غير آبهة ولا مكثرتة بما يحاول إينفانتينو رئيس الفيفا، تحريكه من خيوط وراء الكواليس للإجهاز على حلم المغرب بتنظيم نهائيات كأس العالم، تمضي لجنة الترشيح واثقة في ممشاها الطويل لربح الكثير من المسافات بل ولتسريع الخطى من أجل التطابق تطابقا كاملا مع الرزنامة الزمنية المضغوطة التي وضعتها الفيفا للكشف عن البلد المنظم لنهائيات كأس العالم 2026. صحيح أن الإنتباه لكل التحرشات وصد كل إنفلات يقع هنا وهناك أمر ضروري، وصحيح أيضا أن لجنة الترشيح لابد وأن تكون بكامل اليقظة لإفشال كل محاولة للتيئيس، بخاصة لما يتولد لدينا كمغاربة الشعور بأن الفيفا تكيل بمكيالين، فهي تحظر على المغرب حشد التأييد المعلن لملفه من قبل دول قارته وأشقائه العرب، تحت غطاء ضمان الشفافية والنزاهة، ولكنها في مقابل ذلك تمتع الملف الأمريكي الشمالي بحق مخاطبة دول القارة في مؤتمر عام، صحيح أن لجنة المغرب 2026 محتاجة لإبقاء العيون مفتوحة على كل المغارات والخنادق والجحور، إلا أن ذلك لا يجب البتة أن يلهيها عن مسابقة الزمن من أجل أن يكون الملف المغربي جاهزا للعرض يوم 15 مارس المقبل على أنظار مجلس الفيفا الذي سيجتمع ببوغوطا بكولومبيا، في ثاني خطوة تتخذها الفيفا في طريقها لتسمية البلد أو البلدان التي ستستضيف كأس العالم 2026. وقد أمكن قياس السرعة القصوى التي تتحرك بها لجنة المغرب 2026، من خلال الأوراش المفتوحة على كافة الأصعدة، سواء لحشد التأييد للملف المغربي من خلال شبكة الصداقات القوية والواسعة للمغرب، أو لكسب أعلى درجات التعبئة من قبل كافة المؤسسات الحكومية والقطاعية، المعنية بشكل مباشر بالمئات من الأسئلة التي يضعها دفتر التحملات الخاص بتنظيم كأس العالم بمبناه الجديد. ويمكن جرد التفاؤل المعلن عنه من البداية من قبل مولاي حفيظ العلمي رئيس لجنة الترشيح، بالإطلاع على الحركية التي سادت الكثير من القطاعات الحكومية من أجل صياغة ملف متكامل يضع أمام الفيفا بمجلسها وبدولها الأعضاء والتي سيعود لها هذه المرة أمر اختيار البلد المستضيف لكأس العالم 2026، كل الضمانات البنيوية واللوجيستيكية والتجارية التي يلح عليها دفتر التحملات، حركية تقول بمطلق الأمانة، أن المغاربة مؤمنون أولا بقدرة بلدهم على تنظيم كأس العالم والوفاء بكل التعهدات والإلتزامات المصاغة في دفتر التحملات، وواثقون ثانيا من أن استضافة المغرب لكأس العالم سنة 2026 ستكون لها تداعيات إيجابية على دينامية التطور وعلى الوثيرة التي تسير بها تنمية بلادهم الشاملة، برغم أنهم يدركون أن من يقف في مواجهة الملف المغربي، ملف أمريكي شمالي قوي وثقيل وشديد المراس. والرائع في الأهداف التي يراهن عليها المغرب في مطاردته لحلم تنظيم كأس العالم للمرة الخامسة، أنها كلها أهداف إنسانية، لا تقوم فقط على مبدإ الربح المادي كما هو حال الملف الأمريكي الشمالي، بل تتعداه لأهداف تنموية ذات أبعاد إجتماعية واقتصادية ورياضية أيضا، تعزز المسار التنموي الرائع الذي سلكه المغرب منذ قرابة عقدين من الزمن، بهدي من الرؤى المتجددة والخلاقة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. إن القول بأن تنظيم كأس العالم 2026 يمثل للمغرب وسيلة أكثر منه غاية، ينطوي على كثير من القيم التي يجب أن تتصدر تفكير كل الدول التي سيوكل لها التصويت على البلد المنظم لهذا المونديال يوم 13 يونيو القادم بروسيا على هامش نهائيات كاس العالم 2018، فإن لم يكن كأس العالم، الحدث الذي يفوق في الكونية ما عداه من أحداث سياسية وفنية وما إلى ذلك، أداة لتحقيق العدالة والمساواة بين القارات وأداة لتسريع وثيرة التنمية، فإنه بالتأكيد سيفقد بعده الإنساني، وكيف يعيش المونديال وهو يسلب الدول جميعها والتي لها القدرة على تنظيم المونديال، حقها في استضافة هذا الحدث ليبقى حكرا على الدول التي يقال أنها جاهزة. قطعا لن نيأس مهما حاولت الفيفا النيل من حلم المغرب، لن نيأس ولن نبتئس، لأن الوقت هو وقت الأمل والعمل.