بعد مرور 15 يوما على الربورتاج المثير للجدل الذي بثته القناة الرابعة الإسبانية المملوكة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق، سيليفيو برلسكوني، يوم فاتح ماي الجاري، حول شخص ادعت أنه “بابلو إسكوبار المغرب”، يربح 180 مليونا في الشهر من عائدات بيع القرقوبي الأحمر المصنع من الأدوية المهدئة المستوردة بطريقة غير قانونية من الجارة الشمالية؛ بدأت تنكشف بعض كواليس هذه الفضيحة الإعلامية التي هزت الصحافة الإسبانية، والتي دفعت السلطات المغربية إلى تكذيب تلك الوقائع وتقديم شكاية لدى نظيرتها الإسبانية. وتفيد التفاصيل الجديدة أن الأمر لا يتعلق بتحقيق مهني، بل بسيناريو معد سلفا، وبالضبط منذ بداية السنة الجارية، انطلاقا من خبر نشر على نطاق واسع حول تفكيك الأمن والحرس المدني الإسبانيين شبكة للاتجار بوصفات دواء المهدئ “البنزوديازيبيات” وتهريبها للمغرب لبيعها بطريقة غير قانونية، وفق ما أورده تحقيق مضاد لصحيفة “الإسبانيول”. إذ أن فريق عمل برنامج “تحت المجهر” الذي صور الربورتاج مع “البارون” المفترض، والذي لم يكن في الحقيقية سوى حارس مرآب للسيارات تم التحايل عليه، شرع في فبراير الماضي في البحث عن أشخاص في المغرب للتعاون معه بهدف مساعدته على الولوج إلى المواقع التي يباع ويستهلك فيها “القرقوبي الأحمر” بمدينة طنجة، سيرا على منوال ربورتاجين أنجزتها وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” سنة 2013 وصحيفة “إلموندو” سنة 2017 من المغرب، حول إدخال الأدوية المهدئة من الجنوب الإسباني إلى المغرب بهدف مزجها بالحشيش للحصول على القرقوبي الأحمر. غير أن فريق البرنامج فوجئ برفض كل الأشخاص الذين تواصل معهم التعاون معه، بما في ذلك صحافيين من مدينتي طنجةوسبتة، بعد اكتشافهم أن الفريق لديه سيناريو معد سلفا، ولا يرغب في إنجاز تحقيق مهني عن طريق سلك المساطر القانونية؛ أولها الحصول على ترخيص التصوير في المملكة. وهو الشيء الذي تأكد فعلا، إذ أن أفراد طاقم البرنامج دخلوا إلى المغرب في أواخر شهر أبريل المنصرم بصفتهم سياحا. لهذا قبل ساعات من دخولهم إلى المغرب لم يربطوا الاتصال بأي مصدر محلي، ولم يجروا أي تحر. وكان طاقم القناة الرابعة الإسبانية قد تواصل من قبل مع مراسل صحافي إسباني سبق وأنجز تحقيقا حول القرقوبي في مدينة الدارالبيضاء، إلا أنه لم يتلق منه أي جواب. كما أن طاقم البرنامج كان قد طلب من الأشخاص الذين رفضوا التعاون معه، شراء ميكروفونات لأنه قرر التصوير بدون ترخيص، لأن أفراد الطاقم لا يريدون الدخول إلى المغرب بصفتهم المهنية، وعليه، لن يدخلوا معدات التصوير. وأمام رفض الجميع بالمغرب التعاون مع الطاقم، لجأ هذا الأخير إلى الاستعانة بخدمات مغربي مقيم بمدينة سبتة، والذي تم اعتقاله من قبل الأمن المغربي مباشرة بعد بث البرنامج يوم فاتح ماي الجاري. وتشير التسريبات إلى أن طاقم البرنامج دفع المال للموقوف المقيم بسبتة للبحث عن شخص في المغرب ينتحل صفة “بابلو إسكوبار المغرب”. في المقابل، يؤكد طاقم البرنامج دفع المال للموقوف المقيم بسبتة مقابل التعاون معه، نافيا، في الوقت نفسه، أن يكون دفع أي شيء للبارون/الحارس المغربي، مؤكدا أنه صور ما شاهده وعاينه وأنه ليس هناك أي مشهد مفبرك، رغم عدم إخفائه ما سماه إمكانية أن يكون تعرض للخداع من قبل المهرب المقيم بسبتة وصديقه “البارون”، الذي لم يكن سوى حارس مآرب. أحد أفراد الطاقم رد قائلا: “لا نعرف وزن هذا البارون، لكنه ناولنا أقراص إسبانية وعرج بنا على الأمكنة التي يروج فيها سلعته، وكان الجميع يعرفه هناك، أكثر من ذلك، لا يتاجر في الأقراص فقط، بل كل أنواع المخدرات”. وبعد تأكيد المديرية العامة للأمن الوطني، أن التصريحات الكاذبة التي أدلى بها حارس مآرب السيارات، كان بإيعاز وتحريض من الطاقم الصحفي الإسباني، الذي أوهمه بأن الأمر يتعلق بتصوير فيلم سينمائي يتناول حياة مهرب للمخدرات، وذلك مقابل مبلغ مالي قدره 2000 درهم، أوضحت المعطيات الجديدة أن عملية التصوير عاينها بعض الجيران، إذ أن “هؤلاء هم من أخبروا مقدم حي المجاهدين الذي تمت فيه عملية التصوير، قبل أن يخبر بذلك قائد الدائرة، ومن هناك تسرب الخبر مباشرة إلى مصالح الاستخبارات المغربية”، وفق مصدر قريب من التحقيق، علما أن أفراد الطاقم الإسباني عادوا إلى إسبانيا عبر المعبر الحدودي لمدينة سبتةالمحتلة. كل هذا دفع وزارة الداخلية المغربية إلى التقدم بشكاية إلى الحكومة الإسبانية عن “الروبورتاج المفبرك”، وفق “الإسبانيول”.