أسوأ أزمة للهجرة السرية بين المغرب وإسبانيا في العقدين الأخيرين والأزمة الصامتة بين البلدين منذ وصول الحكومة الاشتراكية الجديدة إلى السلطة قبل شهرين، خلفا للحكومة اليمينية، قد تعجلان باستقبال الملك محمد السادس لبيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، قبل نهاية الشهر الجاري بعد وساطة من شخصيات إسبانية بارزة مقربة من القصر الملكي المغربي وتربطها علاقات قوية بسياسيين ومثقفين ودبلوماسيين مغاربة، علاوة على إيجاد موعد للزيارة المعلقة لملكي إسبانيا إلى المغرب، والتي أجلت خمس مرات تقريبا. دور الوساطة هذا بين الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز لعبه كلا من خوسي رودريغيو ثباتيرو، رئيس الحكومة الإسبانية السابق، وميغيل آنخيل موراتينوس، وزير الخارجية السابق، أثناء استقبالهما، يوم أول أمس الاثنين، لمدة 45 دقيقة في جو عائلي، من قبل الملك محمد السادس في قصر مرشان بطنجة بمناسبة عيد العرش. علاقة الود المتينة التي تجمع بين السياسيين الإسبانيين تظهر من خلال حضور ولي العهد مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد اللقاء، علاوة على دافيد، ابن موراتينوس. مصادر مطلعة كشفت أن ثباتيرو تحدث إلى الملك بخصوص الزيارة الرسمية العالقة، والتي من المنتظر أن يقوم بها بيدرو سانشيز إلى المغرب. كما تحدت إليه بخصوص إمكانية الزيارة التي من المنتظر أن يقوم بها الملك الإسباني فيليبي السادس إلى المغرب، والتي أُجلت لأكثر من مناسبة، حسب الكونفيدينثيال. ووفق صحيفة "إلموندو" الإسبانية، فإن الحكومة الإسبانية ترغب في أن تتم الزيارة قبل أواخر شهر غشت الجاري، أي قبل الجولة المرتقبة لسانشيز إلى أمريكا اللاتينية يوم 27 غشت. لهذا يرجح المصدر ذاته أن تتم الزيارة في الأسابيع الثلاثة المقبلة. مصادر مغربية وإسبانية كشفت ل"أخبار اليوم" أنه من الطبيعي أن يلعب ثباتيرو دور الوساطة بين الملك محمد السادس وبيدرو سانشيز، لا سيما وأن هذا الأخير لا يعرف المغرب جيدا، مبرزة أنه من المنتظر أن يتم الحسم هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل في تاريخ الزيارة. كما استبعدت المصادر ذاتها إمكانية وجود أزمة بين البلدين، مفضلة استعمال عبارة "برود مرحلي في العلاقات الثنائية". بدوره، كشف الصحافي الإسباني، إغناسيو سيمبريو، في اتصال مع "أخبار اليوم" أن بيدرو سانشيز سعى منذ اليوم الأول له في القصر الحكومي إلى زيارة المغرب وربط علاقات جيدة معه، غير أن وجود الملك محمد السادس خارج المغرب بعد رمضان أجل الزيارة. وأضاف سانشيز أنه لازال مصرا على زيارة المغرب. وأوضح، كذلك، أن الحكومة الإسبانية استغلت استقبال ثباتيرو من قبل الملك وطلبت منه إبلاغ الملك المزيد من التعاون في محاربة الهجرة السرية بعد عبور الآلاف من المهاجرين السريين إلى إسبانيا انطلاقا من المغرب خلال هذه السنة، لا سيما بعد اقتحام 602 مهاجر سبتة يوم الخميس الماضي. "أخبرتنا (الحكومة الإسبانية) أن نطلب من محاورينا أن يحاولوا تحقيق أفضل النتائج" في مجال محاربة الهجرة السرية، "لأن الضغط الداخلي هائل في إسبانيا"، يقول ميغيل آنخيل موراتينوس بعد الانتهاء من لقاء الملك، حسب صحيفة "الكونفيدينثيال. وأضاف موراتينوس أنهما أخبرا الملك أن "يضع الثقة في القيادات الاشتراكية الموجودة في السلطة"، كما كان عليه الأمر مع الحكومات الاشتراكية السابقة في عهد ثباتيرو وسلفه فيليبي غونثالث. في المقابل، وعد الملك محاوريه الإسبانيين ب"بذل المزيد من الجهود" من أجل محاربة الهجرة السرية، غير أن الملك شدد على أن ضغط الهجرة الذي يعانيه المغرب "يزداد بشكل متزايد"، وأنه البلد الوحيد في شمال إفريقيا الذي أطلق عمليتين ناجحتين لتنظيم أوضاع المهاجرين القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء، حسب "الكونفيدينثيال". وأردفت أن المغرب يشكك في إمكانية الحصول على دعم مادي من بروكسيل لمواجهة تحديات الهجرة التي أصبحت تكلف خزينة الدولة الكثير من الأموال. وينتظر المغرب منذ سنتي الكثير من الدعم المادي الأوروبي، حوالي 30 مليون أورو، حسب مصادر من القصر الحكومي الإسباني. فيما رجحت مصادر أخرى أن تصل قيمة الدعم المادي الذي يطلبه المغرب إلى 190 مليون أورو، لا سيما وأن تركيا استفادت قبله من ميبغ يقدر ب 3000 مليون أورو، وليبيا ب 200 مليون أورو، علما أن دور المغرب محوري في صد الهجرة السرية، بل أكثر من ذلك اعتمد سياسة إدماج المهاجرين السريين في المجتمع، رغم ما يكلف ذلك من عبء إضافي على خزينة الدولة. ومن أجل التخفيف من هذا العبء، أرسلت الحكومة المغربية قبل أيام لائحة من المطالب إلى الحكومة الإسبانية لتنقلها بدورها إلى بروكسيل بخصوص الهجرة السرية، "لكن إلى حدود الساعة لازالت تنتظر الرد"، حسب "إلباييس". فيما كشف موقع "السادسة" الإسباني أن بيدرو سانشيز، أنه راسل الحكومة المغربية بخصوص نوعية الدعم الذي ترغب فيه، وجاء الرد من طرف وزير الداخلية عبدالوافي لفتيت، أن مده بلائحة تتضمن عددا من الوسائل والموارد من أجل محاربة الهجرة السرية، من بينها مركبات ومروحيات ووسائل مكافحة الشغب ورادارات، تبلغ قيمتها الإجمالية أكثر من 60 مليون أورو. بدوره توصل الاتحاد الأوروبي بلائحة مطالب المغرب، لكن لم يرد عليها بعد.