رحّب بشير بنبركة، نجل المعارض المغربي المختطف المهدي بنبركة ، في تصريح خاص ل"العربي الجديد"، بالقرار الفرنسي برفع السرية عن عشرات الوثائق المتعلقة بقضية اختفاء والده في ظروف غامضة في باريس عام 1965، وقال "نرحب بهذا القرار الذي لطالما طالبنا به السلطات الفرنسية، ونحن في انتظار الاطلاع على محتوى هذه الوثائق"، معرباً عن أمله في أن تقوم السلطات الفرنسية بتسريع الإجراءات، كي يتسنى لدفاع عائلته وقضاة التحقيق الاطلاع على محتويات هذه الوثائق. وكان قاضي التحقيق في قضية إختفاء بنبركة ، سيريل كابو، قد طلب من اللجنة الاستشارية الفرنسية رفع السرية عن بعض الوثائق لمعرفة هوية المتورطين في القضية، في 27 مارس الماضي. وسبق للجنة السرية للدفاع الوطني الفرنسية قد صادقت على هذا الطلب في 20 إبريل الماضي، وتم نشره في الجريدة الرسمية الفرنسية بتاريخ 5 مايو الجاري ليصير ساري المفعول.
وحسب بشير بنبركة، فبعد نشر القرار في الجريدة الرسمية "يجب انتظار مصادقة وزير الدفاع الفرنسي، جان إيف لودريان، عليه، حتى يصبح متاحا لقضاة التحقيق الاطلاع على محتويات الوثائق والحصول على نسخ منها"، معتبرا أن هذه الإجراءات "يجب أن تتخذ طابعاً استعجالياً، لأن الحكومة الحالية ستنتهي مهامها في نهاية الأسبوع الجاري"، ذلك أن رفع السرية عن الوثائق المذكورة تم في سياق تنتهي فيه مهام الحكومة الاشتراكية الحالية غداة مراسم تسليم السلطة للرئيس الفرنسي الجديد، إيمانويل ماكرون، الأحد المقبل. وكانت الجريدة الرسمية الفرنسية قد نشرت، نهاية الأسبوع الماضي، قرار لجنة السرية للدفاع الوطني الفرنسية رفع السرية عن 89 من وثائق أرشيف وزارة الدفاع المتعلقة بقضية المهدي بنبركة، ويتعلق الأمر بمجموعة من المراسلات التي جرت بين الأجهزة الأمنية الفرنسية والأجهزة الأمنية المغربية، بالإضافة إلى وثائق وتقارير سرية تتعلق بالتحقيقات التي أجريت حول قضية اختطاف واختفاء المعارض المغربي. وتغطي الوثائق المذكورة الفترة ما بين سنتي 1965 و1966، وحتى الآن لا يُعرف مضمون هذه الوثائق. وعن التأثير المحتمل لهذه الوثائق على كشف تفاصيل قضية اختطاف واختفاء بنبركة، قال نجله "كلنا أمل في أن تكشف هذه الوثائق ملابسات جريمة اختطاف والدي واختفائه ومكان وجود رفاته. هناك الكثير من مناطق الغموض التي تلف هذه القضية، ونحن في أشد الحاجة إلى معلومات جديدة قد تكشفها الوثائق الفرنسية". ويأتي الكشف عن الوثائق بقرار من الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بعد مرور أكثر من نصف قرن على اختفاء القيادي اليساري المغربي، دون العثور على رفاته أو مكان دفنه، وهوية الأطراف المختلفة التي تورطت في هذه القضية. واعتبر بشير بنبركة أن "صبر العائلة بدأ ينفد بعد مرور أكثر من خمسة عقود على اختفاء بنبركة من دون التوصل إلى معرفة لغز هذا الاختفاء"، موضحا أن "غياب نتائج ملموسة ليس مرده نقص ما في كفاءة هؤلاء القضاة، الذين بذلوا جهوداً جبارة من أجل الكشف عن حقيقة اختفاء واختطاف المهدي، وساهموا في تقدم التحقيقات في العديد من النقاط. لكن لحد الآن لم تصل التحقيقات إلى الجواب عن الأسئلة الأساسية التي تهمنا كعائلة، وهي: من قتل المهدي؟ وأين هي جثته؟ ومن هم المسؤولون عن قرار قتله؟". وأضاف المتحدث "للأسف لم يتمكن القضاة العشرة الذين تعاقبوا على الملف من التوصل إلى أجوبة شافية ودقيقة عن هذه الأسئلة، بسبب العراقيل التي وضعتها السلطات السياسية والقضائية للدول المتورطة في القضية، ومنها فرنسا والمغرب والولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل". ويعتبر نجل المعارض المغربي المختطف أن "إسرائيل كانت لديها مصلحة كبيرة في تصفية المهدي، لأنه كان في قائمة كبار أعداء الكيان الصهيوني. ويجب أن لا ننسى بأن بنبركة كان من أوائل الزعماء العرب الذين وضعوا مبكراً القضية الفلسطينية في إطارها السياسي الحقيقي كمعركة من أجل التحرر الوطني". وتعود قضية اختطاف بنبركة ووقائعها إلى صباح 29 أكتوبر 1965، حيث كان على موعد مع مخرج سينمائي فرنسي أمام مطعم "ليب" في شارع سان جيرمان في قلب العاصمة الفرنسية باريس، لإعداد فيلم حول حركات التحرر. وحينها، تقدم نحوه رجلان عرّفا عن نفسيهما بأنهما من رجال الشرطة الفرنسية، وطلبا منه مرافقتهما في سيارة تابعة للشرطة، وكانت تلك آخر اللحظات التي شوهد فيها على قيد الحياة. نقلا عن العربي الجديد