حتى وإن كانت مختلفة عن سياقاتها السابقة وما اتسمت بها من شرارة الصراع وخاصة ظرفية النزال المبكر، إلا أن المواجهات الكامرونية المغربية ظلت وستبقى لها خصوصياتها الفريدة والإستثنائية. إستثنائية كون الأسود فشلوا وعبر التاريخ في كسر شوكة الكامرون وهذه المرة المواجهة وإن كانت برسم التصفيات المؤهلة للكان، إلا أنها لا تعدو أن تكون تكملة لمشهد ستسقط من حساباته مباريات الكامرون لتتيح لباقي الأطراف المنافسة على البطاقة الوحيدة التي تقودهم للنهائيات. رحلة الأسود لمواجهة بطل إفريقيا واستحضار روح ومشاهد أوييم هي زاد الفريق الوطني في قص شريط التصفيات. فلاش باك يمثل المنتخب الكامروني واحد من أكبر عقد الكرة المغربية والمنتخب المستعصي لغزه على الفهم وعلى فك شفراته بالنسبة للأسود. ولئن كان كلاهما يحمل صفة الأسود، فإن الأسود الأطلسية صعب عليها في كل المواجهات عبر التاريخ فك طلاسم وألغاز الأسود غير المروضة ولم يقو الفريق الوطني في أي من المواعيد الرسمية على تجاوز هذا الحاجز القوي. جنوب إفريقيا ونيجيريا وكوت ديفوار التي أنهى الأسود بدورة الغابون عقدتها المتمثلة في 23 سنة، هم السواعد الكبيرة والحيتان العملاقة التي لم نقو في سابق المواعيد على عبورها خاصة في المباريات الفاصلة والتي تكون ذات طابع تصفوي. ولا ينسى الجمهور المغربي كيف أن الكامرون هي من حرم الجيل الذهبي الثمانيني هنا بالمغرب سنة 1988 من ثاني لقب قاري كنا الأقرب إليه بفضل سيناريو مجنون ومثير لمباراة دانت بالولاء للأسود غير المروضة قبل أن يهديهن لهم اللقب أيضا. بعد الكان تمثل المباراة أول ظهور رسمي للمنتخبين بعد الكان الذي احتضنته الغابون بعد فاصل المباريات الودية والذي قاد الكامرون لملاقاة كوت ديفوار ومباراة بأوروبا في وقت خاض الأسود 3 مباريات ودية منها اثنتان بالمغرب ربحهما الفريق الوطني أمام بوركينافاسو وتونس وخسر الثالثة من هولندا بأكادير. الكان أفرز ملمحين مختلفين للأسود، الفريق الوذني وبعد سنوات من خيبة الأمل والخروج الصاغر من دور المجموعات تمرد على هذا التواضع وأبحر بسفينته للدور الموالي ليسقط أمام المنتخب المصري. والكامرون التي غاب 9 من لاعبيها الأساسيين تمردت تمرا كبيرا على الترشيحات وفازت باللقب وكان على حساب نفس الفراعنة الذين أقصوا الأسود بمحطة الربع. متوج باللقب وملك لقارته ومستعيد لذاكرته ومتصالح مع نفسه هما عنوانا آخر ظهور للأسدين بالكان الغابوني. ليست شكلية وحتى وإن كان المنتخب الكامروني هو مستضيف الدورة وحتى إشعار آخر ما لم تفرز تنفيذية الكونفدرالية المقبلة بالمغرب مستجدات وتطورات بالموضوع، وحتى وإن كان المنتخب الكامروني ضامن لتأهله للكان المقبل ولن تحتسب نتيجة هذه المباراة على مستوى التنقيط بالمجموعة الثالثة إلا أن النزال لا يبدو محمولا على طابعه الشكلي مائة بالمائة. كما أن خوض «الأسود غير مروضة» معسكرها التدريبي في غياب أبرز العناصر، إذ لم تلتحق بعد العديد من العناصر التي يراهن عليها المدرب البلجيكي هيغو بروس أمر أثار نقاشا بخصوص جدية الموعد. ولم يلب كل من الحارس فابريس أونداوا والمهاجمين فيسينتي أبوباكار وكارل طوكو إنكامبي، إضافة إلى كريستيان بوسوغوغ وأومبرزاز يوغونغو، دعوة بروس إلا بشكل متأخر وهو أمر أغضب المدرب البلجيكي كثيرا. الكامرونيون ينظرون لمباراة الأسود على أنها امتداد لسابق المواجهات و بروفة مثالية تسبق السفر لروسيا لكأس القارات وهو ما يشغلها أكثر.. كومندو الأدغال يعود الأسود للأدغال التي عرفونا من خلالها على أنفسهم بالغابون وعلى هويتهم الجديدة وعلى رهانهم الكبير في أن يصبح لهم صوت مسموع قاريا. العودة للأدغال تفرض على رونار أن يستحضر نفس توابل أوييم وأن يعود لجادة الصواب وأن يلغي من قاموسه التجريب المستمر حتى وإن كان يدرك أن التنقيط بهذه المجموعة سيستثني مباراة الكامرون. العودة لنفس شكل الغابون سيصطدم بتواجد كل من بلهندة الذي يحظى بتعاطف الناخب وأمرابط وكلاهما غاب عن الكان مع تسجيل انسحاب بوفال للإصابة. سيكون على رونار إعتماد كومندو حربي مقاتل بشراسة الأدغال ومنتخبا يتحدى كل الطقوس والخصوصيات وقوة المنافس ورهبة البطل لينتج لنا صورة مطمئنة تمثل دافعا سيكولوجيا مريحا قبل استئناف أشواط تصفيات المونديال. العقدة والرهان وبعيدا عن قراءة خصوصيات المنافس والشكل الذي سيظهر به المنتخب الكامروني على ملعبه وأمام أنصاره في محاولة وبونيس إضافي لتعزيز ثقته بالنفس كبطل للقارة وممثل لها في كأس القارات بروسيا، ما يهمنا هنا هو الطريقة والشكل الذي سيظهر به الفريق الوطني لا على مستوى الأدوار الدفاعية التي يجب أن تختلف عن الصورة المهزوزة والرديئة التي لاحت أمام هولندا بعودة درار لدوره في الجبهة اليمنى وأن يتيح أمام لاعب يساري (الكوثري أو فضال أو حتى سايس) مهمة الرواق الأيسر. وبالعمق الدفاعي قد تكون المواجهة فرصة لجواد يميق كي يبحر في أول لقاء رسمي مع داكوسطا باستحضار صرامة المدافع الرجاوي في هكذا مواجهات. على أن خط الوسط وبتواجد الأحمدي سقاء سيكون هناك البحث عمن يرافقه بين العودة للشكل القديم بحضور بوصوفة وفجر وأمرابط وثنائية أزارو وبوهدوز. وأيا كان التشكيل فإن المؤمل هو أن يكرر رونار نفس فعلته مع كوت ديفوار بأن ينهي عقدة الكامرون ويعيد رسم ملامح التفاؤل من جديد.