بوادر أزمة جديدة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بعد القرار النهائي لمحكمة العدل الأوروبية، صباح أمس الثلاثاء، الذي أكد أن اتفاق الصيد البحري لا ينطبق على مياه منطقة الصحراء. وبينما يروج أنصار جهة البوليساريو فكرة مفادها أن الحكم "انتصار معنوي" لهم، أكد مصدر مغربي مطلع ل"اليوم24″، أن نص الحكم " "سياسي بالأساس ولا علاقة له بما هو قانوني"، مبرزا أن الحكم لا يمكن أن يؤثر على مسار المفاوضات بين الرباط وبروكسيل لتجديد الاتفاق قبل 14 يوليوز المقبل. مصدر دبلوماسي مغربي أبرز، كذلك، أن الحكم لا يمكن أن يؤثر على العلاقات الثنائية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، لأنه نص لا يلزم الاتحاد، بل هو "قرار يهم انجلترا التي ستقرر المحكمة العليا فيه، بخصوص الاتفاق بناء على خلاصات محكمة العدل الأوروبية"، لأن الطرف الذي رفع الدعوى هو جمعية بريطانية. المحكمة الأوروبية زعمت في خلاصتها أن "إدراج إقليم الصحراء" في نطاق اتفاق مصائد الأسماك من شأنه أن "ينتهك بعض قواعد القانون الدولي العام التي تنطبق على علاقات الاتحاد مع المملكة المغربية" حسب تعبيرها، مذكرة بالحكم الذي أصدرته في 21 دجنبر 2016، والذي أشار إلى أن الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي لا يشمل الصحراء. محكمة العدل الأوروبية أكدت أنه لا تحل النزاعات الوطنية التي تحال عليها من بعض الدول الأعضاء، مثل قضية اتفاق الصيد البحري، بل هي تقدم تأويلا قانونيا للقضية، وهو التأويل التي يمكن للمحاكم في كل البلدان الأعضاء أن تستأنس به وتتخذه مرجعا. بلاغ صادر عن كل من الاتحاد الأوروبي والمغرب، أمس الثلاثاء، أعرب عن عزمهما مواصلة شراكتهما الاستراتيجية، والحفاظ عليها وتعزيزها. وأكدا أنهما سيظلان "حريصين على الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري". وأكدت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، السيد ناصر بوريطة، في تصريح مشترك، أنهما "أخذا علما بقرار محكمة العدل الأوربية الصادر اليوم بخصوص اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي ". واتفق الطرفان على "مواصلة تعزيز حوارهما السياسي والحفاظ على استقرار علاقاتهما التجارية". وسجل الطرفان أن "روح التشاور الوثيق والصادق التي طبعت مسلسل ملائمة الاتفاق الفلاحي خلقت رصيدا ثمينا من الثقة من أجل تعميق هذه الشراكة ". كما أكدا "عزمهما الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري". وفي هذا الصدد، أعربا عن " إرادتهما التفاوض حول الآليات الضرورية المتعلقة بالشراكة في مجال الصيد البحري". كما يؤكد الطرفان على تشبثهما "الكامل بالتطوير المستمر لهذه الأخيرة في جميع المجالات ذات الاهتمام المشترك ". ومن بين هذه المجالات، يضيف التصريح، نجد على رأسها " القضايا الاستراتيجية كسياسة الهجرة، والأمن والتنمية الإقليمية وكذا البحث العلمي، وهي قضايا اتفق بخصوصها الطرفان على تكثيف أو توسيع أنشطتها المتعددة للتعاون السارية المفعول ". وجدد الطرفان التأكيد على دعمهما لمسلسل الأممالمتحدة، وجهود الأمين العام من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي لقضية الصحراء. عبد المجيد بلغزال، باحث في قضايا الصحراء، كشف ل"اليوم24″، أن بعض تفاصيل الحكم خطيرة وقد تخلق متاعب للمغرب في المستقبل في معركته السياسية، للدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة في المحافل الدولية. بلغزال حذر من "التطبيع الملحوظ" سواء من قبل الأطراف الحكومية أو الدبلوماسية المغربية المعنية بالأمر، مع بعض أحكام القضاء الأوروبي، التي تشير إلى أن الاتفاقيات الموقعة مع المغرب لا تنطبق على الصحراء، إذ لوحظ أن "الجميع استسلم وكان ينتظر أن يكون القرار ضد المغرب". ودق الخبير المغربي ناقوس الخطر بخصوص "خوض الأوروبيين في بعض الأمور القانونية المتعلقة بقضية الصحراء، والتي هي من اختصاص الأممالمتحدة فقط". الباحث حذرأيضا، من "الاستهانة بالتراكم القانوني، أي الأحكام المتكررة ضد المصالح المغربية، الذي سيخلق متاعب للمغرب على مستوى المحافل الدولية". وانتقد سياسة "اللعب على الحبلين" التي ينهجها الاتحاد الأوروبي، إذ أنه يبدي تعاطفه مع المغرب، وفي الوقت ذاته يحاول إرضاء الداعمين للبوليساريو، مبرزا أن "الاتحاد الأوربي يريد أن يفتح وضعا هشا للمغرب". من جهة أخرى، أوضح مصدر إسباني ل"أخبار اليوم"، أن منطوق الحكم قد يخلق متاعب لبعض الشركات الإسبانية التي تنشط في مياه الصحراء، غير أنه لا يلزم الاتحاد الأوروبي. يشار إلى أن تجديد الاتفاق لا يعني فقط إسبانيا، بل يخلق، أيضا، في المغرب نحو 40 ألف منصب شغل مباشر وغير مباشر، حسب صحيفة "آ ب س" الإسبانية. وأضافت أن المغرب يحصل مقابل الاتفاق على 30 مليار سنتيم، و10 ملايير سنتيم أخرى تذهب إلى الصيادين، كما أن الأقاليم الجنوبية هي التي لا تستفيد بشكل كبير من عائدات الاتفاق. فيما تبلغ قيمة الأسماك التي تخرجها السفن الأوروبية من المياه المغربية 80 مليار سنتيم سنويا، 14 مليار سنتيم يستفيد منها الاقتصاد الإسباني.