شكل الدفاع الحسني الجديدي طيلة الأعوام السابقة مشتلا للنجوم وينبوعا متفجرا بالنيازك الكروية، ورغم خلو خزانته من الألقاب إلا من لقب واحد يتيم الدهر في مسابقة كأس العرش، فقد قدم الفريق الدكالي لبساط المستديرة لاعبين متميزين وهدافين نادرين، وظل وفيا لعادته، حتى في أحلك مواسمه، ومن بين العناصر الجديدية التي برزت بشكل لافت للنظر هذا الموسم المايسترو شعيب المفتول الذي يتقاسم مع الظاهرة والمبدع المعتزل رضا الرياحي الكثير من أوجه التشابه، فهو قصير في قامته لكنه كبير في عطاءاته، لاعب مهاري يوزع الشهد على المهاجمين، لكن أفل نجم «شعيبة» كما يحلو لجماهير (المهيبيلة) تسميته، مؤقتا، بعد تعرضه لإصابة بليغة وسط الموسم بالملعب الكبير بطنجة اضطرته للإبتعاد عن فريقه، مما شكل صدمة كبيرة للدفاعيين ومعهم المدرب الزاكي بادو الذي استعصى عليه إيجاد بديل للمفتول خلال فترة غيابه، قبل أن يستعيد مؤخرا جاهزيته، وينضم إلى الجوقة الدكالية. في هذا الحوار، يكشف المايسترو الجديدي شعيب المفتول عن بدايته الكروية وعلاقته بالمستديرة، كما يتحدث عن مسيرة فريقه خلال هذا الموسم الذي يشرف على نهايته.
المنتخب: بداية، ماذا عن بدايتك الكروية؟ المفتول: بدايتي الكروية لا تختلف كثيرا عن اللاعبين المغاربة، حيث نسجت حكايتي مع المستديرة بفرق الأحياء التي تعلمت بها أبجديات كرة القدم، ثم التحقت بعد ذلك بالرجاء الرياضي الجديدي الفريق الثاني بالمدينة الذي التحقت بفئاته الصغرى، كما جاورته فريقه الأول لسنوات بقسم الهواة، وقبل ست سنوات رصدتني الأعين التقنية للمدرب الجزائري عبد الحق بن شيخة الذي اكتشفني وأوصى المسؤولين بضمي إلى صفوف الدفاع الجديدي، لإيمانه بمؤهلاتي التقنية. المنتخب: رغم تعاقب عدد من المدربين على تدريب الدفاع لم تنل فرصتك كاملة، كيف تفسر ذلك؟ المفتول: أذكر أنني عند إلتحاقي بالدفاع الجديدي كان يضم وقتئذ أسماء وازنة ومجربة، ورغم ذلك حظيت بثقة المدرب المصري طارق مصطفى الذي كان أول من منحني فرصة إثبات الذات، بل غير لي مركز اللعب، لكن مع مجيء الإطار التقني الوطني جمال السلامي طاردتني لعنة الإصابات، وابتعدت عن أجواء المنافسة لأشهر عديدة، وبتولي عبد الرحيم طاليب مقاليد الإدارة التقنية للنادي استعدت جاهزيتي بعض الشيء، وكنت أشارك لبعض الدقائق مع الفريق في منافسات البطولة الوطنية وعصبة الأبطال الإفريقية، لكن خلال فترة تولي الفرنسي هوبير فيلود ومن بعده الزاكي بادو تدبير الأمور التقنية للفريق الدكالي انتزعت مكانتي الرسمية، واستعدت أيضا الكثير من مقوماتي الفنية، وبكل صراحة أنا مدين بالشيء الكثير لجميع المدربين الذين تعاقبوا على تدريب الدفاع خلال الخمس سنوات الأخيرة، لأنهم ساهموا في بروزي، وكان فضلهم علي كبيرا. المنتخب: لكن تعرضت لإصابة بليغة في مباراة اتحاد طنجة أوقفت مسيرتك الموفقة مع الدفاع، أكيد تلقيت ضربة موجعة وسط الموسم؟ المفتول: (بنبرة حزينة)، في الحياة الكروية للاعب لا يسلم هذا الأخير من الإصابات التي هي قضاء وقدر، وقدر لي أن أتوقف عن الممارسة لأزيد من شهر ونصف وسط البطولة بعد تعرضي لإصابة بليغة على مستوى أسفل أربطة الركبة في لقاء اتحاد طنجة، والحمد لله بعد خضوعي لعلاجات مكثفة مصحوبة بحصص الترويض الطبي استرجعت عافيتي واستأنفت نشاطي مع الفريق الجديدي، وبهذه المناسبة أشكر البروفيسور عبد الرزاق هيفتي الذي أشرف على متابعة حالتي الصحية، دون أن أنسى أفراد الطاقم الطبي للدفاع الذين بذلوا مجهودا كبيرا واستثنائيا من أجل تمكيني من العودة بسرعة إلى ميادين التباري، وأسعى جاهدا سواء في التداريب أو المباريات لاستعادة مستواي المعهود، ومن ثمة إسعاد الجماهير الدكالية التي ساندتني كثيرا في محنتي. المنتخب: دورتان فقط ويسدل الستار عن منافسات البطولة الوطنية، كيف تقيم مسيرة الدفاع هذا الموسم؟ المفتول: بكل صراحة، سوء الحظ لازم الدفاع الحسني الجديدي في كثير من المباريات هذا الموسم، خاصة خلال الشطر الأول من البطولة، على عهد المدرب الفرنسي هوبير فيلود، حيث اجتاز الفريق مرحلة فراغ طال أمدها بعض الشيء، بسبب غياب الإستقرار في التركيبة البشرية، لكن ولله الحمد استعاد الدفاع توازنه ومناعته مع المدرب الزاكي بادو العارف بخبايا البطولة الوطنية الذي أحدث ثورة كبيرة داخل الفريق الدكالي الذي سيقول كلمته في الموسم المقبل إن شاء الله. المنتخب: في نظرك، ما هي الإضافة النوعية التي قدمها المدرب الزاكي بادو للدفاع الجديدي؟ المفتول: لنكن واقعيين، الإطار التقني الوطني الزاكي بادو وبما راكمه على مدى عقود من تجارب كروية، خبر تضاريس الملاعب الرياضية، مما مكنه من تحقيق «الديكليك» وإعادة الدفاع الجديدي إلى سابق توهجه، وقد برزت بصمته داخل الفريق، بشهادة العديد من الخبراء والمتتبعين للشأن الكروي الوطني، حيث أصبح الدفاع يقدم مباريات جميلة بفضل العمل الكبير للطاقم التقني للنادي وعلى رأسه المدرب الكفء الزاكي بادو الذي استطاع في زمن قياسي أن يرسخ نهجا تكتيكيا جديدا في أذهان اللاعبين، فهو يؤمن بروح المجموعة والقتالية على رقعة الملعب، باعتبارهما أحد المحددات الأساسية في اختياراته البشرية، والأكيد أن القادم أفضل إن شاء الله مع المدرب القدير الزاكي بادو الذي نجح في بناء فريق تنافسي للمستقبل. المنتخب: ما رأيك في السياسة التي اعتمدتها إدارة النادي باتفاق مع المدرب الزاكي بادو بإعادة الإعتبار للاعب المحلي؟ المفتول: في الحقيقة، هي بادرة طيبة استحسنها الجميع بالجديدة، وخاصة الجماهير الدفاعية، لأن الكثير من العناصر المحلية كانت تنتظر لسنوات فرصتها لحمل قميص الفريق الأول، وبقدوم المدرب الزاكي بادو أعاد الأمل إلى بعض اللاعبين المتألقين ضمن فئة الأمل، وكان وراء اكتشاف عناصر جديدة منحها فرصة إثبات الذات مع الكبار، وكانت في مستوى الانتظارات، وهو شيء يثلج الصدر، لكن دعني أقول لك بأن الزاكي بادو مدرب ديمقراطي له فلسفته الخاصة، فهو يؤمن بالعمل والمثابرة، ولا فرق عنده بين المحليين الوافدين على الفريق. المنتخب: هل بإمكان الدفاع الجديدي العودة من جديد إلى الواجهة والمنافسة على الألقاب الموسم القادم؟ المفتول: لقد شكل الدفاع الجديدي رقما صعبا في معادلة البطولة الوطنية الإحترافية خلال المواسم الأخيرة، بل ترك انطباعا جيدا على الصعيد القاري خلال مشاركته الاخيرة في منافسات عصبة الأبطال الإفريقية، وبقدوم المدرب الزاكي بادو استعاد الفريق شخصيته القوية، وحقق قفزة نوعية في البطولة، إذ أمن مبكرا بقاءه بقسم الكبار، وأصبح من المنافسين الأقوياء على إحدى المراكز المؤدية إلى إحدى المسابقات الخارجية، وبكل تأكيد أنه مع الموجة الجديدة من اللاعبين الموهوبين الذين سيتم تدعيمهم ومؤازرتهم في الميركاطو الصيفي المقبل بعناصر مجربة، سيكون الفريق الدكالي أحد المفاجآت السارة في الموسم القادم، لأن المسؤولين يشتغلون باحترافية وبهدوء كبير، ويخططون لبناء فريق قوي وتنافسي ينافس في المواسم المقبلة على بلوغ منصة التتويج، وبمقدور النادي تحقيق هذا الرهان إذا ما تضافرت جهود كل مكونات أسرة الدفاع. المنتخب: أخيرا، كيف ترى المستوى العام لبطولة هذا الموسم؟ المفتول: في رأيي الشخصي، البطولة الوطنية الإحترافية لهذا الموسم شهدت وجهين مختلفين، حيث لم تبح بكامل أسرارها في مرحلة الذهاب، لكن خلال الشطر الثاني اشتد التنافس وارتفع إيقاع المباريات، حيث انقسمت الأندية الوطنية إلى مجموعتين، واحدة تنافس للظفر باللقب، أو على الأقل ضمان مشاركة قارية، وأخرى تصارع من أجل الإفلات من النزول إلى القسم الثاني، وهذا ما أضفى على منافسات البطولة نكهة خاصة، أضف إلى ذلك غزارة الأهداف في عديد المباريات، الشيء الذي استحسنته الجماهير الرياضية المغربية التي رسمت هي الأخرى لوحات فنية في الملاعب الوطنية، وهي ظاهرة صحية ستساهم بدون شك في الرفع من منتوجنا الكروي.