مع قرب إعلان القرار النهائي المنتظر هذا الشهر لمحكمة العدل الأوروبية، بخصوص تجديد اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تنتهي صلاحيتها في 14 غشت المقبل؛ احتدم الصراع بين الدبلوماسية المغربية وجبهة البوليساريو والجمعيات الداعمة، مثل التنسيقية الأوروبية للدعم والتضامن مع الشعب الصحراوي، داخل أروقة الاتحاد الأوروبي. أولى هذه التحركات تتمثل في التنسيق بين الدبلوماسية المغربية والمفوضية الأوروبية، من أجل إجهاض مخططات خصوم تجديد الاتفاق، خاصة بعد القرار المثير، يوم أمس الأربعاء، لملكيور واتيلير، المحامي العام الأوروبي، وهو بمثابة النائب العام المدني، الذي أكد أنه يتعين إعلان بطلان اتفاق مصايد السمك بالاتحاد مع المغرب، لأنه يشمل منطقة الصحراء، حسب مصادر مغربية وأوروبية. قرار ملكيور واتيلير الذي استنفر الدبلوماسية المغربية والأوربية، جاء بعد يومين على مصادقة المفوضية الأوروبية، يوم الاثنين الماضي، على توصية تهدف إلى الحصول على ترخيص من المجلس الأوروبي، للتفاوض مع المغرب على بروتوكول جديد للصيد البحري، والذي سيدخل حيز التنفيذ بعد نهاية صلاحية البروتوكول الحالي الموقع سنة 2014، والذي يشمل الصحراء. ومن المنتظر أن يصادق المجلس الأوروبي على توصية المفوضية في الأسابيع القادمة، لتعجيل الشروع في المفاوضات، لكن يبقى قرار الحسم لمحكمة العدل الأوروبية، وهي أعلى هيئة قضائية أوروبية، فيما يبقى قرار المحامي العام "رمزيا"، إذ ليست المحكمة ملزمة باعتماده، رغم إشارة مصادر مطلعة إلى أنه "قرار لا يخدم مصالح المغرب والاتحاد الأوروبي في هذه الظرفية بالضبط". المحامي العام ملكيور واتيلير أشار إلى أن "استغلال الاتحاد الأوروبي للمصايد في المياه المجاورة للصحراء، الذي بدأ وينفذ بموجب الاتفاقين محل النزاع، لا يحترم حق شعب الصحراء في تقرير مصيره". المحامي أسس قراره هذا على قرار محكمة العدل الأوروبية، الذي نص في 21 دجنبر 2016 على أن الاتفاق التجاري الموقع بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2012 لا ينطبق على الصحراء، نظرا إلى ما سماه وضعها "المنفصل والمتميز ؛ كما يدعي المحامي أن 91.5 في المائة من مجموع كميات الصيد المتفق عليها تتم في مياه الصحراء، إلى جانب زعمه أن الاتفاق لا يقدم الضمانات القانونية الضرورية لكي تنعكس عائدات الاتفاقية على ساكنة الصحراء. ادعاءات المحامي العام الأوروبي تفندها دراسة أنجزها الاتحاد الأوروبي تؤكد أن مبلغ 300 مليون درهم الذي استفاد منه المغرب من اتفاقية الصيد البحري الحالية، كان له تأثير على كل المناطق التي يتم فيها الصيد، وعلى الساكنة المحلية. إلى جانب أن 200 بحار مغربي يشتغلون في قوارب الصيد الأوروبي في المياه المغربية، ما يعني أن الاتفاقية مصدر رزق مئات الأسر المغربية كذلك. وهو نفس التوجه الذي ذهب فيه كارمينو بيا، المفوض الأوربي للصيد، الذي أكد أن لديه الثقة في حصوله على موافقة المجلس الأوروبي لبدء المفاوضات مع المغرب، بهدف ضمان "الاستمرارية والتأمين القانوني للصيادين والصناعة السمكية". صحيفة "صوت غاليسيا"، رجحت إمكانية أن يتوصل الطرفان إلى تجديد الاتفاقية قبل شهر غشت، مبرزة أن "الطرفين أظهرا اهتمامهما بالحفاظ على الروابط في الصيد البحري". وأضافت أن كارمينو بيا، المفوض الأوربي للصيد، وعزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، أعربا عن نوايا واضحة من أجل تجديد الاتفاق، إذ يعتقد المسؤولان أن الاتفاقية مهمة للطرفين. وأشار المصدر ذاته إلى أن الطريق أصبح معبدا لتجديد الاتفاق، "خاصة بعد نشر دراسة مستقلة تبرز النتيجة الإيجابية للبروتوكول الحالي من حيث الصيد المستدام والجانب الاجتماعي والاقتصادي في قطاع الصيد في المغرب والاتحاد الأوروبي". المفوضية الأوروبية أوضحت أن 120 سفينة أوروبية من 11 بلدا تستفيد من الاتفاق: سفن إسبانيا وبرتغالية وفرنسية وألمانية وهولندية وبولونية وبريطانية ومن لاتفيا وليتوانيا. علما أن 80 في المائة من هذه السفن إسبانية. وتستخرج هذه السفن من المياه المغربية 83 ألف طن سنويا، وتمثل 5.6 في المائة من مجموعة صيد الأسماك في كل المياه المغربية. علما أن المغرب تجمعه اتفاقية للصيد البحري مع روسيا بقيمة 800 مليون درهم، أي ضعف قيمة الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي ثلاث مرات تقريبا. يذكر أن الاتحاد الأوروبي والمغرب توصل إلى اتفاق شراكة في 1996 واتفاق شراكة في قطاع المصايد في 2006، وهما اتفاقان أثير جدل بشأنهما في بريطانيا.