عرف الموسم الدراسي المنصرم عددا كبيرا من الاحتجاجات والإضرابات، هل سنشهد خلال هذه السنة السيناريو عينه؟ أظن أن وزارة التربية الوطنية ملزمة باعتماد مقاربة استباقية تنكب على إيجاد أجوبة حقيقية لقضايا الشغيلة التعليمية، التي شكلت محور توتر الموسم الفارط، وإلا فإن دينامية النضال والاحتجاج ستستمر، إذا لم نبادر جميعا إلى إيجاد أرضية مشتركة ترضي الجميع، وتستوعب إشكالات الجميع، وفي مقدمتها تسوية إشكالات الفئات المتضررة وتنزيل مخرجات الحوار القطاعي . ما هي الأسباب التي جعلتكم ترفضون عرض الحكومة الأخير؟ لم نرفض عرض الحكومة، بل تفاوضنا بشأنه، والتفاوض لا يعني الاستسلام منذ العرض الأول، لذا كنا نطالب بتجويده وتحسينه ليتجاوب مع انتظارات الشغيلة المغربية، وهو ما تم في حدوده الدنيا بخصوص اتفاق 25 أبر يل 2019. وسنستمر في المطالبة بالمزيد لإنصاف الشغيلة المغربية ودفع الحكومة إلى الوفاء بالتزاماتها، سواء تلك المتعلقة باتفاق 26 أبريل أو مضامين اتفاق 25 أبريل 2019، وباقي الحوارات القطاعية . هل يمكن القول إن الحوار الاجتماعي فشل؟ الحوار يفشل عندما تحكمه أجندات غير نقابية ومواقف لا تتبنى مطالب الشغيلة المغربية بكل فئاتها، التي تعاني جراء إفشال جولات الحوار السابقة، ثم إن فشل الحوار أو نجاحه، هو مسؤولية جماعية، حيث على الحكومة أن تستثمر في السلم الاجتماعي والأمن الاجتماعي من خلال عدم الركون إلى مقاربة الكلفة المالية وحدها، واعتبار كلفة الحوار الاجتماعي استثمار في الاستقرار ودعم لمسار الإصلاح، وعلى الحركة النقابية أن تبقى وفيّة لمطالب الشغيلة دون غيرها . هل تعتقد أن قانون الإطار لمنظومة التربية والتكوين، وما جاء فيه سيحل مشكلات التعليم؟ أبدا. إذ بالنظر إلى السياق الذي أنتجه، أظن أننا نكرس المنهجية عينها. لذا، وجب تغيير منهجية اعتماد الإصلاحات وتنزيلها، وأي مقاربة انتقائية في هذا الباب ستعقد من نجاح القانون الإطار، الذي تقول به مقتضيات جيدة، وأخرى لازلنا نعتبرها خروجا عن مقتضيات الدستور، من قبيل السياسة اللغوية، بالإضافة إلى ضعف مكانة الموارد البشرية فيه. لذا، نعتقد أن القانون الإطار سيكون في قلب معركتنا النضالية، لأننا نعتقد أن الفرص متاحة لإنقاذ منظومتنا التربوية، وإلا سنزيد من تعقيد معضلاتها . يقول البعض، إن دعمكم لملف الأساتذة المتعاقدين سببه أنه في حالة تم تطبيق نظام الجهوية ستتشكل النقابات جهويا، وهو ما سيضعف النقابات المركزية التي يوجد ثقلها في المركز.. ما رأيكم؟ أولا، قوتنا لا توجد في المركز، بدليل أن حضورنا الحقيقي يصنع في المجال، وديناميتنا النضالية القوية تصنعها وتُنجحها الأقاليم والجهات، والمركز دوره محدود في التأطير والتوجيه، وبالتالي، نحن لسنا تنظيما “ستالينيا”، حيث المركز يهيمن على حياة التنظيم ومنظومة قراراته. أما بخصوص دعم ملف الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، فنحن أصحاب قضية فيه، وليس داعمين فقط، والجامعة الوطنية لموظفي التعليم تحفظت على هذا النمط من الوظيفة منذ بدايته، وبلاغاتنا وبياناتنا شاهدة على ذلك، فنحن لا نهوى نضال الركوب على القضايا المبدئية، ثم إننا مستعدون لأي جهوية، وبالتالي، نضالنا مبدئي وليس محكوما بتخوفات المستقبل، ثم إننا نثق في مناضلينا وجاهزيتهم، ومواقفنا نصنعها بوعي ولسنا قوما تبع، وملف الأساتذة الذين فُرض عليهم التعاقد، هو من أولوياتنا النضالية والتفاوضية لعدالة قضيته.