الرصاصات النحاسية تخترق التاريخ الإفريقي لأول مرة ضربات الحظ أهدت اللقب الغالي لزامبيا كما كان متوقعا لم تكن المباراة النهائية سهلة على منتخبي كوت ديفوار وزامبيا، وقد غلف هذا النهائي الصراع التكتيكي، ورغم أن منتخب الأفيال سيطر نواعا ما على مجريات المباراة، إلا أن ذلك لم يكن كافيا أمام حماس منتخب الرصاصات وهو ما يفسر لجوء المنتخبين للشوطين الإضافيين، بل إلى ضربات الترجيح التي كانت الفيصل وأهدت اللقب الغالي لمنتخب زامبيا لأول مرة في تاريخه. توابل نهائي الأحلام الكثير من المعطيات جعلت من هذا النهائي رقم 28 ذو طابع استثنائي، فإذا كان الكثيرون قد توقعوا وصول المنتخب الإيفواري إلى المباراة النهائية، فإن هناك القليل من تكهن بوصول المنتخب الزامبي أحد مفاجآت هذه النسخة للنهائي، ولو أن ذلك كان متوقعا اعتبارا إلى أن الكثير من المنتخبات القوية قد غابت عن المونديال الأسمر. لاعبو زامبيا وهو يخوض هذا النهائي تذكر مأساة 1993 عندما سقطت طائرة كانت تقل المنتخب الزامبي بالغابون، وبالتالي كان من الصدف أن يكون العرس الكروي الزامبي في الأرض الذي سقطت هذه المأساة. ويبدو أنه أعطى هذا العامل لمنتخب الرصاصات دافعا من أجل معانقة اللقب لأول مرة في تاريخه، لكن أمام من؟ أكيد أن المهام لن تكون سهلة، إذ كان المنتخب الإيفواري يتربص باللقب هو الآخر كمنتخب قوي بنجومه، بل هو المنتخب الذي يملك أقوى دفاع، حيث لم تهتز شباكه منذ انطلاق المنافسة وهو الباحث عن ثاني لقب له في مشواره الكروي بعد ذلك الذي فاز به عام 1992. صراع المحلي والأجنبي بين فرانسوا زاهوي مدرب المنتخب الإيفواري إبن البلد وهيرفي رينار مدرب المنتخب الزامبي صراع وتحدي بين الشخصين، بل هو دفاع أيضا عن مكانة المحلي الذي يحمل وشاحه زاهوي والأجنبي في شخص الفرنسي هيرفي رينار الذي غالبا ما يتلقى الإنتقاذات كلما خابت النتائج، لذلك كان من الطبيعي أن يكون الصراع التكتيكي حاضرا في هذه المباراة، بل كان من الطبيعي أن يستخرج كل طرف أسلحته التكتيكية من أجل تحقيق روعة اللقب، خاصة أن المباريات النهائية غالبا ما يغلفها الصراع التكتيكي والحرص الشديد، لذلك كان منتظرا أن يكون الصراع تكتيكيا خالصا بين منتخبين يعرفان بعضهما البعض، وإن كانت كفة المنتخب الإيفواري مرجحة اعتبارا للنجوم التي يعج بها منتخب الأفيال وكذا للمسار الواقعي الذي وقع عليه منذ انطلاق المنافسة. توازن القوى مثلما عودنا عليه المنتخب الإيفواري فإنه غالبا ما ينطلق بإيقاع قوي ولا يبادر إلى التهديد، حيث راقب خصمه مع الإنطلاقة بدليل أن أول فرصة سنحت لزامبيا عبر سينكالا الذي سدد لكن الحارس باري تدخل بنجاح وأبعد الكرة بنجاح. رويدا رويدا بدأ المنتخب الإيفواري يدخل في المباراة، خاصة عبر جيرفينيو ودروغبا وكالو، وهو الثلاثي الذي عول عليه منتخب الأفيال، ورغم تحركات هذا الثلاثي إلا أن اختراق الدفاع لم يكن سهلا، وهو ما جعل المنتخب الإيفواري يعتمد على التسديد من بعيد دون جدوى، فيما كانت إختراقات كابلا وشانسا وكاطونغو والتي كانت تنقصها السرعة وقلة التركيز يكسران محاولات محاولات المنتخب الزامبي، على أن أبرز فرصة للإيفواريين شهدتها الدقيقة 30 عندما وُضعت كرة مواتية ليحيىا توري لكن تسديدته افتقدت للتركيز ومرت محادية. واستمر السجال بين المنتخبين، لكن الإصرار كان أكثر من المنتخب اليفواري، إذ كانت تجربة لاعبيه الذين يمارسون في أكبر البطولات الأوروبية حاضرة، هذا في الوقت الذي اعتمد فيه المنتخب الزامبي في بعض الفترات على المرتدات الهجومية، وكان هاجسه هو ملء الوسط وتحصين الدفاع. لا جديد مرت دقائق هذا الشوط دون أن يحقق كل طرف مبتغاه وتأكد أن الوصول إلى المرمى لن يكون سهلا، في ظل الضغط الذي كان يخيم على اللاعبين خوفا من تلقي هدفا، ناهيك عن الحضور التكتيكي الجيد والصارم لكلا الطرفين، لذلك عرفت المباراة بعض الأطوار ذات المستوى الفني الرتيب في غياب أبرز المحاولات الحقيقية للتسجيل رغم بحث مهاجمي الفريقين عن المنافذ، إذ كان مهاجمو المنتخب الزامبي يبحثون عن التسجيل عبر الإختراقات والتسديد من بعيد، فيما لاعبي المنتخب الإيفواري كانوا يمنون النفس في التسجيل عبر التمريرات خاصة من الوسط. والواقع أننا انتظرنا هذا السيناريو في هذا النهائي في انتظار الجولة الثانية التي تعتبر جولة المدربين من أجل تصحيح الأوضاع التقنية، خاصة بالنسبة للمنتخب الإيفواري الذي حتما يريد أن يحسم المباراة دونما الدخول في تفاصيل الشوطين الإضافيين أو ضربات الترجيح. أي ذبابة لسعت دروغبا؟ بدا واضحا أن المنتخب الإيفواري دخل عازما للوصول إلى مرمى المنتخب الإيفواري، وذلك من خلال الإنتعاشة التي عرفها خط هجومه، وظهر أن المنتخب الزامبي فقد مع انطلاق الجولة الثانية بعض من إمكانياته نتيجة الأخطاء التي سقط فيها في وسط الميدان وكذا تراجع أدائه الهجومي، وهو ما سمح للمنتخب الإيفواري الضغط على مرمى الحارس مويني، لكن دائما كان المهاجمون يصطدمون بالتكثل الدفاعي، خاصة أن تلاميذة هيرفي رونار شعروا بصعود الأفيال وتحسن أدائهم. هذا الضغط أربك حسابات الدفاع الزامبي، إذ من اختراق جيد لجيرفينيو يُسقط هذا الأخير داخل مربع العمليات، الحكم السينغالي بادارا لم يتردد في الإعلان عن ضربة جزاء، لكن دروغبا رفض الهدية وبطريقة غريبة يضيع ضربة جزاء بعد أن ذهبت الكرة عالية عن مرمى الحارس مويني. ضربات الحظ أكيد أن المنتخب الإيفواري تحسر كثيرا على ضياع هذه الفرصة، وكان على لاعبيه أن يتجاوزوا آثار تضييع ضربة الجزاء، هذا في الوقت الذي زاد ضياع هذه الفرصة من حماس منتخب الرصاصات الذي ظل وفيا لتكثله الدفاعي وشراسته، وهو ما يفسر قلة فرص لاعبيه، هذا في الوقت الذي رمى زاهوي بأوراقه بعد أن أدخل غراديل وكونان من أجل الضغط أكثر، لكن لا شيء تغير بعد أن رفض غراديل فرصة مواتية قبل نهاية المباراة بدقيقتين بعد أن توصل بكرة وراوغ قبل أن يسدد، لكن الكرة مرت محادية لمرمى الحارس مويني. ولأن الوقت القانوني من المباراة لم يغير من النتيجة فقد دخل المنتخبان الإختبار الثاني على مستوى الشوطين الإضافيين، حيث أعطت دقائقه الأولى فرصة ذهبية لكريسطوفر كاطونغو الذي استغل تمريرة شقيقه، لكن الكرة أبعدها بصعوبة عبر بقدمه الحارس باري، ومرت دقائق الشوطين الإضافيين دون جديد قبل أن يلجأ المنتخبان لضربات الترجيح التي ابتسمت لمنتخب زامبيا وأهدت له اللقب الغالي بحصة 87.