ثَمّنَ خبراء قانونيون وحقوقيون ما جاء به الرأي الأممي الصادر عن مجموعة العمل المعنية بالإعتقال التعسفي في ملف الصحافي توفيق بوعشرين مؤسس جريدة “أخبار اليوم” وموقع “اليوم 24” والذي طالب بإطلاق سراحه وجبر الضرر الحاصل عن الإعتقال التعسفي والحرمان من الحرية الذي تعرض له. وجاء ذلك خلال ندوة نظمتها لجنة الحقيقة والعدالة، ليلة الجمعة، الماضية تحت عنوان “قضية بوعشرين.. قضية دولة” حيث أجمع المشاركون بها على أن القرار أثبت كون الإعتقال كان تعسفيا وخارج القانون، مطالبين بتنفيذ توصياته لأنها جاءت لتصحيح وضع غير قانوني لا يهم بوعشرين وحده بل كل حالات الإعتقال الذي تأمره به النيابة العامة حيث من حقها فقط الوضع تحت الحراسة النظرية، فيما الأمر الإعتقال من صلاحيات القضاء وحده. وبهذا الصدد قال المحامي والقيادي الحقوقي عبد العزيز النويضي في كلمة وجهها للندوة، أن الرأي الأممي هو رأي ملزم للدولة المغربية لأنه صدر من جهاز مخول بذلك، ويطابق القوانين الدولية التي وافق عليها للمغرب طواعية. وشدد النويضي في مداخلة شارك بها في ندوة نظمتها لجنة الحقيقة والعدالة ليلة الجمعة، على أن مفهوم الإعتقال التعسفي أو التحكمي في تعريف فريق العمل يندرج ضمن خمس حالات، ثلاثة منها تنطبق على حالة الصحافي توفيق بوعشرين وتتصل بانعدام الأساس القانوني لاعتقاله” وأن “الإعتقال نتج بسبب ممارسته لحقه في الرأي والتعبير، و”أن إجراءات محاكمته لم تكن عادلة”. وأكد النويضي أن الفريق العامل أحال الشكاية التي توصل بها من المحامي البريطاني وعائلة بوعشرين على الحكومة لترد على ما ورد بها، قبل أن يستنفذ الأطروحات والأطروحات المضادة وصولا إلى إصداره منطوق رأيه وتوصياته. وأشار النويضي إلى أن الشكاية تضمنت عناصر كافية لدعم افتراض انتهاك القواعد الدولية والتي تشكل الإحتجاز التعسفي، في مواجهة الحكومة التي لم تضحد بكيفية دقيقة ما جاء به المشتكي. وتابع بأن الإحتجاز الإحتياطي في المغرب لا يمكن أن يتجاوز 48 ساعة مع احتمال التمديد، مع ضرورة تقديم الشخص خلال هذه الساعات أمام قاض ليققرر في أي تمديد، مضيفا بأن الحكومة لم ترد مباشرة على هذا الدفع لكنها اطلات الحديث عن حالة التلبس وكون القضية جاهزة. وأضاف النويضي أن وقائع القضية لا تفسح المجال أمام أطروحة التلبس التي تم التراجع عنها باعتبارها كانت خطأ مطبعيا. وعلاوة على ذلك يقول النويضي فإن الفريق الأممي يؤكد أن القضية حتى لو كانت جاهزة فإن ذلك لا يبرر استمرار الإحتجاز كإجراء وقائي واستثنائي، يجب أن يستند إلى مبررات أخرى لاستمراره، مثل خطر الهروب أو العبث بالأدلة. وفي خلاصاته حول القرار أكد النويضي أنه ومن وجهة نظر القانون الدولي فإن هذا الرأي ملزم للدولة المغربية لأنه صدر من جهاز مخول لإبداء الآراء والتوصيات استنادا على المواثيق الدولية التي قبلها المغرب والتزام باحترامها في تشريعاته وممارساته التنفيذية والقضائية. وأوضح بأن "هذا الرأي له تأثير سياسي يفوق قيمته، ومن مصلحة المغرب وقضاياه الكبرى أن يتعاون باعتبار أنه يحترم التزامته التي قلبها طواعية وهو يمارس سيادته كاملة غير منقوصة وباعتباره في هذه الحالة دولة قانون سواء على المستوى الوطني أو الدولي". وتابع بأن تنفيذ هذا لارأي في أهم جوانبه وهو الإفراج عن بوعشرين وجبر ضرره سيجنب بلادنا وديبلوماسيتنا كثيرا من الإحراج أمام شركائنا ومنظومة الأممالمتحدة. وأضاف أنه وفي حالة عدم التنفيذ وبتراكم مع قضايا أخرى فمن المحتمل أن يتقهقر المجلس الوطني لحقوق الإنسان من الدرجة التي يوجد عليها اليوم في رتبة المؤسسات الوطنية. كما أشار إلى أنه سيكون أمرا جيدا لو اندرج جبر الضرر هذا في تدابير شاملة للإفراج عن معتقلي الريف وكافة معتقلي الحركات الإحتجاجية الإجتماعية التي عرفها المغرب في السنوات الأخيرة في طريق إصلاحات أخرى لتقويم المسار السياسي والحقوقي في البلاد. من جهته أكد الخبير القانوني محمد رضى أن القرار الأممي في ملف بوعشرين قد أقر بعدم شرعية اعتقاله من طرف النيابة العامة، وأكد على أن النيابة العامة من حقها فقط الوضع تحت الحراسة النظرية". وأضاف رضى بأن القرار جاء ليوضح قواعد الإعتقال الإحتياطي الذي يبقى مسألة استثنائية بالنسبة لقاعدة أن المتهم يبقى بريئا حتى تثبت إدانته، أي بعد انتهاء جميع مراحل التقاضي وصولا إلى مقرر قضائي مكتسب لقوة الشيء المقضي به. وأوضح أن الإعتقال الإحتياطي يبقى استثناء يكون بيد القاضي لأن الدستور كلف الأخير بحماية حقوق المواطنات والمواطنين، وبالتالي لا يمكن الحد من هذه الحقوق، إلا وفقا للقانون وبأحكام قضائية. وأضاف أن قرار الأممالمتحدة جاء ليؤكد هذه القاعدة، وليعبر عن رفض وضع الآلاف من المواطنين وضمنهم بوعشرين في السجون بناء على قرارات للنيابة العامة، والتي لا تعتبر قرارات بالمواصفات القضائية، حيث لا يصدرها قاضي الأحكام، كما أنه لا يمكن الطعن فيها، ما يعجعله اعتقالا تعسفيا. وتابع قائلا بأن النيابة العامة من حقها فقط الأمر بالإحتجاز لفترة الحراسة النظرية وفي حالات استثنائية الأمر بالإيداع في السجن لمدة تصل إلى 5 أيام فيما يتعلق بالجنح، و15 يوم بالنسبة للجنايات. وأضاف بأن بوعشرين معتقل منذ سنة ونصف بناء على أمر من الوكيل العام الأمر الذي لا يندرج ضمن أي خانة حددتها المسطرة الجنائية.