“تلقيت بغبطة عالية وبارتياح كبير ما جاء في خطاب جلالة الملك بمناسبة الذكرى 43 للمسيرة الخضراء، الخاص بدعوة جلالته إلى خلق كل الشروط الإيجابية لتحقيق مصالحة تاريخية مع أشقائنا الجزائريين، واقتراحه تكوين لجنة مشتركة لخلق آلية سياسية للحوار، بروح بناءة متوافق عليها بين قيادة البلدين. وأن تكون كل الملفات مطروحة للتداول بدون أية طابوهات، وأن بلدينا وقادتهما ليسا في حاجة إلى أية وساطة كي يمتلكوا شجاعة ابتكار حلول لكل المشاكل العالقة بينهما. إنني أعتبر، انطلاقا من روح الخطاب، ومن شكله ومبناه، أنه موقف صدق من جلالة الملك، لا مزايدة فيه، ولا غاية منه غير أن ينظر إلى مشاكلنا العالقة وإيجاد الحلول الناجعة لها، التي نحن جميعا ملزمون بإبداعها، من موقع الأخوة والتاريخ المشترك، بذات الروح التي ميزت التزام بلادنا مع جيل الوطنية والفداء بالجزائر الشقيقة، سواء في الدولة أو في المجتمع. وكم سعدت بإحالة جلالته على مؤتمر طنجة لأحزابنا المغاربية من الحركات الوطنية ببلداننا الثلاثة تونس والجزائر والمغرب، الذي عقد في أبريل من سنة 1958. فالرسالة هنا بليغة ودالة. وكان مأمولا أن يشكل لقاء مراكش التأسيسي لاتحاد المغرب العربي، بدوله الخمس، بشرى تحقق لشعوبنا ذلك. لكن، للأسف، طالته أسباب عطب كثيرة، مفروض أن نستخلص منها الدروس الواجبة جميعنا اليوم. إن مقترح ومبادرة ملك المغرب، جلالة الملك محمد السادس، أعتبرها بابا لتحقيق انتصارنا الجماعي كجزائريين ومغاربة، على ذات المستوى من القيمة والمسؤولية، على كل المعيقات التي تعطل حق شعوبنا في النماء والتكامل والتعاون، وحقها في أن تكون فضاء للأمن والابتكار والمساهمة الإيجابية بشكل مشترك ضمن أفق للتجاوز بقارتنا الإفريقية وبكامل غرب عالمنا العربي وغرب المتوسط. إنني أتمنى أن تكون هذه المبادرة، جواب أمل مطمئن أمام القلق الذي يسكن نخب بلدينا من مستقبل المنطقة المجهول. ولاتزال ترن في أذني كلمات أخي الجزائري، الأخضر الإبراهيمي، القلقة، التي قالها بالرباط، كيف أنه يأسنا كجيل بعد فشلنا في تحقيق حلم المغرب الكبير، وأتمنى أن جيل القادة الجدد في بلدينا سينجزون المهمة تلك بإصرار ويقين وصبر.