتصادية تنتشلها من الأزمة. من جانب آخر، يسود استياء وامتعاض شديدين وسط أصحاب المحلات والدكاكين التجارية، من سماح السلطات لأسواق المساحات الكبرى والمراكز التجارية العصرية ببيع نفس المنتوجات التي تندرج ضمن خانة “الأنشطة التجارية والخدماتية غير الضرورية”، حيث أغرقت معارضها بكميات كبيرة من البضائع والسلع في موسم الإقبال الرمضاني، بمنطق “حرام علينا حلال عليهم”، عوض تقييدها هي الأخرى ببيع المواد الغذائية العامة والسلع الاستهلاكية الضرورية، معتبرين أن التساهل مع متاجر المساحات الكبرى، فيه تمييز وحيف اقتصادي “غير منطقي وغير مبرر”، حسب وصف المتضررين. وتزامن استمرار قرار إغلاق محلات بيع الملابس الجاهزة والأزياء التقليدية والأواني المنزلية ومختلف الحاجيات الموسمية التي يقبل عليها المغاربة في المناسبات الدينية، مع شهر رمضان ومناسبة عيد الفطر، وهو الموسم الذي يشهد ذروة النشاط الاقتصادي خلال مدار السنة، حيث يستغل التجار هذه المناسبة لتدارك سداد متأخرات ديونهم من السلع، ويصرفون أيضا البضاعة التي يتعثر بيعها خلال باقي فصول السنة عبر عروض التخفيضات والتحفيزات الأخرى. من جهة أخرى، أعرب سعيد أهروش، رئيس رابطة تجار سوق كسبرطا، وعضو غرفة التجارة والصناعة والخدمات، عن أسفه لما وصفه “تحايل” أسواق المساحات الكبرى والمتوسطة على القانون، حيث لم يكتفوا ببيع المواد الأساسية المحددة في قائمة الأنشطة المرخص لها من وزارة الداخلية ووزارة الصناعة والتجارة، وإنما تعمدوا فتح أجنحة بيع الملابس، وبيع الأجهزة الكهربائية، ومواد العقاقير، والكتب الدينية، وألعاب الأطفال، ومواد التجميل، والإكسسوارات، رغم أنها من المهن غير المسموح لها بالاشتغال. وقال سعد أهروش، في تصريح ل “اليوم 24″، إن التجار الصغار المتضررين من هذا التمييز، قدموا شكايات شفهية لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات والسلطة المحلية ووالي الجهة، حول ما سموه “تحايل” المتاجر الكبرى على القرار المشترك الصادر بتاريخ 20 مارس الماضي إلى عموم المهنيين، والذي حددت من خلاله وزارة الداخلية ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي، لائحة الأنشطة التجارية والخدماتية الضرورية، التي يجب أن تستمر على المستوى الوطني في تقديم خدماتها ومنتوجاتها للمواطنين خلال فترة الطوارئ الصحية. وبالموازاة مع ذلك، كشف أهروش أن التجار قدموا مذكرة مطلبية للجنة اليقظة الاقتصادية التي يترأسها وزير المالية، تتضمن عدة مطالب من أهمها تمكين التجار المتضررين من قروض على شاكلة “ضمان أوكسجين”، على اعتبار أن أضرارهم خلال هذه الظرفية الاستثنائية كانت مضاعفة، أولا من خلال توقف مصدر مدخولهم اليومي، ومن جهة ثانية ضياع الموسم التجاري بالكامل، على اعتبار أن بعض المنتوجات تفقد قيمتها إذا لم تبع في السوق في أوقات محددة، وبالتالي فإن الحلول المقدمة يجب أن تراعي حجم الخسائر الاقتصادية التي كانت مضاعفة، فضلا عن فقدان آلاف مناصب الشغل التي كانت تسترزق من هذه الأنشطة الاقتصادية.