بالعودة إلى أسوإ إختيارات رونار وفي أخبث أداء إنتهى بحسم أربع نقاط من منتخب صغير بالقارة السمراء يدعى جزر القمر، يسجل تاريخ الثعلب مع الأسود أسوأ حضور وأبشع قراءة تكتيكية، وعاطفة فوق اللزوم التي لا يتحلى بها أي مدرب في العالم حتى ولو كان مدرب جزر القمر معنيا بالعاطفة ذاتها بإشراك حارس ومدافع أوسط بدون فريق. صحيح أن المقارنات تختلف بين مدرب وآخر من خلال بطولية رونار مع زامبيا والكوت ديفوار، وواجهة عبدو أميري الشاب مع جزر القمر. لكن الصفعة التي تلقاها رونار من منتخب عادي جدا بدا كأنه من أعتد المنتخبات القارية ، كانت أول درس قاسي في حياته التقنية لأنه هو من منح الخصم أهلية الإنبهار والسطوة على الأحداث وتملك الأداء شبه الخرافي في منطوقي الخاص بالدار البيضاء أولا قبل العودة إلى عرينه بجزر القمر وفي ملعب من الأجيال البدائية والإصطناعية المهترئة في كرة القدم. طبعا سيقول البعض لماذا فاز رونار على المالاوي بثلاثية كادت تكون عشرية وفي مباراة لم يلعبها بوصوفة ولعبها كل من زياش وبلهندة ودرار بأمتع اللحظات، ولماذا تنازل أمام الحيتان النادرة بمنتخب افتقد الهيبة واللحمة والتناسق بتغير الرجال؟ والجواب حثما أن طبيعة مباراة المالاوي جاءت مختلفة في الإختيارات البشرية لكنها كانت محمولة برغبة الفوز أكثر من مباراة جزر القمر التي تغير فيها غياب كل من بنعطية وبلهندة وزياش وبخاصة صناع قرار الوسط. وهذه الفوارق هي التي تحدث الفوضى وتغيب التفكير في إيجاد الحلول البشرية التي بإمكانها تعويض هذه الثغرات. والحقيقة أن إيجاد بديل لزياش أو بلهندة رغم إختلاف الأراء حول نجاعة بلهندة أساسا يصعب تدبيره أو إكتشافه بأوروبا موازاة مع بطولة المغرب، كما أن الحقيقة تضعنا اليوم أمام مشكلة الخط الدفاعي على مستوى الوسط الدفاعي أو الظهير الأيسر فيما لو اعتزل بنعطية القريب من ذلك بنسبة مائوية عالية، وفيما لو واصل حمزة منديل ذلك الحضور التنازلي حتى ولو لعب لشالك علما أن الكرة الألمانية تعلم الكثير من المحترفين قيمة الكرة الواقعية. ولذلك يمكن تحليل واقع المنتخب الوطني على أنه مشلول الأضلاع وبه شيخوخة لا يمكنها بأية حال أن تنال لقبا افريقيا فيما لو إستجمعت اللائحة ستة وما فوق الثلاثين، ومن الواجب التفكير في إيجاد خلف لبوصوفة وبنعطية والأحمدي وأمرابط ودرار وبوطيب وداكوستا وحتى فيصل فجر القريب من ذلك، وهي ركائز أساسية من التشكيل الذي يدخل الرقعة، ما يعني أن النواة بدأت تشيخ وصلاحيتها الدولية يمكن أن تنتهي ما بعد كأس إفريقيا المقبلة، وقس عليها العطالة التنافسية المفروض أن تكون حاضرة في أقوى حدث قاري. صحيح أن بعضا من الغيابات لا يبرر الوسيلة، ولكن من الواجب التفكير في البحث عن شموع أخرى إن على صعيد المنتخب المحلي أو الأولمبي أو محترفي المهجر لتدبير منتخب شاب وبنواة أخرى تتأسس على بونو والمحمدي والتكناوتي وسايس وحكيمي ومزراوي ومنديل وأيت بناصر والسعيدي وياسين أيوب وبوربيعة وفجروبلهندة وحاريت والنصيري وبوفال وزياش والكعبي وأزارو والحافظي وغيرهم من الإكتشافات. لذلك لا يمكن السكوت على قيمة ومغزى الحميمية والعاطفة المغالى فيها حول بعض العناصر التي شكلت ولا زالت تشكل الإضافة للمنتخب الوطني ولكنها غير معنية بالتنافسية المطلقة كباقي اللاعبين، ولا يمكن على الناخب إطلاقا أن يتجاوز خط المنطق الصارم المفروض على كل اللاعبين دون سواهم بالتمييز بين لاعب له سوابق عديدة في خط الدفاع ولا يحضر إلا كما يريد ولاعب آخر بدون فريق ويؤدي الواجب الوطني مع أنه معذور وهو من عليه أن يعتذر للناخب لأنه يستحيل أن يلعب لتغطية ثقوب الوسط، ولكنه لبى النداء وأدى الثمن غاليا، ما يعني أن العاطفة شيء خارج سياق الملعب، والجدية والقناعة شيء آخر هي من يتولاها كل مدربي العالم إلاباستثناءات لإختيار رجال الخبرة الكبيرة حتى ولو بتنافسية ضئيلة، ولكن عادة ما تكون ضريبة ذلك غاية جدا. لذلك قد يكون رونار اليوم محظوظا لأنه لعب بالنار أمام منتخب عادي جدا ظهر كالأسد لأن المنتخب الوطني كان هو الحلقة الأضعف وهو من قدم كل شيء لجزر القمر ليكون قويا ولو لعب مثل مباراة المالاوي بنفس الإرادة والضغط إلى النهاية لكان واقع النتيجة مغايرا ولضمن المنتخب الوطني نسبة عالية من التأهل. ومع ذلك تأكد بالملموس أن النواة لم تعد صالحة من اليوم لبعض الوجوه، وتأكد أيضا أن خلف زياش غير موجود وخلف الأجنحة أيضا غير موجود في سياق منظومة لعب لا بد أن تتغير أيضا.