تكثفت المواقف الداعية للحفاظ على الشراكة الهشة القائمة بين رونو ونيسان وميتشوبيشي أكان في فرنسا أو في اليابان، في حين كشفت وسائل إعلام عدة تجاوزات إضافية قد يكون كارلوس غصن متورطا فيها. وكان غصن الذي يحمل الجنسيات الفرنسية واللبنانية والبرازيلية، أوقف في اليابان الاثنين للاشتباه بعدم إعلانه كامل دخله كرئيس مجلس إدارة شركة نيسان، وبأنه أخفى منه ما يوازي خمسة مليارات ين بين يونيو 2011 ويونيو 2015. كما كشفت الصحيفتان اليابانيتان ازاهي شيمبون ونيكاي أمس الجمعة، أنه فعل الشيء نفسه خلال الأعوام الثلاثة التالية أي حتى 2018، ما يعني أنه أخفى عن مصلحة الضرائب في اليابان 62 مليون أورو من دخله. ولم تتمكن فرانس برس على الفور من تأكيد صحة هذا المبلغ لدى السلطات الرسمية اليابانية. وقد أقيل غصن من رئاسة مجلس إدارة شركة نيسان، إلا أنه ما يزال يحتفظ بإدارة رونو. كما يشتبه بعدم إعلانه الحصول على علاوة بقيمة 30 مليون أورو، جناها من أرباح في قيمة أسهم يملكها، بحسب ما نقلت صحيفة نيكاي. من جهته، أعلنت وكالة كيودو للأنباء، أن شركة نيسان دفعت لشقيقة كارلوس 100 ألف دولار سنويا منذ العام 2002 مقابل عمل وهمي. وفي بريد داخلي حصلت فرانس برس على نسخة منه، واصل المدير الجديد لشركة نيسان هيروتو سايكاوا هجومه على غصن، بعد أن كان شن هجوما عنيفا عليه في مؤتمر صحفي عقده الاثنين الماضي. “ستتفاجؤون” وقال سايكاوا في هذا البريد إن تحقيقا داخليا أجرته شركة نيسان، مضيفا “ستتفاجؤون على الأرجح إزاء ما تم اكتشافه” بشأن تجاوزات غصن، مضيفا: “لا يمكننا أن نتسامح أمام الوقائع التي كشفت”. وفي البريد نفسه، يضيف المدير العام الجديد لشركة نيسان: “بالنسبة إلى الشراكة بين رينو وميتسوبيتشي موتورز، فإن ما حصل لن يكون له أي تأثير، وسنبذل كل ما بوسعنا لجعل العلاقة مستقرة بين الشركات الثلاث”. ومن المقرر أن تحسم شركة ميتسوبيتشي وضع غصن كمدير عام لإدارتها خلال اجتماع لمجلس إدارتها الاثنين. وتابع سايكاوا: “علينا إزاء هذه الأيام الصعبة التي نعيشها أن نكثف من تعاوننا أكثر من أي وقت مضى”. وبعد أيام من صدمة اعتقال غصن، بات بعض المحللين يتكلم عن احتمال أن يكون حصل “انقلاب” من شركة نيسان على غصن، بهدف إعادة النظر في الشراكة بين الشركات الثلاث لجعلها أكثر توازنا. لذلك تكثفت التصريحات أكان في باريس أو في طوكيو لدعم الشراكة بين الشركات الثلاث التي كانت تعاني أصلا خلافات، ساهم توقيف غصن في تسليط الضوء عليها. والمعلوم أن رونو تملك 43% من نيسان التي تملك من جهتها 15% من رونو (ولكن من دون حق تصويت) و34% من ميتسوبيتشي. وباتت السلطة بيد رونو منذ أنقذت منافستها اليابانية من الإفلاس عام 1999، مع العلم أن قيمة نيسان اليوم في البورصة تبلغ ضعف قيمة رونو. وقال وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير الجمعة: “نحن متمسكون بالحفاظ على التحالف بين رونو ونيسان، لما فيه مصلحة الفرنسيين واليابانيين على السواء”. وتملك الدولة الفرنسية 15% من رونو وهي معنية تماما بمستقبل الشراكة مع نيسان. ودعا الوزير لومير إلى العمل سريعا على تشكيل إدارة انتقالية لدى رونو، واستقبل تييري بولوري الذي تسلم رئاسة إدارة رونو مساء الثلاثاء، أي غداة اعتقال غصن. ويسعى الإليزيه إلى تهدئة الوضع عبر استبعاد فكرة وجود “تلاعب” من جانب نيسان. تبقى معرفة كيف تنظر طوكيو إلى المواقف الفرنسية الرسمية من هذه الأزمة. وما يزال كل المسؤولين في شركة نيسان يتذكرون الأزمة التي اندلعت في أبريل 2015، عندما زاد إيمانويل ماكرون الذي كان يومها وزيرا للاقتصاد من حصة الدولة في رأسمال رونو، لمضاعفة حصة الفرنسيين في حق الفيتو داخل مجلس الإدارة، الأمر الذي لم يرق أبدا لليابانيين. إلا أن الدولة الفرنسية عادت وتنازلت عن حصة الأسهم الإضافية هذه في نونبر 2017 لتعود إلى نسبة 15%من رأس المال.