لنرفع الرؤوس فالفخر والتفاؤل يغمران النفوس الحظ خاننا ومرارة الإقصاء لن تزيدنا إلا عزيمة وقتالية الأسود عائدون للزئير شريطة مواصلة العمل وحسن التدبير رجاءا ساندوا الشباب ولا ترموهم بسهام النقد والعتاب لا أفكر في الإعتزال دوليا وسأبقى رهن الإشارة لتقديم الإضافة لن يختلف إثنان على كون امبارك بوصوفة أسد «الكان» وأفضل لاعب خلال مشاركة الأسود في بطولة كأس أمم إفريقيا بالغابون 2017، لما قدمه من عطاء سخي ومستوى رفيع وقتالية إستثنائية أظهرت المعدن النفيس لإبن كلميم. المايسترو الرشيق تلقى الإشادة من المدرب والرفاق والخصوم، ويُحسب له بنسبة مهمة مساهمته في تكسير جدار وعقدة الدور الأول التي لازمت الفريق الوطني منذ 13 سنة، وحضوره الرائع والخرافي كقائد ومقاتل ورجل المهمات والمواقف الصعبة. - المنتخب: شاهدنا عرضا رائعا وقتالية إستثنائية منكم لكن النتيجة خذلتكم من جديد، ما تعليقك؟ بوصوفة: الحسرة والألم لأننا لم نكن نستحق الإقصاء والخروج من البطولة، خصوصا بالطريقة والسيناريو الذي حدث في لقاء مصر، حيث كنا الأفضل والأقرب للعبور، إنهزمنا لأن الكرة لم تنصفنا والحظ وقف ضدنا، فعلنا كل شيء وقمنا بجميع المحاولات والفرص إلا أن الشباك أبت الإهتزاز بعناد. - المنتخب: هل توقعتهم هذا السيناريو أمام منتخب مصري كان يخاف ويتوجس من الأسود؟ بوصوفة: أضعنا عدة فرص وفي الشوط الثاني ضغطنا بشكل رهيب وسيطرنا على وسط الميدان، في اللعبة كما هو معروف الذي يضيع الفرص ولا يقتل المباراة يخسر غالبا، في بطولة قارية ككأس أمم إفريقيا يجب المبادرة إلى التسجيل لأن إفتتاح العداد يعطيك الأفضلية الكبيرة لربح المباراة، للأسف لم نسجل فسُجل علينا في آخر اللحظات إثر خطإ في التغطية ومن كرة ميتة. - المنتخب: ماذا كان شعوركم وأنتم تتلقون هدفا قاتلا في الدقيقة 89 في لقاء تسيدتموه وخسرتموه في النهاية؟ بوصوفة: الهدف المباغث رفع من ضغطنا وزاد من حماسنا ولم نستسلم أبدا، اللحظات الأخيرة رمينا فيها بكل أوراقنا وخلقنا أكثر من فرصتين للتسجيل، نحن مجموعة مقاتلة ومكافحة ولم نتأثر قط بالهدف في تلك الظرفية، والدليل ردة فعلنا القوية والتي نقصنا الهدف فقط. - المنتخب: هل يمكن الحديث عن إستعصاء أو غياب نجاعة أو سوء حظ بعد هذا الإقصاء الحزين؟ بوصوفة: إنه سوء حظ، فمن شاهد مباراة مصر سيتأكد أن الكرة لم ترغب في الدخول إلى الشباك، توقفت عند خط المرمى واصطدمت بالعارضة ومرت في أكثر من مرة بجانبها، غريب أن تفعل كل هذا وتخسر، الله عز وجل لم يقدر لنا العبور الذي يُفتح بابه لمن يسجل ويفوز وليس لمن يقدم الأداء الأفضل ويخلق الفرص الأكثر. - المنتخب: ظروف المباراة أيضا لم تساعدكم وهنا الحديث عن أرضية الملعب الكارثية.. بوصوفة: صراحة حرام أن نلعب في مثل هذا الملعب، إنه وصمة عار على الكاف واللجنة المنظمة التي أفسدت عرسا عربيا وقمة إفريقية بالإصرار على إقامتها في أرضية ترابية مكسوة ببعض العشب الخفيف والمتناثر، لم نقدر على التحكم في الكرة والتمرير الأرضي والكرات القصيرة والمرواغة، نتميز بسرعة لاعبينا وإختراقاتهم لكن إستحال إستخدام هذا السلاح في تلك الأرضية الكارثية، لقد لعبت أيضا دورا كبيرا في هزيمتنا وإستفزاز أعصابنا والحد من خطورتنا. - المنتخب: المنتخب المصري لم يكن مخيفا وخطيرا، لماذا تأخرتم قليلا في الإندفاع ولم تضبطوا عقارب اللقاء إلا في الشوط الثاني؟ بوصوفة: لم نتأخر، بل إندفعنا منذ البداية وكانت الخطة تنبني على الضغط عليهم واللعب في معتركهم وخلق أكبر عدد من الفرص لإزعاجهم وإرباكهم، الدقائق الأولى كانت برهان البحث عن الضربة القاضية المبكرة، لم نكن ندافع، بل بادرنا بالهجوم وحاولنا نسيان عامل أرضية الملعب وكما تابع الكل فقد وصلنا إلى منطقة حارسهم في العديد من المناسبات دون أن نتوفق في فك شفرة التسجيل. - المنتخب: هل أنتم راضون عن أدائكم بغض النظر عن حصيلة الكان؟ بوصوفة: نحن فخورون بما قدمناه وما أظهرناه في أربع مباريات، لدينا الإقتناع التام بالعرض والصورة التي كنا عليها ضد مصر، شخصيا أنا فخور بزملائي ومدربي وباقي الأطقم لأنهم أبطال في وجهة نظري في القتالية والكفاح وعدم الإستسلام، غادرنا الغابون برأس مرفوع وبتعاطف الجماهير والمتتبعين والمحللين، إنها كرة القدم وعلينا تقبل النتيجة وعدم التوقف كثيرا عند البكاء والحسرة والألم، فمباشرة بعد أي إخفاق يجب إستخلاص الدروس والعبر لتصحيح الأوراق ثم الإنطلاق بعقلية أفضل وروح أشرس لكسب التحديات القادمة. - المنتخب: بقيتم لدقائق على أرضية الملعب بعد صافرة النهاية، وشاهدنا كيف تفاعل الجمهور معكم وصفق لكم بحرارة في مشهد مؤثر يعكس رضاه التام عن مستواكم رغم الخروج.. بوصوفة: أشكرهم جميعا لأنهم جاؤوا بكثافة وتكبدوا عناء السفر إلى بورجونتي وشجعونا بكل قوة، أشكر الجمهور المغربي والعربي الذي ساندنا عن بعد سواء في المغرب أو خارجه، رضاهم عنا يشعرنا بالخجل والأسف لأننا لم نستطع مواصلة المشوار وإتمام المغامرة وإسعادهم، كنا نطمع في المزيد ونقاتل من أجلهم ومن أجل كل الذين وثقوا فينا ووقفوا إلى جانبنا في السراء والضراء، كرة القدم رياضة حبلى بالمشاعر وتحمل الأفراح كما الأتراح، وأقول للجمهور أن يعذرنا ويتفهمنا فمصيرنا لم يكن بأيدينا. - المنتخب: هل يمكن القول بأننا كسبنا مجموعة مقاتلة الآن، وروح الفريق التي إفتقدناها لسنوات عادت للأسود؟ بوصوفة: لن أكذب عليك إن قلت لك بأن العناصر الموجودة حاليا بالفريق الوطني مثال في الإنضباط والإصرار والعزيمة، لم ألمس هذا منذ أعوام ولم يسبق وأن شاهدت مثل هذا التلاحم والإتحاد والقتالية بين اللاعبين بالفريق الوطني، هناك مزج رائع وعجيب بين الشباب والمخضرمين وتناسق تام بين الجميع، وهنا أفتح زاوية أخاطب فيها الجمهور المغربي وكذا الصحافة والمتتبعين وأدعوهم جميعا لدعم اللاعبين الشبان والصبر عليهم وعدم تحميلهم أكثر مما يتحملون، لقد أظهروا علو كعبهم وحبهم الخرافي للقميص ولهم من المهارات والتقنيات ما سيرفع من شأنهم ويرفع أسهمهم. - المنتخب: يعني أن هذا الفريق وخصوصا الجيل الصاعد قادر على حمل المشعل وقيادة سفينة الأسود نحو ميناء التألق والإنجازات مستقبلا.. بوصوفة: إن حافظنا على هذه التركيبة ولم نفرق اللاعبين ولم نهدم العمل الذي يُبنى من قبل الناخب الوطني والجامعة سنكون قد قطعنا خطوة كبيرة في درب العودة إلى الزئير والريادة على الصعيد القاري، الآن وقد غادرنا بطولة إفريقيا من دور الربع يجب مواصلة الإشتغال بنفس الرؤى وعدم تغيير الأشخاص والإستراتيجيات، هذا الجيل قادر على تكسير العقد وإنهاء حقبة الإنكسارات وما عبور دور المجموعات بالكان لأول مرة منذ 13 سنة إلا دليل على بداية الإنفراج، القادم سيكون أفضل إن شاء الله بتواجد الخلف وبدعم العناصر المخضرمة والمجربة شريطة الدعم ولا شيء غير الدعم والمساندة من الجمهور المغربي. - المنتخب: كلاعب مخضرم وقائد للمجموعة أي إضافة لمستها، وهل من تغيير منذ قدوم الناخب الوطني هيرفي رونار قبل حوالي سنة؟ بوصوفة: جاورت عدة مدربين سواء مع الفريق الوطني أو الأندية التي لعبت فيها، والمدرب هيرفي رونار يبقى بكاريزما خاصة وشخصية ليس لها مثيل، إنه قائد رائع ومدرب شديد يجبرك على الإعجاب به قبل إحترامه، كلمته مسموعة وطريقة تواصله إستثنائية، برأيي الإضافة التي قدمها هي نفسية أكثر منها تقنية، المنظومات التكتيكية تبقى أساس كرة القدم لكن العامل الذهني لبها، صراحة الكيفية التي يتكلم بها رونار ويشجع بها اللاعبين وينتقدهم ويصلح بها الأمور مثالية، وتجعل الجميع ينصت ويطبق ما يقول بكل إنضباط وإرادة، الناخب الوطني حمل فكرا جماعيا وثوريا للأسود والقتالية والروح التي أصبح يلعبون بها من صناعة هذا المدرب، كان ينقصنا الرجل الذي يشحننا ويحفزنا ويجمع بيننا لا من يفرق أو يرينا كيف نلعب ونقف فوق أرضية الميدان. - المنتخب: أي وصفة وأي خطاب كان يوجهه لكم رونار قبل وأثناء وبعد المباريات؟ بوصوفة: رونار يقرأ الخصوم جيدا ويضع النقاط على الحروف ويدقق كثيرا من ناحية التكتيك والإنضباط الدفاعي، ثم يحرص على النجاعة الهجومية والوصول إلى الشباك بأسرع طريقة وأنجعها، وصفاته غالبا ما كانت تعطي أكلها ويكفي مشاهدة مبارياتنا الأربع لمعاينة الأداء والمستوى الذي ظهرنا به، حينما نفوز نفعل ذلك بإمتاع وحينما نخسر نكون قد إنهزمنا بإقناع، رونار ومعه الطاقم التقني وثوابت الفريق الوطني لعبوا دورا كبيرا في الخطاب الذي كانوا يوجهونه للاعبين الذين حضر جلهم أول بطولة قارية، ورغم إفتقادهم للتجربة والحيل إلا أنهم ظهروا على الوجه الأكمل وحاربوا واستماتوا بعدما تم شحنهم ببطاريات الدعم والمساندة والثقة في النفس. - المنتخب: هل عاد الأسود إلى الطريق الصحيح والمؤدي إلى إستعادة المكانة القارية والرجوع إلى الساحة العالمية؟ بوصوفة: ما تحقق الآن ينبئ بأن المستقبل سيكون جميلا إن شاء الله، فالجمهور بدأ يستبشر بفريق وطني مقاتل يدافع على الراية المغربية بقتالية ويضحي ويلعب بكل إيثار بعيدا عن الأنانية أو الغطرسة، أعتقد بأن هذه المجموعة أو هذا الجيل سيكون له شأن في المستقبل القريب للمنافسة بقوة أكبر وحظوظ أوفر على اللقب القاري في قادم البطولات، ولما لا الرجوع إلى العالمية والتأهل إلى المونديال، لن يتحقق هذا بالأماني وإنما بمواصلة الإشتغال والإيمان بالذات والقدرة على صنع المعجزات وعدم التلذذ بإيقاظ فتنة الخلافات والإنتقادات. - المنتخب: لعبت بطولتك الإفريقية الثانية ومن الصدف أنها كانت في نفس البلد، كيف عشتها؟ بوصوفة: كانت تجربة مميزة ورائعة أفضل من دورة 2012 والتي شاركنا فيها بأسماء لامعة وفريق لا يقل وطنية وقتالية عن التركيبة الحالية، بطولة 2017 كانت خاصة لأننا تأهلنا فيها للدور الثاني بعد غياب طويل، وحملت لي وللمغاربة العديد من مشاعر الفرح والنشوة كما الإحباط والإنكسار، للأسف كانت لدي الرغبة الجامحة لقيادة الأسود إلى آخر الأدوار والبصم على شيء مميز يبقى في سجلات مشاركتي الدولية مع بلدي، لكن للأسف لم يتحقق المراد وبالأحرى ربما تأجل إلى موعد لاحق. - المنتخب: أنت في سن 33، هل نقول بأن دورة الغابون هي الأخيرة لك على صعيد الكان؟ بوصوفة: الغيب في علم الله ولا أرى المستقبل عبر كرة زجاجية، ما زلت قادرا على العطاء وتشريف بلدي والقتال والكفاح من أجله، ما زالت لدي الرغبة لخوض مباريات أخرى ولياقتي البدنية تسمح لي بذلك حاليا، أما إن كانت هذه البطولة القارية الأخيرة لي فهذا ليس بيدي، وإنما بيد المدرب الذي يخطط ويعتمد على من يراه الأفضل والأصلح، لا أفكر في الإعتزال الدولي حاليا وسأبقى رهن الإشارة في أي وقت، فلو واصلوا إستدعائي سآتي كما كنت على عجل بكل حب وعزيمة لتقديم الإضافة، ولو صرفوا النظر عني سأبقى في منزلي وسأدعم زملائي عن بعد. - المنتخب: عطاؤك لا يعكس سنك، ورشاقتك وقتاليتك يعطونك الأفضلية رغم بنيتك الجسمية، ما هو السر؟ بوصوفة: لا أتهاون ولا أغش وأتدرب بجدية وانضباط ولا أتكاسل، أحرص على صحتي وأتبع نظاما إحترافيا داخل وخارج أرضية الملعب، الأداء لا يُقاس بالسن أو الطول أو القوة الجسمانية وإنما بالعقل والقتالية والروح التي نلعب بها. - المنتخب: كلمة أخيرة للجمهور المغربي.. بوصوفة: أعتذر له وأطلب منه قبول إعتذارنا، نتأسف لأننا لم نقو على مواصلة المغامرة ومعها إسعاد الشعب وإخراجه إلى الشوارع، وأشكره وأدعوه إلى الإستمرار في دعمنا وتشجعينا لأنه البطارية الأولى التي تشحننا، أقول له بأن الأسود قادمون ولساحة الألقاب والإنجازات سيعودون إن شاء الله.