جلست و«التخنْزيز» بعينيها تتأملني قبل فنجاني قالت يا ولدي ما الذي جاء بك؟! طلبت منها أن تتنبأ لي بمستقبل الكرة في بلدي وتكشف لي طالعه والكاشف هو الله.. تجهم وجهها وبدأت في سخط تصب اللعنات فلم أعرف نهائيا إن كانت هذه اللعنات مُوجهة إلي أو إلى شياطينها أو إلى شياطين الكرة، فنطقت ونبرات صوتها أقرب إلى العزاء «مع هادُو والله ما طفروه»، قلت لها والله لو سمعك إخواننا لقاضوك وحبسوك وغرّموك 600 مليون أو أكثر بحجة أنك تصبين الزيت على النار وتنشرين ثقافة التيْئيس. على الجميع أن يبث إشارات إيجابية، أن يرفع المعنويات أو يسكت.. التفتت يمينا وشمالا وتداركت قائلة «إذن سأغني لك يا ولدي أغنية «كولوا العام زين»، اقترحت عليها تغيير كلمة «العام» واستبدالها بكلمة العشب الاصطناعي، سيكون ذلك أفضل لأن الأمر سيروقهم، سألتني بعد أن حركت الفنجان يمينا وشمالا منزعجة من الحرارة التي صعد مؤشرها « آش هاذ الحرارة و«السخونية» في فنجان الكرة؟ ماذا يحدث عندكم؟ المسكينة لم تكن تعرف ماذا يجري قلت لها وأنا أحاول ترتيب أفكاري، «تصوري يا سيدتي أن قيادتنا الرياضية عجزت عن حل مشكل أقل ما يقال عنه أنه مشكل بسيط، ولم تعد قادرة على طي ملف عادي، فالعيون شاخصة وتائهة والأنفاس محبوسة ومتقطعة الجميع يا أختي «الشوافة مولات لعلام» التي لم تشف شيئا ينتظر إطلالة زائر ليس ككل الزوار، فشيء طبيعي إذن أن يكون هناك صعود في درجة حرارة التوتر والقلق والشك والظن والترقب والحيرة..عذرا أختي العرافة «ما كاين ما يدّار هما عزيز عليهم يِلاَهِيوْنا واحنا الشعب عزيز علينا نتلهاو واش فهمتي»؟ قاطعتني قائلة بأن بحيرة كرتنا مليئة بالتماسيح ويا ويْل من يدخل بحيرتنا ومُستنقعنا. استوقفتها لحظة لأنبهها لوجود ديناصورات، نعم تلك الديناصورات التي كذبوا علينا وقالوا إنها انقرضت، لم تدعني أكمل جملتي حتى دندنت وبلهجة مصرية «مصروعة» «ابعد عن الشر وغني لو» فاجأتها بسؤال إن كان دينصورنا يُخيفها هي أيضا، تركت الفنجان يسقط من يديها وبدأت تقضم أظافرها، ثم حكت على رأسها بقوة كمن يبحث بين أحداث الذاكرة عن ملف قديم.. «كم من حضارة يا بني سادت ثم بادت، قد تظهر الديناصورات بين فينة وأخرى، لكن ربك دائما يجعل وادي الزمان يجرفها والنسيان يطالها.. ربك الذي يُمهل ولا يُهمل يقول للجميع وللديناصورات على الخصوص «إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا»، أقنعتني قارئة الفنجان بكلامها الذي تحسّن منذ اللحظة التي حكّت فيه رأسها وعادت لتمسك الفنجان ثانية واضعة علي سؤالا أشبه بالمطب: «وأنت مالك آش حْرقْ شطاطتك مالك ومال هاذ الصداع»؟!! قلت لها إنه إذا كانت المصلحة هي التي تحرك التماسيح والديناصورات والطمع يُغذيهم، والمناورة تصاحبهم، وتصفية الحساب تنعشهم، فإني كغيري من أوفياء هذا البلد شيء واحد يحركنا، يُغذينا، يصاحبنا ينعشنا لا ينافقنا ولا ننافقه لا يُجاملنا ولا نُجامله شيء واحد اسمه حب هذا الوطن.. وهنا تعالى ضحكها فلم أدر إن كان ضحكها عليّ أو على الديناصورات أو على الوطن أو على نكته جاءتها عبر الإيميل الروحاني من أحد شياطينها، أشارت للباب ففهمت أن علي أن أغادر وهذا ما فعلت بعد أن وضعت في يدها بعض ما تيسّر.. وأنا أغادر المكان كانت قارئة الفنجان قد فتحت جهاز راديو كان قريبا منها لتصل إلى مسامعي أغنية قديمة من أغاني المجموعات فيها حمولة من التفاؤل الصدئ. «مازال تدور الدورة وتعود القمحة مطمورة والساقية تروي الدشورة.. مازال يعمّ الخير»...