على امتداد أكثر من 137 مباراة ضمت الرجاء والوداد أو العكس عبر التاريخ، انتهى نصفها بالتعادل وكل مرة كان الجمهور البيضاوي يغادر الملعب متذمرا وهو يلوك بلسانه مرددا «الماتش مخدوم».. سيقت روايات وقصص بشأن الديربي المخدوم، أغلبها كان تحت ذريعة «الدواعي الأمنية» وفعلا بعد أن علق عدد من اللاعبين القدامى حذاء الممارسة، إعترف بعضهم بتلقيهم مرارا تعليمات داخل مستودع الملابس بالخروج أحباب.. هذه المرة راديو مدينة الدارالبيضاء، يتحدث عن الديربي المخدوم بشكل مغاير، فهم لا يتحدثون عن النتيجة لأن التعادل ممنوع هنا ولا وجود لأنصاف الفرص في هذا العناق القوي والصادم، وإنما يتحدثون عن حكاية الكرات الباردة والساخنة في القرعة العربية التي أفضت لهذا الديربي غير المسبوق تاريخيا. فالإمارتيون وقبل أشهر قليلة وتحديدا شهر مارس، اجتهدوا وناضلوا من أجل إقامة ديربي حملوه وصف «الإستعراضي» على أرضهم، قبل أن يصدر فيطو رجاوي تصدى لبرتوكول الإتفاق الذي كان فوزي لقجع شاهدا عليه، وذلك لأن الرجاء كانت معنية يومها بالسوبر الإفريقي أمام الترجي٬ فاختار النسور السفر للدوحة على لقاء الوداد في أبو ظبي وبقية الحكاية تعرفونها و ما تلاها من غضب المنظمين و أصحاب الفكرة.. اليوم الشركة الراعية ومالكة حقوق نقل مباريات المسابقة بدورها إماراتية، ورئيسها طارق السعدي خرج بتصريح رسمي فور الكشف عن محتوى القرعة ليقول أنه سيسخر كافة إمكانيات القناة من أجل تغطية تاريخية للديربي التاريخي. قد يقول قائل: ولماذا لم يتم توجيه القرعة كي يواجه الرجاء نواذيبو مثلا والوداد المحرق؟ فيجيبهم الضالعون في أمور البزنس بقولة «عصفور في اليد أو ديربي في اليد خير من عشرة فوق الشجرة»، أي أنه لا أحد يضمن استمرار الغريمين في المسابقة، وقد يقصى أحدهما أو كليهما كما حدث خلال النسخة السابقة حين أخرجهما معا نجم الساحل التونسي، لذلك لا بد من «ضرب الحديد ما حدو سخون».. فالأرقام الرسمية لقناة أبو ظبي الإماراتية تؤكد أن أعلى نسبة متابعة لها هي من المغرب وتحديدا خلال نقل مباراتي الوداد أمام المريخ والرجاء أمام هلال القدس.. وأكبر تفاعل في «اليوتوب» مع مقاطع المعلقين وصور النقل التلفزيوني الرائع الذي يصوب عدساتهم صوب تحفة الإبداع بالمدرجات، هي أيضا لمباراتي الغريمين. وأكبر حضور جماهيري في مباريات كأس محمد السادس هي من نصيب مركب محمد الخامس، كل هذا وهما يلعبان مع منافسين صف ثالث ورابع، فكيف سيكون الوضع لو تقابلا ؟؟ وياله من طبق للتاريخ؟؟ صحيح قد يحكم على واحد من القطبين بالخروج المبكر، لكن سيكتب التاريخ لمنظمي هذه المسابقة أنها انفردت بأول ديربي بين الوداد والرجاء خارج إطار البطولة وكأس العرش، على شاكلة كلاسيكو ريفر بلات وبوكاجونيور في ليبيرطادوريس ولعل تفاعل منصات التواصل الإجتماعي التي اشتعلت بالتفاعل فور القرعة لدليل إضافي يدعم الطرح. و بقى كل الذي سيق في هذا العمود مجرد اجتهاد وعكس لقراءات الشارع البيضاوي، على شاكلة تفاعل الأوروبيين مع قرعة عصبة الأبطال الأوروبية يوم كانت أصابع الإتهام توجه لجياني إينفانتينو يوم كان هو من يدير الكرات داخل وعاء القرعة.. وداخل فصول هذه التخمينات، فإن هذا درس كبير لقنواتنا المتخصصة في كيفية استثمار أرقى ما لدينا من منتوج كروي وهو الديربي، لتستفيد من الدرس وتغير منهجية النقل التقليدي وتفطن إلى أن أبو ظبي الرياضية الرائعة صارت تأسر قلوب أنصار الغريمين بروعة معلقيها وحياديتهم وكذا بكاميراتها التي تقصد المدرجات وتنقل هدير صوتها ولوحات مبدعيها دون خلفيات. قد يكون الديربي مخدوما في القرعة والتوجه التجاري، لكنه وكما هو حال ديربيات كأس العرش لن يكون هذه المرة مخدوما فوق «الگازون».