أما من التحق بخدمة بقية الأمراء المرابطين من أدباء الأندلس في هذا العصر -المرابطين-، ولقوا منهم كل برّ ورعاية فكثير، منهم الفيلسوف الأديب أبو بكر بن باجَة الذي كتب للأمير أبي بكر إبراهيم المعروف بابن تافَلْويِت وحضي عنده حضوةً كبيرة، وله فيه مدائح كثيرة. ولما توفي رثاه بعدة مراتٍ تعبيراً عن وفائه له، لِما كان يجده عنده من مزيد من الرعاية وحكايته معه لمَّا سمع موشَّحةً له في مدحه فحلف لا يمشي ابن باجة لداره إلا على الذهب تأتي في الجزء الثاني. ومدح هذا الأمير أيضا الشاعر ابن سارة الشَّنْتَريني، وهذه الأشعار كلها مذكورة في قلائد العِقيان. ومنهم الفَتْح بن خاقان الكاتب البليغ صاحب كتابي القلائد، والمطمح المعروفين، وقد ألف كتابه القلائد باسم الأمير إبراهيم بن يوسف بن تاشفين، وأشادَ في مقدمته بمحاسنه وبفضله في إحياء رسم الأدب بعد دروسه، وكان هذا الأميرُ مُمدَّحاً مقصوداً من كبار الأدباء الأندلسيين لكرمه وشجاعته وأريحيته الأدبية. فممن مدحه لهم، والوزير أبو بكر بن رحيم، وأبو الفضل بن محمد بن الأعلم الشَّنتمري وأبو عامر بن عَقيد وأبو الحسن بن نيفون وغيرهم، ومدائحهم له ثابتة في القلائد والمُغرب لابن سعيد، ما يمنعنا من إيرادها إلا خشيةُ التطويل. وكان الأمير عبد الله بن مَزْدلي مثل الأمير إبراهيم في قصد الأدباء ومدحهم له، وممن مدحه القاضي أبو محمد بن عطيَّة صاحبُ التفسير، والوزير أبو جعفر بن مَسْعدة، وكان كاتبا له، والوزير أبو عامر بن أرقم له فيه قصيدة بارعة. ولهذا الوزير مقامة أدبية في اسم الأمير تميم بن يوسف الذي كان هو أيضا مألف أهل الأدب ومَعْقِد آمالهم.. عن كتاب النبوغ المغربي في الأدب العربي تأليف عبد الله كنون دار الثقافة، ج: الأول، ص: 82-83.