رغم أن المغرب يعني النجاح والنمو بالنسبة للكثيرين في الداخل والخارج، إلا أنه بلد تَصْطَدِمُ فيه أحلام الحراك الاجتماعي بعدم المساواة. لهذا أصبح من المستعجل وضع خطة عمل للسير قدما نحو مغرب أكثر عدالة لكي لا يتحمل المواطنون العاديون هشاشة المجال العام. هذا ما كشفه نيكولاس غارفيير، مدير المنظمة الدولية أوكسفام بالمغرب، في مقال تحليلي نشرته صحيفة “إلباييس” الإسبانية يوم الاثنين الماضي. في هذا الصدد، أوضح المقال أن الناتج الإجمالي المحلي للمغرب نما ب4.4 في المائة في المتوسط منذ سنة 2000؛ “ومع ذلك فإن مؤشر جيني (الذي يقيس عدم المساواة في الدخل) لا يزال هو نفسه منذ عام 1984، وهو نمو اقتصادي يبدو بشكل جلي أنه لا يصل إلى الطبقات العاملة في البلاد. كما أن التقدم في الحد من الفقر لم يترجم أيضا إلى فوارق أَقَل في البلد”، وأردف قائلا: “في الواقع، لا يزال معظم أولئك الذين خرجوا من الفقر المدقع خلال هذه السنوات الماضية في الخط الخطير للهشاشة. وعلى الصعيد الوطني، واحد من بين كل ثمانية مغاربة ضعيف (هش)، بينما يعيش واحد من كل خمسة تقريبًا في المناطق الريفية”. ويرى، كذلك، أن السياسات العامة المعتمدة في المملكة غير قادرة على تقليص الفوارق الاجتماعية والاقتصادية بين الأغنياء والمستضعفين في الأرض، إذ يشرح قائلا: “تتسبب الخدمات العامة المعيبة وغير الكافية، والبطالة، وانعدام الاستقرار الوظيفي، والتمييز ضد المرأة، والنظام المالي غير العادل، في توقف المصعد الاجتماعي للسكان المغاربة عن العمل”. وعن كيفية معالجة هذه المشاكل التي تهدد استقرار المملكة في ظل الاحتقان الاجتماعي والتغيرات الإقليمية والدولية، يجيب نيكولاس غارفيير قائلا: “بعيدا عن القول إنها غير قابلة للتجنب، يمكن مواجهة عدم المساواة بسياسات تسمح بتوزيع أفضل للثروة، والحصول على عمل يحفظ الكرامة، وسَن ضرائب أكثر عدالة، وتمويل الخدمات العامة وذات جودة يمكن للجميع الوصول إليها”. كما وجه رسالة إلى الحاكمين الفعليين بالقول: “وراء عدم المساواة، هناك اختيارات سياسية واقتصادية يجب أن يأخذها النقاش حول النموذج التنموي الذي دعا إليه الملك في أكتوبر 2018، بعين الاعتبار”؛ قبل أن يحذر من أنه لم يعد هناك وقت كاف لنهج سياسية الهروب إلى الأمام أو غض الطرف، لأنه “قد حان وقت اقتراح خطة عمل عاجلة لمكافحة عدم المساواة، والتي تسمح بالتقدم صوب بلد أكثر عدلاً ومساواة، وخالٍ من التمييز، وحيث يكون الحراك الاجتماعي لآلاف المواطنين، وخاصة النساء والشباب، حقيقة وليس فقط حلما”. ويبرز نيكولاس غارفيير، انطلاقا من الدراسات الدولية، أن المغرب هو البلد الأكثر “لامساواة” في شمال إفريقيا، إذ أنه بلغ مجموع ثروة أغنى ثلاثة من أصحاب المليارات بالمغرب سنة 2018 حوالي 4.5 مليار دولار، بينما يعيش 4.2 مليون شخص في الفقر. كما يلزم موظف يتقاضي 230 أورو شهريا 154 سنة حتى يصل إلى ما يتقاضاه ملياردير مغربي في 12 شهر.