بعد ما ظل موضوع جدل نقابي، لفترة طويلة، التدبير المالي والإداري لجامعة القاضي عيّاض يأخذ طريق القضاء، فقد تقدم المركز الوطني لحقوق الإنسان، مؤخرا، بشكاية لدى الوكيل العام للملك بمراكش، يطالب فيها بالتحقيق في ما يعتبره "اختلالات تشوب التسيير المالي، وتدبير الموارد البشرية بالجامعة". وأوضح بأنه تم اقتطاع جزء من الوعاء العقاري التابع لكلية اللغة العربية، تشّيد عليه حاليا مقهى ومؤسسة للتعليم، تحت اسم "مركز اللغات التطبيقية"، تتكون من بناية من مستوى سفلي، عبارة عن مقهى، وثلاثة طوابق عليا، وهو المشروع الذي تقول الشكاية بأن كلفته الإجمالية تصل إلى 19.994991 درهما (حوالي ملياري سنتيم)، يجري تمويله في إطار ميزانية الاستثمار للجامعة، دون أن يكون تابعا لمؤسساتها، ودون أن يتم عرضه على أنظار مجلس الجامعة للموافقة عليه. وأدلت الجمعية الحقوقية للوكيل العام بوثائق خاصة بالمشروع المذكور، بينها شهادة أداء خدمة موقعة من طرف كل من العميد السابق لكلية اللغة، باعتباره آمرا بالصرف بالنيابة، والكاتب العام للكلية نفسها، ورئيسة القسم المالي بالجامعة، يشهدون فيها على تنفيذ مهندس معماري للمرحلة الأولى من المشروع، المتعلقة باستصدار رخصة البناء، وإنجاز الدراسات الخاصة بنظام الاستشارات المعمارية للمشروع، وتتبع أشغال بناء المركز. ولفتت الجمعية إلى أن المقاول الفائز بصفقة البناء عمد إلى استغلال الماء والكهرباء الخاص بالكلية في أشغال البناء، وهو ما قالت بأنه كان موضوع شكاية للقضاء تقدم بها متصرف بالكلية وعضو مجلسها، عبر السلم الإداري، تحت عدد 104 بتاريخ 14 مارس المنصرم، غير أن الشكاية لم تتم إحالتها على النيابة العامة وظلت قابعة برفوف رئاسة الجامعة. نموذج آخر لما تعتبره الشكاية "سوء تدبير مالي"، يتعلق بعدم صرف إعانات استثنائية لفائدة كلية اللغة العربية تبلغ 198 مليون سنتيم، وهو ما كان موضوع تقرير رُفع لرئيس الجامعة، بعد اجتماع مجلس الكلية المنعقد بتاريخ 17 أبريل من سنة 2017. كما أشارت إلى طلب عروض متعلق بالاستشارة المعمارية لأشغال بناء مدرج يتسع ل 350 طالبا، وهي الاستشارة التي بلغت تكلفتها 450 ألف درهم (45 مليون سنتيم)، تم تمويلها من ميزانية الاستثمار لسنة 2016، وقد فاز بها مختبر للهندسة المدنية، وتم توقيع العقد معه، دون أن يتم تشييد المدرج على أرض الواقع. وفيما يخص تدبير الموارد البشرية، أكدت الشكاية بأن بعض الأساتذة الجامعيين يغادرون مناصبهم للتدريس بدول خليجية لمدة 6 أشهر مقابل 70 ألف درهم شهريا، بينما تبقى مهامهم البيداغوجية معلقة ويتقاضون أجرهم دون عمل، وهم خارج المغرب، ويهدرون الزمن البيداغوجي للطلبة. الشكاية لفتت إلى حالة رئيس الجامعة نفسه، الذي قالت بأنه يرتبط بعقد إعارة يجمع جامعة "بلفور للتكنولوجيا" بفرنسا وجامعة القاضي عياض بمراكش، يلتزم فيها الطرف الأول بدفع راتبه طيلة مدة الإعارة، المحددة في سنتين قابلة للتجديد، مع التنصيص على ألا يتقاضى أي أجر من الجامعة ومن الدولة المغربية، ويكتفي بالحصول فقط، على تعويض عن التنقل، وهو ما قالت الجمعية بأنه جرى خرقه، مضيفة بأن الاتفاقية لم تُعرض، من الأصل، على مجلس الجامعة للموافقة عليها، كما ينص على ذلك القانون المتعلق بالإصلاح الجامعي. المؤسسات التعليمية التابعة للجامعة ليست أفضل حالا، فقد أماطت الشكاية اللثام عما تعتبره "اختلالات مالية وإدارية تشهده المؤسسات الجامعية بآسفي"، والتي قالت بأنها كانت موضوع تقارير وبيانات صادرة عن النقابة الوطنية لموظفي التعليم والأحياء الجامعية. وقد اتصلت "أخبار اليوم" برئيس الجامعة، عبداللطيف ميراوي، للرد على الاتهامات الواردة في الشكاية، غير أن هاتفه ظل يرن دون أن يرد على اتصالاتنا الهاتفية المتكررة.