بإمارة موناكو الفرنسية، حيث إنتظم خبراء وإعلاميون رياضيون ورجال المال والأعمال المؤثثون لفضاء الإقتصاد الرياضي ببحوره الشاسعة، في إطار ما بات يعرف ب «الموعد الدولي للرياضة والإعلام» لمواصلة الحوار الأكاديمي العميق حول العمق الحالي والمستقبلي للعلاقات الكبيرة التي باتت تربط الرياضة بكل محيطات الإعلام أو ما يصطلح عليه ب «الميديا»، عرض خافيير تيباس رئيس العصبة الإحترافية الإسبانية «الليغا» لتجربة ستكون بلا شك رائدة من حيث النوع والجنس، فقد كان مثيرا للإستغراب أن تتأخر «الليغا» الإسبانية برغم أنها تضم تحت أجنحتها فريقين عملاقين هما ريال مدريد وبرشلونة بكل ما يمثلانه للكرة العالمية من قيمة ومرجعية، في فتح الأسواق الأجنبية وتحقيق ما يليق بفرجتها من عائدات مادية، صحيح أن تفويت البث التلفزي بإسبانيا مثل لكل أندية «الليغا» وبخاصة للريال والبارسا مصدر دخل كبير، إلا أن الأرقام التي يتم الكشف عنها على مستوى التسويق العالمي كانت تصيب بخيبة أمل كبيرة. ما فعله خافيير تيباس منذ أن أصبح رئيسا للعصبة الإحترافية الإسبانية سنة 2013 وبوحي من تكوينه القانوني في المجال الرياضي، أنه فكر لرفع إيرادات الليغا المالية في مقاربة جديدة لتسويق مبارياتها عالميا بشكل يضمن رفع العائدات إلى سقف لم يكن متوقعا، وبالإعتماد على فريق عمل متخصص في حقوق البث التلفزي وأيضا على تعبئة كاملة للأندية المحترفة، نجحت العصبة الإحترافية بإسبانيا في مضاعفة إيراداتها من السوق الخارجية، إذ إنتقلت عائدات البث التلفزي «لليغا» عالميا من 236 مليون يورو في موسم 20142015 إلى 636 مليون اورو في الموسم الحالي، أي بزيادة 270 بالمائة، وعند توزيع هذه الأرقام على القارات، سنجد أن حقوق البث التلفزي «لليغا» في القارة الأمريكية مرت من 25.4 مليون اورو موسم 20142015 إلى 206 مليون اورو في الموسم الحالي، وفي القارة الأسيوية قفزت العائدات من 26.2 مليون اورو إلى 178 مليون اورو، وحتى القارة الإفريقية المنعوثة على الدوام بأنها قارة فقيرة وتحرض على كسر قيود التشفير علنا، فإن «الليغا» باعت فيها حقوق بث المباريات هذا الموسم ب 71 مليون اورو عوضا عن 22 مليون اورو الموسم الماضي. ولتصل «الليغا» إلى هذه الأرقام التي توصف اليوم بالفلكية والمرشحة حتما للزيادة، فقد صممت ثورة ثقافية بثلاثة أبعاد: البعد الأول، لعبت من خلاله العصبة الإسبانية على التوقيت الزمني للمباريات بهدف ملاءمته مع فارق التوقيت الموجود بين القارات. البعد الثاني وتمثل في تصميم منافسة «الليغا العالمية» والتي شاهدنا بموجبها إشبيلية يواجه حسنية أكادير وغرناطة يواجه إتحاد طنجة الصيف الماضي، والمراد بالطبع هو ردم ما يوجد من هوة مالية بين الريال والبارصا وبقية الأندية الإسبانية. البعد الثالث هو إحداث سفراء «لليغا» الإسبانية تمت تسميتهم من نجوم كبار مروا على البطولة الإسبانية وتتمثل وظيفتهم في إشاعة قيم وثقافة «الليغا» بهدف الزيادة في عولمتها وبينهم لويس فيغو وتييري هنري وكريستيان كاريمبو وباتريك كليفرت، حتى لا يحصر ذهن وفكر الناس في ما يجري فقط على أرضية الملاعب. هذا نموذج من الفكر التسويقي المرتكز على الممكنات الجمالية والرياضية والإقتصادية على وجه الخصوص، وهو نموذج قابل للإستقراء قبل الإستهلاك من عصبتنا الإحترافية الناشئة التي سيكون من أكبر تحدياتها في المستقبل القريب هو الزيادة في الإيرادات المالية للأندية الوطنية بخاصة من حقوق البث التلفزي، فبكثير من الجهد وبقليل من الصبر يمكن أن تكون لنا عصبة إحترافية مغربية تسوق منتوجها في عالمها العربي وقارتها الإفريقية بالصورة التي تحقق الربح والإنتشار.