أخيرا ستجرى مباراة الديربي بعد أن تعذر إقامتها في وقتها في الدورة العاشرة بسبب مشاركة الوداد في الموندياليتو، وكذا إغلاق مركب محمد الخامس، وهكذا فإن قطبي الكرة البيضاوية سيستأنفان مرحلة الإياب بديربي قوي يعود لمرحلة الذهاب، وستتجه الأنظار مجددا بعد غد السبت لمركب محمد الخامس، حيث سيكون الموعد مع هذه القمة الكروية بين الوداد والرجاء، ومن دون شك فإن عشاق الكرة المستديرة في كل ربوع المملكة، وحتى خارج الحدود ينتظرون بشغف كبير هذا الصدام القوي بين قطبي الكرة البيضاوية، فنتيجة المباراة مهمة جدا بالنسبة للطرفين، حيث يسعى الأحمر للعودة لسكة النتائج الإيجابية، في حين يراهن الأخضر على الصعود لمركز الوصافة وتضييق الخناق على المتزعم حسنية أكادير، وعلى العموم فإن النسخة الحالية للديربي ستكون لها مميزات خاصة جدا سنحاول أن نعرض لأهمها في هذا الموضوع الخاص بهذه القمة الكروية التي تأتي مباشرة بعد العرس الإفريقي الذي شهد تتويج الأسود المحلية وتربعها على عرش الكرة الإفريقية. إنتظار فتح دونور له أسبابه أكدت التجارب السابقة بأن تهجير الديربي خارج معقله لم يكن منطقيا، ولم يكن يخدم مصالح الفريقين ولا جماهيرهما التي تعودت على أجواء مركب محمد الخامس، وهذا ما كان يفقد هذه القمة أحد أهم توابلها التي تزين طعم المباراة سواء داخل المستطيل الأخضر أو بالمدرجات، وآخر تجربة للديربي خارج القواعد كانت بالملعب الكبير بمدينة أكادير برسم مباراة الذهاب عن الموسم الماضي، وحينها خالفت كل التوقعات والإنتظارات عكس مباراة الإياب التي احتضنها ذات المركب، حيث قدم فيها الطرفان مستوى طيب واستطاع الفريق الأحمر أن يحسمها ويخطو بثبات نحو التتويج باللقب، ولهذا فقد إرتأت لجنة البرمجة في ظل إنشغال الوداد بالموندياليتو، وتراكم بعض المؤجلات عليه تأخير هذا الديربي لحين افتتاح مركب محمد الخامس ليقين الجامعة والعصبة الإحترافية بقيمة المباراة ودورها على مستوى الترويج للمنتوج الكروي المغربي، وأيضا لمنح إشعاع لبلدنا، وتزكية قدرتنا على تنظيم مباريات كبيرة، إلى جانب تأكيد ذلك العشق الذي تكنه الجماهير المغربية للعبة كرة القدم بالنظر لتلك الأجواء الحماسية التي تميز المباراة، والتي لا تجدها إلا في أقوى المباريات على الصعيد العالمي. وضعية متناقضة للفريقين ظروف المباراة الحالية تختلف كليا عن أخر ديربي في الموسم الماضي، حيث انقلبت الأمور رأسا على عقب خاصة بالنسبة للوداد الذي أنهى مرحلة الذهاب في وضعية لا تليق بإسمه وقيمته، إذ يتواجد في الصف 12 برصيد 16 نقطة، في حين أن الرجاء بأفضل حال باحتلاله المرتبة الثالثة برصيد 25 نقطة، أي أن هناك فارق تسع نقط كاملة تفصل بين الفريقين، وهو فارق مهم قد يزيد من أهمية المباراة وقوتها، خاصة إذا علمنا بأن الترتيب لا يمكن اعتباره مقياسا لقوة هذا الفريق أو ذاك بالنظر للخصوصيات التي تميز هذه القمة عن باقي المباريات الأخرى، لكن هذه الوضعية تجعل الضغط الأكبر سيكون على لاعبي الفريق الأحمر المطالبين أكثر بنفض غبار التواضع الذي ميز نتائجهم في مرحلة الذهاب، وتصحيح الوضع القائم، خاصة بعد التغيير الجدري الذي طرأ على الإدارة التقنية للفريق، لتقليص هذا الفارق الكبير عن المقدمة، ومن دون شك فإن وضعية الفريقين قد تنعكس على فكر المدربين وخططهما، وكذا على أداء اللاعبين داخل رقعة الميدان، وفي ظل وضعية الفريقين المتباينة فإن الديربي سيجرى تحت شعار: «من أجل الإنتفاضة بالنسبة للوداد، والإرتقاء للصدارة بالنسبة للرجاء». التركيز على العامل النفسي الديربيات السابقة أكدت عدم احترام المنطق، فليس الفريق الأقوى والأفضل على مستوى الترتيب هو الذي يفوز دائما، بل الفريق الذي يكون جاهزا خاصة من الناحية الذهنية، فالعامل النفسي يبقى من أهم العوامل التي يراهن عليها المدربون قبل موعد القمة بين الغريمين، والتركيز مهم في مثل هذه المباريات الحاسمة، وحينما يحل الإستعصاء يفتح المجال أمام بعض الحلول الفردية، وكذا الكرات الثابتة التي قد يتم الإستنجاد بها كأحد الجزئيات التي سيراهن عليها لحسم نتيجة المباراة لهذا الطرف أو ذاك، والفريقان حاليا يزخران بالمواهب والطاقات الفردية التي يمكنها أن تصنع الفارق في أية لحظة من المباراة. الأول للمدرب غاريدو أغلب العناصر التي تشكل الفريقين سبق لها أن خاضت مباريات الدريبي، ولها من التجربة ما يكفي للتعامل مع هذه المباراة بدون أي مركب نقص، ومن جهته خاض المدرب فوزي البنزرتي الكثير من الديربيات التونسية، كما سبق له أن قاد الرجاء في الديربي، وستتاح له الفرصة هذه المرة لخوض هذه التجربة مع الفريق الأحمر، لكن في الضفة الأخرى يعتبر الديربي الحالي الأول من نوعه في مسار المدرب غاريدو، مع العلم أنه سبق له أن خاض التجربة في الديار المصرية حين كان ربانا لنادي الأهلي، وهذه التجربة ستنضاف لباقي تجاربه السابقة، وقد تكون مقياسا لمدى قدرته على التعامل مع مباريات تطبعها الحساسية، وبالتالي جدارته بقيادة فريق كبير من حجم الرجاء، وإن كان قد سبق له أن أبان عن علو كعبه حين قاد النسور للتتويج بلقب كأس العرش وإعادة الأخضر لسكة الألقاب وسط كم هائل من المشاكل. موازين القوى الديربي الحالي هو الرقم 123 في تاريخ الفريقين على مستوى البطولة، وما زال الإمتياز من حيث الإنتصارات يرجح كفة النسور، لكن هذه الأرقام لا تعتبر مقياسا، فالملعب والأهداف واستغلال الفرص هي الأشياء التي يعول عليها لحسم المباراة. الفريقان يتميزان بقوة دفاعهما باعتبار قبولهما لنفس عدد الأهداف في المباريات السابقة (13 هدف)، هذا مع العلم أن هناك بعض التغييرات التي ستطرأ على التشكيل الرسمي للفريقين في ظل رحيل بعض الثوابت الأساسية المدافع رابح والمهاجم بنشرقي من الوداد، ثم يميق والراقي من جانب الرجاء. لكن على مستوى الهجوم فإن الفريق الأخضر كان الأفضل في المرحلة السابقة بوصوله لرقم 23 هدفا، مقارنة مع الفريق الأحمر 14 هدف فقط، وللمصادفة فإن فارق الأهداف هو نفس فارق النقط، الفريقان إستعدا لهذه القمة في غياب أبرز العناصر التي كانت حاضرة في منافسات "الشان" رفقة المنتخب المحلي، وهذا ما شكل عائقا للمدربين في المرحلة الإعدادية، خاصة بالنسبة للتونسي فوزي البنزرتي الذي يكاد يرسخ فلسفته وطريقته في اللعب، عكس العناصر الرجاوية التي تعودت على أسلوب غاريدو، لكن الأكيد أن إلتحاق هذه العناصر سيمنح الإضافة للفريقين، ومن دون شك فإن كل الظروف ستكون متاحة لتقديم مباراة قمة في المتعة بتواجد لاعبين متميزين وكذا مدربين يميلان كثيرا نحو الأسلوب الهجومي. الدور على الجمهور لإنجاح العرس إجراء المباراة بمركب محمد الخامس يضمن نسبة مهمة من نجاح هذا العرس الكروي، لأن التجارب السابقة أكدت هذا المعطى، فقرب المسافة يحفز ويشجع الجماهير البيضاوية، وكذا المغربية بصفة عامة للحضور للملعب باعتبار أن بعض محبي الفريقين يتنقلون من مدن مغربية مختلفة وكذا من خارج حدود الوطن ليعيشوا هذا الحدث مباشرة من المدرجات، إنه الشغف والعشق الذي تحمله الجماهير المغربية لكرة القدم يتجسد على أرض الواقع في مثل هذه المباريات الكبيرة،التي نتمناها أن تكون كذلك داخل المستطيل الأخضر، وأن يقدم الفريقان مستوى يليق بسمعة الديربي البيضاوي التي اقتحمت العالمية من الباب الواسع. ومن دون شك فإن اللجنة المنظمة ستوفر كل الظروف الملائمة من أجل إنجاح هذا العرس بتنسيق تام مع السلطات الأمنية. ويبقى الدور كذلك على جماهير الفريقين للمساهمة في إعادة الإعتبار للديربي البيضاوي، من خلال حضورها الوازن للملعب، وتحليها بالروح الرياضية بعيدا عن كل تشنجات وتعصب، فعشاق كرة القدم في ربوع المملكة يتشوقون للإستمتاع بالفرجة ليس على المستطيل الأخضر فحسب، وإنما أيضا بالمدرجات، فمن دون شك سيكون الملعب ممتلئا عن آخره، وكيف ما كانت نتيجة المباراة، فإنها لن تكون نهاية العالم، والفوز وكذا الهزيمة لن يغيرا من الواقع شيئا، وعلى الجماهير التي ستحضر القمة أن تقدم صورة حضارية عن الجمهور المغربي، خاصة أن أعين "الكاف" و"الفيفا" ستكون مركزة على هذه القمة التي تعتبر مقياسا لمدى جاهزيتنا وقدرتنا على تنظيم المنافسات الكبرى. البرنامج السبت 10 فبراير 2018 مؤجل الدورة 10 للبطولة الإحترافية الدارالبيضاء: مركب محمد الخامس: س15: الوداد البيضاوي الرجاء البيضاوي الحكم: نورالدين جعفري (عصبة الدارالبيضاء الكبرى)