على بعد ثلاثة أشهر ونحن ننتظر الحكومة الجديدة في صيغتها المعدلة التي طال انتظارها، وكل امالنا في حكومة متحركة مفعمة بالحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وبعيدة كل البعد عن المزايدات السياسية والتناقضات الداخلية التي عانى منها المغاربة في الحكومة الأولى. نحلم بحكومة منسجمة مع طموحات الشعب قادرة على تحقيق الإنتظارات التي لا تعد ولا تحصى، صحيح أن خطوات الحكومة السابقة كانت محسوبة على رؤوس الأصابع، بل وكانت مبعثرة إلى حد ما ولم تعطي نتائج ملموسة يستشعرها المواطن العادي الذي بات وقبل أي وقت مضى في حاجة ماسة إلى إصلاحات جذرية تلامس واقعه المعيشي وليس إصلاحات اعتباطية لا نجني من وراءها الى الكلام الفارغ والتصريح التافه والمزايدات السياسوية التي لا تسمن ولا تغني من جوع بالنسبة للمواطن الذي سئم الانظار وكثرة الإهدار للزمن السياسي الذي بات يتجه بخطى سريعة نحو النهاية. وعنما أقول الزمن السياسي أقصد الوقت الذي ضاع قبل تشكيل الحكومة الأولى من جهة والوقت الذي أخدته مباحثات بنكيران مع خصم الأمس مزوار والتي إستلزمته الكثير من الوقت في حين ظلت كل المشاريع الكبرى والقوانين معلقة إلى حين، خصوصا أن هذه الحكومة الجديدة خرجت بعد الزيادة التي أقرتها الحكومة السابقة - الحالية في ثمن المحروقات على مرحلتين متقاربتين، والتي كانت مدار أخذ ورد بينها وبين المهنيين والمواطنين من جهة وبين الحليف السابق واللاحق من جهة ثانية، وفي ظل الارتجالية التي طبعت الحكومة الماضية وما دار حولها من لغط وشد وجذب، انتقل من الحالة المطلبية( حاجة المواطين) الى المبارزة السياسية ( شأن السياسيين)، وبين هذا وذاك فالمتضرر الوحيد هو المواطن المغربي الذي لا يجد له من يواسيه سوى الخطابات الشباطية المتميزة للانتصار للطبقية، والبنكيرانية الذي يتقن في خطاباته دور الضحية وادعاء المظلومية. دعنا من حكومة الماضي ولنتحدث عن حكومة "الانتدابات وكثرة العيالات وطغيان الارضاءات" التي باتت واضحة على التشكيلة الجديدة التي لم يكن ينتظرها أحد لا من ناحية الكم أو الشكل أو النوع الذي لم يكن مألوفا لدى السياسيين فما أدراك بالمواطنين الخبزيين. وبالتالي فأمام الواقع الحالي للحكومة الجديدة سيجد المواطن صعوبة كبيرة لمعرفة أسماء الوزراء قبل المهام التي لم تعد واضحة بالشكل المطلوب والذي كان معتادا من قبل نتيجة التداخل بين الاختصاصات داخل الوزارة الواحدة وبالتالي وجب البحث من الان عن الانسجام الوزاري قبل الحكومي الذي يبدوا سيكون أمرا صعبا في ظل الوضعية الاقتصادية الحرجة وفي ظل الحليف الجديد، وكذلك في ظل الحكومة المتعددة الاجنحة والمترامية الاطراف والمتعددة الأبعاد. والسؤال الذي سيطرح نفسه عند النهاية الطبيعية لهذه الحكومة فحالة نجاحها أو فشلها، من المسؤول عن الوضع، فإن كان النجاح أكيد أن التكنوقراطيين هم سببه ، أما إن كان الفشل فسيتحمله حزب العدالة وحده وليس غيره. ومعه أي عبد الاله بن كيران" فلتذهب الأحزاب الاسلامية للجحيم إلى غير رجعة وبالتالي سيكون هذا الأخير قد أعطى الضوء الاخضر لعودة حزب المخزن وما جاوره والركون إلى الوراء في كثير من المكتسبات والأحلام التي لم تترجم على أرض الواقع وعلى رأسها مضامين الدستور الجديد التي لم تعرف طريقها الى التطبيق على أرض الواقع بعد.. وظل حبرا على ورق وسيظل كذلك مادامت الحكومة الجديدة تحكمت فيها سياسة الإرضاءات وليست الكفاءات القادرة على انقاذ الوطن الذي يجب أن يبقى أولى الأولويات، فالموت للأحزاب وليبقى الوطن .