ستبقى نسخة 2019 من مسابقة عصبة أبطال أوروبا لكرة القدم عالقة في الأذهان لأعوام كثيرة مقبلة، نظرا لما قدمته من مشاعر، إثارة، تشويق، نوعية لعب وسيكون من الصعب على أحد أن يقول عكس ذلك عشية مباراة نهائية تجمع بين... ليفربول وتوتنهام الإنكليزيين. كانت النسخة الحالية على موعد مع "ريمونطادا" بالجملة، تقنية الاعادة بالفيديو "في أيه آر" وفريق شاب خالف التوقعات وأطاح بعملاقين كانا من أبرز المرشحين للتواجد في نهائي السبت المقرر في مدريد: لم تكن مسابقة عصبة الأبطال يوما بهذه الاستعراضية والإثارة، وذلك بالتصادف مع مقترحات من أجل ادخال اصلاحات عليها وتغيير صيغتها الحالي بحثا عن المزيد من الايرادات. أصبحت "ريمونطادا" من المصطلحات المستخدمة في كرة القدم بعد الانجاز الذي حققه برشلونة الإسباني عام 2016 بتحويله خسارته في ذهاب ثمن النهائي أمام باريس سان جرمان الفرنسي برباعية نظيفة، الى فوز تاريخي ايابا على أرضه 6-1. وقد يعتقد كثيرون أن سان جرمان تعلم درسا قاسيا على يد النادي الكاتالوني ونجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، وبأن النادي الباريسي أصبح أكثر نضجا في المسابقة القارية التي تشكل الهدف الأسمى لجميع الأندية، لكن الكارثة تكررت مجددا في 2019 حين تغلب على مانشستر يونايتد الإنكليزي في معقل الأخير 2-صفر في ذهاب ثمن النهائي قبل أن يعود ويخسر على أرضه 1-3، لينتهي مشواره عند ثمن النهائي لموسم ثالث على التوالي. أكد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو أنه، ورغم الألقاب الخمسة التي أحرزها في عصبة الأبطال وتقدمه في العمر، لم يفقد شيئا من حماسه واندفاعه ومهاراته وقوته البدنية، وذلك بعدما قاد فريقه الجديد يوفنتوس الإيطالي الى قلب الطاولة على أتلتيكو مدريد الإسباني في الدور ثمن النهائي. واعتقد أتلتيكو أنه ضمن بطاقته الى الدور ربع النهائي بفوزه ذهابا بين جماهيره بهدفين نظيفين، لاسيما أنه من أكثر الفرق صلابة وقادر تماما على الدفاع عن هذه النتيجة في تورينو، لكن "كابوسه" رونالدو الذي لعب دورا أساسيا في قيادة ريال مدريد الى اللقب أربع مرات في المواسم الخمسة السابقة، بينها اثنان على حساب أتلتيكو بالذات، قال كلمته في الإياب بتسجيله ثلاثية الفوز 3-صفر. عندما انطلق دور المجموعات لم يكن أياكس أمستردام على الإطلاق ضمن حسابات الكبار، لاسيما أنه فريق شاب ولم يصل الى دور المجموعات منذ موسم 2014-2015، لكن أحفاد يوهان كرويف أظهر قدراته حين أجبر بايرن ميونيخ الألماني على الاكتفاء بالتعادل 1-1 و3-3 وتأهل بصحبته الى ثمن النهائي. كان ذلك بداية "الملحمة" بالنسبة لشبان أمستردام الذين بدوا في طريقهم لتوديع المسابقة في ثمن النهائي بخسارتهم ذهابا على أرضهم 1-2 أمام البطل ريال مدريد، لكنهم خاضوا الإياب دون أي عقد ونجحوا في تحقيق فوز تاريخي على النادي الملكي في معقله 4-1. وتكرر السيناريو في ربع النهائي حين تعادلوا على أرضهم مع رونالدو ورفاقه في يوفنتوس 1-1، قبل أن يقضوا على حلم بطل إيطاليا باحراز اللقب للمرة الأولى منذ 1996 بالفوز عليه ايابا في طورينو 2-1. لكن النادي الهولندي تجرع في نصف النهائي نفس المرارة التي شعر بها ريال مدريد ويوفنتوس، وذلك بفوزه ذهابا خارج ملعبه على توتنهام 1-صفر، قبل أن يقع ضحية "ريمونتادا" النادي اللندني الذي فاز إيابا في أمستردام 3-2 بفضل ثلاثية البرازيلي لوكاس مورا، وبلغ النهائي للمرة الأولى في تاريخه. إذا كان أحد يتمنى لو بقي الاتحاد الأوروبي لكرة القدم على تعنته بإرجاء إدخال تقنية الاعادة بالفيديو "في أي آر" الى مسابقة عصبة الأبطال، فهو مانشستر سيتي الإنكليزي الذي خسر في ذهاب ربع النهائي أمام مواطنه توتنهام صفر-1 قبل أن يقدم الفريقان مباراة رائعة في الإياب ودخلا الى ثوانيها الأخيرة وسيتي متقدما 4-3. واعتقد رجال المدرب الإسباني جوسيب غوارديولا أنهم سيخرجون من المواجهة وفي أيديهم بطاقة التأهل الى نصف النهائي حين سجل رحيم سترلينغ الهدف الخامس لبطل انجلترا في الوقت بدل الضائع. لكن بعد تردد واستشارة "في أي آر"، قرر الحكم الغاء الهدف بداعي التسلل، لتنتقل الاحتفالات من معسكر سيتي الى المقلب اللندني. كان ملعب "أنفيلد" على موعد مع "معجزة" حقيقية في السابع من ماي اليوم الذي سيبقى محفورا في ذاكرة جماهير ليفربول وبرشلونة على حد سواء، إذ دخل "الحمر" الى لقائهم مع النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي ورفاقه في برشلونة الإسباني وهم خارج حسابات التأهل الى النهائي بعد خسارتهم ذهابا في "كامب نو" بثلاثية نظيفة. لكن رجال المدرب الألماني يورغن كلوب وبمؤازرة جمهورهم الحماسي صنعوا التاريخي بعدما دكوا شباك الضيف الكاتالوني برباعية نظيفة وبلغوا المباراة النهائية للموسم الثاني تواليا من أجل مواجهة توتنهام السبت على ملعب "واندا متروبوليطانو" الخاص بأتلتيكو مدريد.