لغو الجموع السامة ماذا تغير في الجموع العامة للأندية المغربية ونحن نودع الهواية لندخل الاحتراف ولو من تحت الباب؟ هل عشنا خلال الجموع العامة مناخ الديمقراطية؟، وهل استبدلنا التصفيق بالتصديق؟ لماذا لازالت كائنات من قبيلة الحياحة تحكم سيطرتها على الجموع العامة وتزرع في الحقول فزاعاتها الزائفة؟ ألم يحن الوقت لمسح الجموع العامة من مشهدنا الكروي، مادامت مجرد فرصة سنوية لاكتشاف مواهب المنخرطين في السب والشتم والهجوم على المنصات؟ إلى متى ستظل الجموع العامة والإستثنائية مجرد لحظة مستقطعة من مدرجات النخب الرياضية؟ أليس من الغرابة دفع اشتراك سنوي يفوق عشرة آلاف من أجل تعبئة شتائم سنوية تنتهي بنهاية الجمع العام؟. أسئلة وغيرها تتزاحم في ذهني كلما عشت مباريات جموع لا تجتمع حول كلمة الوفاق، وتنتصب في دماغي كلما شاهدت منخرطين يشتمون اللاعبين خريفا وشتاءا وربيعا، والمسيرين صيفا دون احترام لمبدأ المساواة في الشتم. الحيحة عنوان رئيسي لجموع أنديتنا وهي تمسح أقدامها عند العتبة قبل أن تطأ سجادة الاحتراف، والصراعات مانشيطات كبرى في كرتنا صيفا وشتاء تستحق أن تغني لها فيروز رائعة «كرهتك في الصيف كرهتك في الشتا». كل من حضر جمع الرجاء البيضاوي الأخير، سيتأكد من زيف ادعاءات البكاوي ومن معه، حين قالوا وداعا للهواية. لا شيء تغير نفس الفصول نفس الخلافات نفس قاموس الشتائم نفس المكان، وكأننا أمام جمع عام يبت مسجلا، بعد أن سئمه المنخرطون والصحافيون والمخبرون. في الجموع العامة يتوصل المنخرطون بالتقارير الأدبية والمالية عند مدخل القاعة، ويناقشونها بعد ساعة، بعضهم يلجأ لآلة حاسبة لفك ألغاز التقارير، والبعض يمنع إدخال الآلات الحاسبة وحين يتساهل يزيح منها رقم صفر، خوفا من الاتصال بالرقم الدولي. لكن في كل الجموع هناك من يربط دعم ناديه باستقالة المكتب المسير، ويلوح بمبدأ «المال مقابل الإستسلام»، وهناك أيضا من يتحول إلى قرداحي زمانه ويردد على مسامع المنخرطين تأشيرة الأحلام «من يربح المليون؟». في الجموع العامة، للدفاع الجديدي والمغرب التطواني وأولمبيك خريبكة والوداد الفاسي، لا يحضر الصندوق الزجاجي، لأنه إذا حضر الصندوق بطل التصفيق، وحين يصر مسؤول على جلبه على سبيل الإعارة من مقاطعة مجاورة، يتحول إلى مجرد أثاث ديمقراطي عليه عبارة «غير صالح للإستعمال». في جمع الدفاع الجديدي التمس منخرط من كافة المنخرطين تأجيل الديمقراطية إلى الموسم القادم، وقال أمام إستغراب الجميع «سنصادق على التقرير المالي والأدبي بدون تحفظ وسنؤجل الديمقراطية إلى الموسم القادم»، قبل أن تشيعه تصفيقات بعض الحاضرين إلى كرسيه الأخير. الغريب أن الرجل قبل أن يدعو إلى ديمقراطية مؤجلة، أعلن مساندته للدستور الجديد المبني من خلال منطوقه على ركائز الديمقراطية، وفعلا استجابت اللجنة المؤقتة لملتمس يقضي بتعجيل المصادقة وتأجيل الديمقراطية. ألم أقل لكم إن الاحتراف مجرد زلة لسان، وأن الجموع العامة كشفت زيف من كان ينشر دعوة الاحتراف عبر ربوع المملكة، وأن دفتر الأعباء تحاشى الحديث عن منخرط الغد، ولم يمانع في منح المنخرطين ساعات كل سنة لتوزيع اللغا وممارسة شغب مناقشة التافهات من الأمور، كما حصل في خريبكة حين قرر المنخرطون تعيين التبتي مساعدا لمدرب حراس المرمى الصبار، في قرار غريب يجعل لكل مدرب مساعدا. للأمانة فهناك متغيرات جديدة في جموع الأندية، كاقتحام الأعوان القضائيين لحميمية الكوايرية، حيث شوهد بعض المفوضين وهم يدونون ملاحظاتهم في سجل رسمي، كما اخترقت التكنولوجيا الحديثة تقاليد هذه المحطات الخطابية، وأصبح بإمكان محبي النادي متابعة تفاصيل الجمع العام مباشرة على النت، وإبداء ملاحظات تتحول بسرعة إلى أسئلة شفوية، كما قام بعض المسؤولين باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي كالفايسبوك وتويتر في الترشيح للإنتخابات، بل إن الدعوات بدأت تصل إلى المعنيين عبر رسائل نصية قصيرة، والتحالفات تصنع في منتديات الدردشة، والتصويت يتم بالتفويض المعلوماتي، أما البرامج إن وجدت فغالبا ما تستقر في علبة سبام. وللأمانة أيضا فأولمبيك آسفي كان سباقا إلى وضع التكنولوجيا في خدمة الصحافيين، إذ تم قبل سنتين الاتفاق على إجراء جمع عام مغلق، وفي نهايته تم توزيع سيديات للجمع «المضيق»، على الصحافيين وبعض المنخرطين الغائبين بمبرر طبعا. ليست التكنولوجيا هي الوحيدة التي اخترقت الجموع العامة للأندية، بل أيضا شعارات الحراك الإجتماعي، وأصبحنا أمام قاموس كلمات مستوحاة من حراك الشارع العربي، كأن يردد منخرط أمام الرئيس كلمة «إرحل»، ويقول آخر هرمنا من أجل هذه اللحظة، لحظة تغيير رئيس بآخر، أو عبارة الشعب يريد تغيير الرئيس، واستبدال اللجان المؤقتة بالمجالس الانتقالية، وقس على ذلك من العبارات المستوردة من ميدان التحرير بالقاهرة وشارع بورقيبة في تونس ونهج الجلاء في بنغازي. غدا ستتدخل الفيفا كما تدخل حلف الناتو، إذا أصر رئيس فريق على التمسك بالسلطة،، غدا سترسل الكاف قواتها المتعددة الجنسيات، إذا رفض نادي مغربي الدخول في ملة الإحتراف،، غدا ستغير الأندية شعاراتها وألوانها وأناشيدها إذا ظل المتفرج مجرد زبون أسبوعي لا يتجاوز حدود المدرجات المكشوفة،، وغدا سنعيش هواية محترفة، أو في أحسن الأحوال إحترافا هاويا.